دماء جديدة في شرايين الوطن
قامت الحكومة المكلفة بحلف اليمين الدستورية أمام الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ظهر الأربعاء الماضي وكذلك المحافظين الذين تولوا المسئولية.
نعم هي حكومة جديدة فعليا لما شملته من تغييرات كبيرة لم تكن أغلبها متوقعة، ولأن إرضاء الجميع غاية لا تدرك فإنه دائما تكون الأمور في إطار النسبة والتناسب وبهذا المعيار نجد أن هناك حالة من القبول للوجوه الجديدة، التي حتما ستكون مدركة جيدا حجم التحديات التي تواجهها ومدى الآمال المعلقة عليها لأننا في ظروف استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويتطلب ذلك أداء غير عادي من الجميع حتى تتحقق التنمية المنشودة.
لا شك أننا نعيش منذ فترة ظروفا غاية في الصعوبة تتعلق بحياة الناس، نظرا لموجات الغلاء المتتالية والتي لابد من توقفها بكل وسيلة ممكنة، وذلك هو التحدي الأهم، وقد قرأنا بعض التصريحات لوزراء فور توليهم مهام منصبهم وجميعا تدعو للتفاؤل، والأمل في غد أفضل يستحقه هذا الشعب الذي تحمل الكثير من الأعباء، التي أثقلت كاهله وتركت آثارا اجتماعية سيئة ربما لم ينتبه إليها أحد وسط حالة التيه الدائرة منذ فترة طويلة.
علينا أن نتمسك بالأمل دائما مهما كانت الظروف لأنه الطريق الوحيد أمامنا، ولا بديل له لدى كل من يحب هذا الوطن، ويتمنى له الخير والاستقرار، وذلك يقطع الطريق على دعاة التشاؤم الذين يتربصون ليل نهار، وتملأهم الرغبة في مزيد من التراجع طمعا في إحداث فوضى لا يمكن أن تكون شيئا مفيدا إلا لأعدائنا وكارهي الخير لوطننا وشعبنا.
ومما يجعل فكرة الأمل واردة أن الحكومة الجديدة صحبتها حركة محافظين طالما انتظرناها خاصة في محافظات معينة، شهدت تدهورا كبيرا، ولعل ما تداوله رواد التواصل الاجتماعي يوضح ذلك جيدا، وبالنظر إلى الأسماء المستبعدة سوف نجد أن الأمر جرى بمنتهى الدقة والتقييم الصحيح، وأكبر دليل هو مكافأة من أثبت جدارة خلال عمله كمحافظ مثل الدكتورة منال عوض التي تولت حقيبة وزارة التنمية المحلية كأول سيدة تحصل على هذا المنصب، لما حققته من نجاحات خلال فترة عملها كمحافظ لمدينة دمياط، وهي من الوزارات المهمة للغاية نظرا لأن ملف المحليات يحتاج إلى نظرة شاملة ومراجعة واسعة على كافة المستويات.
ليس عيبا أن نقول هناك أخطاء لابد من تصحيحها، لأن ذلك وارد في كل مكان، ولكن العيب أن نصمت بل قد يتجاوز إلى حد الجريمة بحق الوطن والشعب، وذلك ما عبرت عنه التغييرات التي نقدرها ونشكر القيادة السياسية عليها، لأنها بالفعل استجابت لنداء الغالبية العظمى باستبعاد شخصيات معينة لم تنجح في تقديم أي شيء للمصريين، بل كانوا سببا في معاناتهم، وهنا لا أوافق على القول إن الكل سواء لأنه مردود عليه، وما هو إلا لإحباط الناس فقط.
نعم يمكن أن تكون هناك سياسة عامة للدولة ولكن تطبيقها يختلف من شخص لآخر، وهناك من يبدع ويبتكر وآخر فقط يؤدي عملا بشكل روتيني، بل أن الذمم تختلف وهذا غاية في الأهمية.
علينا جميعا الآن التفاؤل وعدم بث الروح الانهزامية بين بعضنا البعض، فهناك بكل صراحة ما يجعلنا نطمئن بأن القادم فيه خير، لأن الجميع يسعون لذلك، كونه يصب في صالح المسئول قبل المواطن، فالمناصب لا تدوم ولكن تبقى السيرة الطيبة.
في النهاية لا بد من التأكيد على أن كل وطني محب لهذا البلد، يتمنى نجاح الحكومة الجديدة في مواجهة كافة العقبات، وتلبية جميع الطموحات، وذلك ليس بالأمر الصعب إذا تم تحديد الأولويات، وتقييم الأمور بشكل دقيق أقرب للواقع، مع الضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه إهدار المال العام أو التربح من منصبه أو وظيفته أيا كانت والعبث بمقدرات هذا الوطن.
وعلى كل من يتولى مسئولية أن يدك أنها أمانة ثقيلة لابد أن يؤديها وليست وجاهة اجتماعية وفقط وهكذا تصبح الأمور بخير إن شاء الله.