السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

التنمر موروث جاهلي ومرض نفسي

الإثنين 20/مايو/2024 - 07:20 م

التنمر هو سلوك عدواني من شخص نحو آخر أضعف منه، ويكون بصفة مستمرة ومقصودة لإحداث أذى نفسي، فهو بشكل أعم نوع من الإيذاء والسخرية والإساءة موجه إلى فرد أو مجموعة من الأفراد، لما يرى فيهم المتنمر الضعف والدونية، وهو سلوك مرفوض في الإسلام، وقد حذر منه القرآن الكريم في قول الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم.

ولـ التنمر أنواع عدة:

فهناك تنمر باللسان وهو التجريح والإساءة بالقول، وهو ما يسبب للمتنمر في حقه نوع من الأذى النفسي والاكتئاب، وربما يؤدي به إلى العزلة ومن الممكن أن يصل به الأمر إلى الانتحار. 

وهناك التنمر بالأيدي، وهو التعدي على الشخص بالإيذاء البدني، لأن المتنمر يرى في الشخص ضعفا وعدم قدرة على الرد.

وهناك أيضا تنمر اجتماعي، ويعني التسلط على أحد بالتنفير منه، وعزله، والمناداة بترك صحبته، والتحذير منه؛ ليبقى وحيدًا طريدًا، ومنه التنمر الجنسي، وهو إيذاء الشخص عن طريق إطلاق العبارات الجنسية الجارحة، أو الملامسات غير اللائقة التي تقهر المعتدى عليه، وتودي به إلى القلق والانطواء والقهر.

فالتنمر في مجمله هو موروث جاهلي، كان فيه أهل الجاهلية يتنابزوا فيه بالألقاب المشينة والمسيئة في حق من يتنمر ضده، وجاء الإسلام فنهى عن ذلك وحرمه أشد التحريم لأنه يحدث الفرقة بين المسلمين، وبل بين البشرية جمعاء، ووعد فاعله بالعذاب الأليم في الآخرة.

وإذا كانت التقارير الخاصة بالطب النفسي تشير إلى أن أول ظهور للتنمر كان في المدارس، فهذا من منظور المجتمعات الغربية، أما في المجتمعات العربية والإسلامية فكانت القرية والنجوع البعيدة عن القيم والتعليم أول من ظهر فيها التنمر بالمفهوم الحديث، بل كانت شائعة في مثل هذه البيئات البعيدة عن التقدم والحضارات، أكثر منها في المدن.

كما أن التنمر قديم قدم الزمان، وهو من علامات الجاهلية، والدليل على ذلك قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، فنسب التنمر إلى الجاهلية.

ومن وجهة نظري، إن التنمر ينتشر غالبا في المجتمعات التي يسودها الفقر، ويعلوها العصبية والتفاخر، والمتنمر يكون عنده نقص من تعليم ووعي، كذا يكون مريضا نفسيا ويفتقد غالبا إلى السلام النفسي، لأن أغلب ضحاياه يظهرون أمامه بالضعف والانكسار.

ويذكر أن المنظمات الدولية أقامت لمحاربة التنمر منتديات ومؤتمرات وأصدرت توصيات للدول والحكومات، هذا ما تبين لي من خلال دبلومة حقوق الإنسان، لكن مردود هذه التوصيات والمؤتمرات كان ضعيفا للغاية؛ لأنه يفتقر بصورة كبيرة إلى توجيهات الدين الإسلامي، ودون تعصب مني فهذه رؤية حقيقية بل من واقع إفرزه لنا منهجا ديننا بين لنا كيف يكون علاج هذه الظاهرة.

لذا أطالب بالرجوع إلى الأحاديث النبوية، مثل حادثة أبي ذر مع بلال رضي الله عنهما؛ لنتعلم كيف يكون علاج حالات التنمر التي تحدث بين أفراد المجتمع الواحد، حتى نرى مجتمعاتنا خالية من هذه الظاهرة البغيضة التي تأباها النفوس السوية والقلوب السليمة.

والخلاصة.. هل هناك شخص يولد متنمرا؟ طبعا لا يولد الإنسان متنمرا، ولكن قد يكتسب هذه الصفة الذميمة من البيئة والعادات والتقاليد والأعراف الموروثة في البيئات التي تعتمد على نظام القبائل والعائلات.

تابع مواقعنا