ريم حامد من قمة العلم إلى غيابة الجُب.. من القاتل؟
أقرُّ أنا ريم حامد طالبة دكتوراه في فرنسا في أشد الحاجة لتبليغ الجهات المعنية في مصر، لأني تحت المراقبة وأجهزتي مخترقة، وفوق هذا حاليا يتم جبري للسكوت والصمت وعدم التبليغ.. بتلك الكلمات خطت ريم حامد طالبة الدكتوراه بمعهد بيولوجيا الخلية التكاملية بـ جامعة باريس، رسالة أسرت بها أذهان المصريين بعد وفاتها الخميس الماضي، في فرنسا، متسائلين عن أسباب فقدان الباحثة لحياتها قبل أن تكمل عقدها الثالث من العمر، تاركة فيضًا من الاتهامات بتعرضها للاغتيال من قبل مجهولين لم تسميهم.
لكن اللافت في منشورات ريم حامد على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، هو اعترافها بأنها شاركت من وجهت إليهم الاتهامات في جرائمهم التي قالت إنها جرائم تجسس واستخدام التوجيهات السياسية داخل محيط العمل وسكن الجامعة للتجسس قائلة: أنا أرفض العمل في هذه الظروف، أنا تحت ضغط ومراقبة ومؤخرا يتم تهديدي بحياتي، والمحرك لهذا هو رئيس الوحدة التي أعمل بها، لتوجه بذلك اتهاما مباشرًا بتعرضها للمراقبة والمضايقات من قِبل رئيس الوحدة التي تعمل بها.
وبالعودة إلى معهد بيولوجيا الخلية التكاملية في جامعة باريس الذي كانت تدرس به ريم حامد، تبين أن آخر أبحاثها المنشورة كان بعنوان الشيخوخة واستقرار الجينوم، بصفتها متدربة رئيسية ضمن فريق بحثي يترأسه شخص يدعى Carl MANN، ومُعرف بأنه قائد المجموعة مدير الأبحاث، إذ أوضح البحث أن الشيخوخة الخلوية هي استجابة ضغط للخلايا الثديية تؤدي إلى توقف استقرار التكاثر، وترتبط بتعبير جيني مميز يشمل تعبير الجينات الالتهابية.
تواصلنا في القاهرة 24، مع جامعة باريس بشأن وفاة ريم حامد الغامضة، والتي أجابت من جانبها بأنها غير مخولة بالرد على الاستفسارات بشأن الواقعة، إذ تجري الشرطة الفرنسية تحقيقات لكشف ملابسات الحادث، وهو ما دفعنا على مدار 3 أيام متتالية للتواصل مع شرطة العاصمة الفرنسية باريس، عبر موقعهم الرسمي لمعرفة ما إذا كانت الوفاة جنائية أم لأسباب أخرى، لكن دون الحصول على إجابة من الجانب الفرنسي.
أين عثر على جثمان ريم حامد؟
ومن فرنسا أيضًا قال عبد الرحيم الخولي، الأمين العام لرابطة الجالية المصرية في فرنسا، وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام للمصريين في الخارج، إنه تم العثور على جثمان ريم حامد أمام المنزل الذي تقيم به في باريس، أي ليست بغرفتها، مشيرا إلى أن التحقيقات ما زالت جارية لمعرفة سبب الموت، والتأكد من وجود شبهة جنائية للوفاة من عدمه.
وأوضح الخولي في تصريحات لـ القاهرة 24، أن السلطات الفرنسية متحفظة بشأن الكشف عن الآثار الموجودة على جثمان ريم حامد لحظة العثور عليها، وأنه لم يتم الكشف عنها، مبينًا أن ريم حامد كانت تدرس في فرنسا لإتمام رسالة الدكتوراه في تخصص البيولوچيا التكاملية، وأن تخصصها ليس المجال النووي كما روج البعض بأنها تعرضت للاغتيال، جراء دراستها في أحد التخصصات النووية.
