الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

زلات اللسان

الجمعة 16/أغسطس/2024 - 08:14 م

الكلمة لها أثر كبير على النفس، فالكلمة الطيبة صدقة، تقرب الناس وتزيد الألفة والتراحم، وتجبر الخاطر، والكلمة الخبيثة تزيد الشقاق والتباعد.
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).
وقال صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)، فاللسان سيف قاطع لا يؤمن حده، والكلام سهم نافذ لا يمكن رده، ومن حسن إسلام المرء قلة كلامه وصيانة لسانه ومراقبته. 
فالكلمة أنت تملكها ولكن عندما تنطق بها لم تعد ملكا لك، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها قد تعود إليك الكلمة الطيبة بالثناء وقد تقذف بك الكلمة الخبيثة إلى حيث لا تقدر على المواجهة.
ومنذ أيام ظهر علينا إعلامي المفترض أنه يملك الحنكة والثقافة ولكن كالعادة بتغلل المحسوبية والوساطة يطل علينا أشخاص غير مرغوبين فيهم ليقذفوا في وجوهنا حمما بركانية ترد عليهم لتحرقهم، عندما قال هذا المدعو في برنامجه التليفزيوني: قولولي إيه في المواد الأدبية مفيد هذه الأيام.. إيه الاستفادة من دراسة التاريخ 3 سنوات.. بلاش شعارات وخلونا في اللي بيأكل عيش ويجيب تقدم.. يدرس جغرافيا ليه؟.. فلسفة ومنطق هيعمل بيهم إيه؟.. آخره يبقى مدرس.. وكفاية تاريخ وفلسفة، خليه يعرف مستقبله.
وتعرض لهجوم شديد موصوما بالجهل وعدم الوعي والثقافة، وتبارى الجميع ليوضح له جهله وأهمية دراسة العلوم الإنسانية ولم يقبل اعتذاره، والجيد حقا هو تكاتف المصريين وحرصهم على مناقشة أمورهم وأنهم غير خاضعين لتعليمات أو تأثير يقاومون كل شاذ ويتفاعلون بحق مع كل قضاياهم، ويتابعون بدقة كل ما يخص الوطن، ولقد دخلت في مناقشات قوية لمناقشة نظام الثانوية العامة الجديد وكيفية النهوض بالوطن وأن التعليم هو خط البداية ولابد من وضع رؤية مستدامة يتبعها الجميع، فالثانوية العامة منذ عقود وجميع من تولى حقيبة وزارة التربية والتعليم يعبث بها طبقا لرؤيته الشخصية والتاريخ شاهد على هذا العبث. 
لكن دعونا نتذكر أشهر زلات اللسان والتي أطاحت بقائليها، ومن أشهر من أطاحت بهم الكلمة المستشار محفوظ الأنصاري وكان وزيرا للعدل حين صرح في برنامج تليفزيوني بأن (ابن عامل النظافة لا يمكن أن يصبح قاضيا، فالقاضي لا بد أن ينشأ في وسط مناسب)، وكالعادة وقف له المصريون بالمرصاد وقدم استقالته مبديا اعتذاره لكل المصريين، وأنه ابن رجل بسيط غير متعلم كافح ليعلم أبنائه وأنه يحترم المصريين جميعا، ورغم ذلك استقال بضغط المصريين على السوشيال ميديا.
وكذلك المستشار أحمد الزند وقع في نفس الخطأ عندما كان ضيفا في برنامج تليفزيوني وهو يسأل عن من يتعرضون له ولعائلته فقال: إن مكانهم السجون وعندما رد المذيع هتسجن صحفيين فوقع الزند في زلة لسانه والمفترض أن يعاقب عليها بتهمة ازدراء الأديان، عندما قال: إن شالله يكون النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تفلح محاولاته بعد الاستغفار والاعتذار وتوجهت إليه سهام المواطنين حتى أعفي من منصبه.
وكان من أشهر الوزراء في مصر تجاوزا هو وزير الداخلية في عهد مبارك ذكي بدر، ولعل الفيديو الشهير وهو يسب ويلعن فؤاد سراج الدين باشا ويذكر اسم أحد السيدات قريباته وتدخل النائب الوفدي طلعت رسلان وصفع بدر بالقلم على وجهه مما جعل بدر يضربه بحذائه ويتمادى في السب والقذف، وبعدها ظل في منصبه حتى فاقت تجاوزاته كل الحدود وأهان النظام كله بمسؤوليه فتمت إقالته.
ومع أن وقتها لم يكن هناك مواقع تواصل اجتماعي إنما تابعنا تلك الفيديوهات التي تم تسريبها وأعتقد أنه لو في زمننا هذا لن يكمل يومه في الوزارة، لكن حقا أصبح العالم قرية صغيرة جدا، وتصنع وسائل التواصل قوى ضغط رهيبة وتقيم ثورات واحتجاجات في بلدان، ولم يعد بالإمكان تفاديها فإن كان خيرا فتكون الإشادة من نصيبه وأن كان شرا فسهامهم مصوبة للنيل من كل من يخطئ.
ولعلنا نتذكر تصريح الفريق أحمد شفيق وهو في أحد البرامج التليفزيونية إبان حكم المجلس العسكري باقتراحه بتحويل ميدان التحرير إلى هايد بارك ويتم توزيع البونبوني به والغذاء فهاج المتظاهرون ضده ولم تهدأ ثورة غضبهم إلا بعد أن قدم استقالته.
وفي دول العالم يتم رصد كل ذلة لسان سواء لمسؤول أو غيره، منها ما يكون عن غير قصد فيتم تجميع بعض تلك الزلات لتكون فقرة مضحكة، لكن هناك زلات لا يمكن التغاضي عنها وإن كانت تمس العقيدة أو الشرف أو الوطن والمصلحة العامة، سيتصدى لها الجميع بالمرصاد.. فإن أحسنتم أحسنا وإن أخطأتم فلتتحملوا جريرة خطئكم.

تابع مواقعنا