ماذا بعد إسماعيل هنية؟
استيقظنا جميعا صباح الأربعاء الماضي على خبر اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس وزراء فلسطين الأسبق، الذي وصل إلى منصبه عبر انتخابات فازت فيها الحركة لكن ذلك واجه عقبات كثيرة لعدم رضا الاحتلال عن رؤية حماس في نظام الحكم الفلسطيني، وبعد فترة قليلة أقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن الحكومة وأعلن حالة الطوارئ.
وصل إسماعيل هنية إلى إيران صباح الثلاثاء في زيارة هدفها حضور مراسم تنصيب رئيسها الجديد مسعود بزشكيان، وقد كان آخر ظهور لهنية معه قبل ساعات من عملية اغتيال مفاجئة نفذها الكيان الإسرائيلي، لم يتم الإعلان عن تفاصيلها حتى الآن من الجانب الإيراني الذي قال إن التحقيقات جارية.
بالطبع لا يمكن استباق الأحداث ولكن في أقل التقديرات ما حدث يقول بأن هناك اختراقا أمنيا كبيرا في إيران مكن من تنفيذ عملية الاغتيال تلك بهذه الدقة.
بالطبع تلك الحادثة الخطيرة سوف تكون لها تداعياتها الإقليمية، وما بعدها لن يكون كما قبلها لأن اغتيال شخصية بحجم إسماعيل هنية وخاصة على الأرض الإيرانية ليس بالحدث السهل، ولكن إلى أي مدى يمكن أن تذهب الأمور، وهل هكذا تكون قد توقفت المفاوضات التي تجريها حركة حماس من أجل وقف إطلاق النار في غزة، أم سوف يتم استئنافها، وربما تقف الحرب في القطاع وتندلع بالجبهة الشمالية على الحدود اللبنانية، خاصة أنه في نفس توقيت اغتيال هنية تم مقتل فؤاد شكر القيادي الكبير في حزب الله إثر غارة جوية إسرائيلية، وقد أعلنت وكالة فارس مقل مستشار أمني إيراني كبير أيضا في نفس الغارة.
مشهد معقد يشعله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يريد للحرب بشكل عام أن تتوقف حتى تطول فترة وجوده في الحكم، ولو أدخل المنطقة في حرب شاملة، وهو يجر أمريكا التي تبدو مستسلمة له تماما معه إلى هذا الطريق.
ربما تكون عملية اغتيال هنية مدخل نتنياهو لإبرام صفقة مع حركة حماس، ويكون قد قدم لمعارضيه في ذلك صورة نصر بهذا الفعل، حتى يتمكن من استعادة الأسرى الذين أصبحوا أكبر همه لما يواجهه في الداخل الإسرائيلي بعد فشله على مدى 10 أشهر تقريبا في استعادتهم، رغم كل الإجرام الذي مارسه وخسائر قواته وهزيمتهم الدائمة أمام المقاومة في قطاع غزة، وهو أيضا يعلم تماما أن الحركة رغم ألمها الشديد لاغتيال هنية إلا أنها إذا وجدت صفقة تضمن وقف تام لإطلاق النار، فإنها لن ترفضها وسوف تمضي فيها من أجل رفع المعاناة عن المدنيين.
ولكن السؤال المهم هنا.. هل غياب إسماعيل هنية عن المشهد من شأنه إضعاف الحركة أم أن بنيتها أقوى من التأثر بفقد الأشخاص مهما كان حجمهم، والحقيقة أن تاريخها يقول إنها تصبح أقوى وليس العكس، لأن بنيتها تقوم على النظام المؤسسي والتسلسل القيادي الذي يراعا فيه غياب أي قائد في لحظة، كونهم جميعا مستهدفين فيصعد بديله تلقائيا، وذلك يدركه قادة الكيان المحتل ولكنهم بعد أشهر من الهزيمة في غزة فقط يبحثون عن صورة نصر وهمية يقدمونها للرأي العام الذي ضاق بهم ذرعا.