وفي ذلك أردف الدكتور تحسين شعلة رئيس قسم التكنولوجية الحيوية بجامعة مصر، أن أبحاث ريم حامد تعمل على تحديد قدرات بعض الخلايا في أجسام الإنسان والحيوان، لدرجة تصل إلى منع ظهور أعراض الشيخوخة أو التحكم في تطور الخلايا السرطانية، وأن العديد من أبحاثها سلطت الضوء على تحديد الجينات التي لها دور في الشيخوخة، واستخراج علاج فعال لـ السرطان، من خلال دراسة أحد الجينات القائد لمجموعة من الإنزيمات الهامة في جسم الإنسان ولها دور فعال في ردود أفعال الجهاز المناعي ضد أي إصابة.
واستكمل لـ القاهرة 24، لعل ريم حامد توصلت من خلال بحثها الأخير إلى وجود جين في إحدى الخلايا الثديية قادر على التحكم بـ إطالة فترة عمر الإنسان، ما يعطي للباحث فرصا للتعامل مع جينات الشيخوخة والتعبير الجيني الخاص بها، وينتج عن ذلك عدم ظهور أعراض الشيخوخة، وأنها قد تكون حصلت أيضًا على بيانات أو معلومات تخص البحث العلمي ومنع ظهور أعراض الشيخوخة على خلايا الجسم، قبل وفاتها خلال دراستها في المجال البحثي، وهي الوسيلة التي يمكن أن تستخدم لمنع تطور الخلايا السرطانية في الجسم، ما يزيد من فرص خلق علاج فعال لمرض السرطان، قائلًا: هي ممكن من خلال الأبحاث دي تكون وصلت لعلاج للسرطان؛ لأن في الطبيعي الجسم مش بـ يحس بـ نمو الخلايا السرطانية.
وهو ما أشار إلى أن ريم حامد لم تكن دارسة في أي من المجالات النووية، ما دفع الدكتور عبد العظيم الخضراوى أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، للقول بأن مشاركة ريم حامد على مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن حديثًا وصفه بـ غير المنطقي، وأنها مقاربة لما يواجهه هو من حالات الطب النفسي في منطقة من التفكير تدعى ضلالات.
أردف عبد العظيم في توضيحه لـ القاهرة 24، أن التفكير في التعرض للمراقبة الدائمة يحدث كثيرًا ويمثل أحد جوانب الأمراض النفسية وفي بعض الأوقات العضوية، واضعًا أسبابًا عدة للوفاة من بينها عضوي، مثل تعرضها لسكتة دماغية أو قلبية، وأن السبب الوحيد هو الانتحار إلا أنه مستبعد، على حد قوله.
وكشفت ريم في أحد منشوراتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن جارتها تلاحقها بمواد مخدرة تعمل على زيادة نبضات القلب وتمررها إليها عبر التدخين من أسفل باب غرفتها للتأثير عليها بهواء ملوث بالمواد المخدرة المشار إليها، وأنها سعت لإبلاغ الشرطة الفرنسية لكن دون جدوى، إلى جانب قولها بأن جارتها ذاتها تتجسس عليها وعلى آخرين بمحل سكنها.
وعلى ذلك أردف الخضراوي، أن هناك احتمالية تعرضها لمواد كيماوية تؤثر على الدماغ بشكل معين، كونها تشارك في أبحاث مختلفة داخل معمل بحثي، وتكون تلك المواد سببًا فيما شعرت به، مرجحًا أيضًا إصابتها بمرض الهلاوس واعتقادها بملاحقتها من قِبل آخرين لقتلها داخل مسكنها ما يمكن أن يدفعها للسقوط جراء التحرك السريع للهرب عند الشعور بذلك، والذي قد يتسبب في توقف عضلة القلب لزيادة الخوف.
