تجربة تستحق التعميم.. البسايسة أول قرية تعتمد على الطاقة الشمسية في مصر
تظل حياة البشر رتيبة حتى يقوم أحدهم بكسر جمود الحال وتحريك المياه الراكدة وسلوك طريقًا ربما هو الأول الذي يسير فيه داخل مجتمعه، حتى يُصبح الطريق فيما بعد مثار اهتمام وحديث الغالبية، وربما دفعهم نجاحه لأن يحاولون استنساخ تجربته والسير على دربه.. ذاك ما جرى ببساطة داخل قرية البسايسة التابعة لنطاق مركز ومدينة الزقازيق في محافظة الشرقية قبل نحو نصف قرنٍ من الزمان؛ عندما عكف الدكتور صلاح عرفة أستاذ الفيزياء وأحد علماء الطاقة المتجددة على تنفيذه عندما بدأ تطبيق الاعتماد على الشمس كمصدر للطاقة داخل بلدته، حتى وصل الأمر في النهاية إلى ذياع اسم البلدة وسط إشادات تُطالب بتعميم التجربة.
البسايسة.. حكاية أول قرية تعتمد على الطاقة الشمسية في مصر
الدكتور صلاح عرفة حصد علمًا غزيرًا لكنه كحال القلائل من العلماء أراد أن ينفع بعلمه الناس؛ فراح يُحببهم في الطاقة المتجددة بأن يريهم كيف يمكن تشغيل الأجهزة دون الاعتماد على الكهرباء، وهو شيء آثار إعجاب الجميع واهتمامهم آنذاك حسبما يقول محمد منصور، أحد أهالي القرية ممن كانوا شاهدين على بداية التجربة ونجاحها.
كان العالم يُعلم أبناء البلدة كيفية الاستفادة من الطاقة الشمسية وتطويعها بأقل الإمكانيات المتاحة؛ فهو الذي عود الطلبة منهم - في سبعينيات القرن الماضي - على كيفية صناعة سخان مياه بإمكانيات بسيطة ومتوفرة عبارة عن قش أرز ولوح خشبي بسيط يتم طلائه باللون الأسود يكن بمثابة أداة تجميع أشعة وضوء الشمس وحرارتها والاحتفاظ بهما، على أن يتم الاستعانة كذلك بماسورة من النحاس تتخذ أشكال حلزونية - سربانتينة - يدخل منها الماء ويمر عبرها لترتفع حرارته بواسطة الطاقة الشمسية، ويوضح العم محمد منصور لـ القاهرة 24، كيف تعلم وغيره من أبناء القرية تلك التجربة على يد الدكتور صلاح عرفة منذ نحو أربعة عقود وأكثر.
يلتقط طنطاوي السيد مسؤول الطاقات الجديدة والمتجددة بجمعية تنمية المجتمع بقرية البسايسة، أطراف الحديث كاشفًا لـ القاهرة 24 آلية عمل ألواح الطاقة الشمسية، قبل أن يشير إلى أن الاعتماد على الطاقة الشمسية نجح في القرية وبدأ الأمر يأخذ منحنى نفع عام لأهالي القرية مطلع الألفية الجديدة؛ عندما جرى تدشين جمعية تنمية المجتمع بقرية البسايسة وإشهارها تحت مظلة التضامن الاجتماعي كمؤسسة غير هادفة للربح، تم من خلالها فتح آفاق جديدة للتصنيع وتجهيز العرائس، بالإضافة إلى تركيب خلايا الطاقة الشمسية وتوصيل الطاقة لعدد من منازل البلدة نظير مقابل شهري بسيط.
يشير طنطاوي، إلى أن حجم الاستفادة من خلايا الطاقة الشمسية الموجودة أعلى مبنى الجمعية حاليًا يُساهم في توفير الطاقة داخل الطوابق الثلاثة الخاصة بالجمعية في المبنى، بالإضافة إلى مسجد القرية و6 منازل قريبة، قبل أن يوضح ارتفاع تكلفة إنشاء محطات الطاقة الشمسية لارتفاع أسعار ألواح تجميع الطاقة المصنوعة من السيلكون، والتي يتم استيرادها بالكامل، لكنه لم يستبعد حدوث انفراجة كبيرة في توفير سبل الاعتماد على الطاقة الشمسية حال دخول البلاد في تصنيع تلك الألواح هنا على أرض مصر.
