مع تحقيقها أعلى نسبة وفيات أطفال حول العالم.. جدل في باكستان حول تجارة حليب الأمهات
أثار خبر إغلاق بنكا لحليب الأمهات في باكستان جدلًا واسعًا بين رجال الدين والأطباء، حيث بعضهم كان يرى في ذلك ملاذًا آمنًا للأمهات اللائي حال المرض دون إمكانية إرضاعهن لأطفالهن، فيما تناولت صحيفة الجارديان البريطانية أزمة بنوك الحليب في باكستان.
بداية الأمر في ولاية كراتشي، حيث سبب خبر إنشاء بنك لحليب الأمهات ارتياحًا كبيرًا لكثير من الأمهات المرضى، وتحدث محمد منور، قائلًا أن زوجته المريضة وابنهما الرضيع لا زال بعد في المستشفى، وأنه يتعين عليه أن يجمع الحليب خمس أو ست مرات يوميًا من قريبات مختلفات يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية.
لكن القدر لم يمهل منور طويلًا، حيث فوجئ بإغلاق بنك حليب الأمهات في الشهر الماضي، بعد تصاعد الاعتراضات من رجال الدين المسلمين وسط خيبة أمل أصيب بها الأطباء الذين قاموا على إنشاء البنك لسنة ماضية.
من جانبه، قال الدكتور جمال رضا، المدير التنفيذي لمعهد السند للطفل: كنا نعمل في البنك لمدة عام، وأجرينا مناقشات مكثفة مع رجال الدين من جامعة دار العلوم في كراتشي خلال الأشهر الثمانية الماضية، من أجل إنشاء أول بنك للحليب على الإطلاق في باكستان، بالتعاون مع اليونيسيف.
وأضاف أن العلماء أثاروا العديد من المخاوف، وتمت معالجتها جميعًا، وبعد الحصول على موافقة المعهد اللاهوتي أخيرًا، تم افتتاح البنك في 12 يونيو.
وأضاف أنه في وقت لاحق سحبت الفتوى وتم استبدالها بنصيحة جديدة مفادها أن المستشفى سيجد أنه ليس فقط من الصعب، بل من المستحيل تقريبًا الالتزام بالشروط الصارمة التي وضعها رجال الدين في المؤسسة.
وقال حافظ محمد طاهر محمود أشرفي، رئيس بنك الحليب البشري: قد يكون هدف الأطباء الذين أرادوا إنشاء بنك الحليب البشري حسن النية، لكننا نتفق مع جامعة دار العلوم كراتشي، ولا نعتقد أنه يحتاج إلى تشجيع.
من جانب آخر فقد رفض مجلس علماء باكستان، تقديم تفاصيل حول القرابة، وأن الدين الإسلامي ينص على أنه عندما يتغذى طفل من امرأة ليست الأم البيولوجية، فإن أي زواج مستقبلي محظور بين هذا الطفل وأي من أطفال المرأة.
ومما يزيد من تفاقم القلق أنه يوجد 750 بنك حليب في حوالي 70 دولة، يكون المتبرعون مجهولين ويمكن جمع الحليب من عدة مصادر.
ومع ذلك، قال رضا إن هذا لن يكون مشكلة، حيث أن الفتوى الأصلية سمحت بخلط حليب ثلاث إلى خمس أمهات كحد أقصى ولكننا نعتزم الاحتفاظ به لأم واحدة تتبرع لطفل واحد في كل مرة.
وقالت الدكتورة أزرا بيتشوهو، وزيرة الصحة في إقليم السند: عندما يكون هناك نظام تعريف رقمي متطور بشكل مناسب في باكستان، فإن الاحتفاظ بسجل عن أي طفل حصل على الحليب ومن أي امرأة ليس بالأمر الصعب.
الأطفال المبتسرين
وأضافت أن الدولة يجب ألا تدع هذه الفرصة لإنقاذ حياة الأطفال المبتسرين تضيع بسبب هذه القضية التي من الواضح أنها قابلة للحل.
وقال الدكتور حسن جبار، من وحدة حديثي الولادة، إن إيان ليس الطفل الوحيد الذي يتعرض حياته للخطر، حيث تضم الوحدة، في المتوسط، ما بين 5 إلى 8 أطفال مبتسرين.
وأضاف طبيب آخر، أن الأطفال المبتسرين لديهم حماية مختلفة للغاية ضد البكتيريا الموجودة في أمعائهم، إذا تم تغذيتهم بالحليب الصناعي، فإنهم معرضون لخطر كبير للإصابة بعدوى حادة في الأمعاء تسمى التهاب الأمعاء والقولون الناخر، والذي يؤدي إلى معدل وفيات مرتفع للغاية.
ولهذا السبب، قالت بيتشوهو: إذا أردنا أن يبقى أطفالنا المبتسرون على قيد الحياة، يجب أن يكون لدينا بنوك حليب بشري في جميع مستشفيات الولادة والأطفال.
ويشار إلى أنه من بين ما يقرب من 15 مليون طفل يولدون قبل ميعاد الولادة في العالم كل عام، يموت ما يقرب من مليون بسبب المضاعفات.
باكستان تسجل أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم
ووفقًا للمسح الديموغرافي والصحي في باكستان لعام 2018، يبلغ معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة في البلاد 42 لكل 1000 مولود حي، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن 48% فقط من الأمهات الباكستانيات يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية، وهي نسبة أقل من بنجلاديش 65%، والهند 64%، وفي سريلانكا، 82% من النساء يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية في الأشهر الستة الأولى.