عنصرية جندرية أم دينية أم عرقية
وهو ما آثار تساؤلا بشأن ما شعرت به ريم حامد وحالتها النفسية قبل وفاتها، أجابت عليه منشورات ريم نفسها قبيل الوفاة بأيام وأسابيع قليلة، إذ رصدنا مطالبتها بالتواصل مع مدربة لايف كوتش، وحديثها في العديد من المنشورات بأنها تتعرض لضغوط حياتية ونفسية كبيرة، واصفة حياتها بأنها غير طبيعية، داعية في أحدها بالانتقام ممن يسئ إليها، قائلة في أخرى: ربنا يطلعنا على خير الدنيا بقيت غريبة ومريبة.
قالت صديقة ريم وتدعى ر.ي، إن علاقتها بالمتوفاة بدأت منذ شهر تقريبًا وشاركا معًا في لقاءات عبر تطبيق زووم، وبينهما عمل متعلق بمجال العلوم الحيوية الذي تتخصص به ريم، إلا أنها أشارت إلى تعرضها ريم حامد للمضايقات والضغط من قِبل المشرف عليها في رسالتها البحثية، واصفة تلك المضايقات بأنها عنصرية دون الإفصاح عن نوع الضغوط العنصرية تلك، ما إذا كانت ضغوط جندرية أم دينية، أم عرقية.
واستكملت صديقة الباحثة المتوفاة لـ القاهرة 24: كنت عارفة من كلامها بشكل عام أن فيه ناس كتير هناك بيعملوها بعنف واضطهاد، وافتكر أن من الحاجات اللي كانت بتثير غضب ريم أوي أن نظام الجامعة كان بيجبرها تقلع الحجاب خلال تصوير صورة بطاقة الهوية الجامعية.
وأوضحت صديقتها أيضًا، أن ريم حامد لقيت مصرعها عقب عودتها من مصر مباشرة، وأنها لم يبدو عليها أي طاقة سلبية خلال معاملاتها مع أصدقائها واصفة إيها بأنها إيجابية وتسعى للاجتهاد دائمًا.
صديقة أخرى لريم حامد رفضت الإفصاح عن اسمها، قالت في وقت سابق لـ القاهرة 24 أيضًا، إن آخر محادثة جمعتها بالمتوفاة كانت بتاريخ 29 أبريل الماضي، والتي أشارت خلالها ريم حامد أنها كانت تعيش معاناة خارج حدود بلادها، وتعاني من عدم الشعور بالأمان والمعاناة في إحدى المدن الفرنسية، كما تتعرض للعنصرية والمراقبة، إضافة إلى أن جميع أجهزتها مراقبة من قِبل آخرين لم تسمهم ريم أو صديقتها.
موعد وفاة ريم الذي أشارت إليه صديقتها، ومعاناتها من مرض نفسي، أكده مصدر مسؤول داخل إدارة البعثات بوزارة التعليم العالي، لـ القاهرة 24، بأن الباحثة المصرية كانت في إجازة مع أسرتها، وتوفيت في يوم العودة من القاهرة عقب وصولها فندق الإقامة في باريس في أول يوم عودة لها، مؤكدا أن ريم حامد أبلغت أسرتها عند العودة بوجود اضطرابات نفسية معها بسبب المعاملة، إذ ذهبت لأحد الأطباء النفسيين في مصر حينما كانت في الإجازة.
فيما قالت شقيقتها رباب حامد، إنه جارٍ استكمال إجراءات نقل الجثمان من فرنسا إلى القاهرة، وأنه تم تكليف أحد المحاميين بتولي الواقعة، خلال الفترة الحالية، موضحة لـ القاهرة 24، أنه لم يتم التعرف ما إذا كان هناك شبهة جنائية حول الوفاة من عدمه.
وقال شقيقها الآخر نادر حامد، في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، إن المحامي سيف المصري، تولى الدفاع عن حقوقها وحقوق الأسرة، إذ إن القضية قيد التحقيق أمام النيابة الفرنسية وأنه لم يصدر أي تقرير رسمي فيما يخص الوفاة أو تأكيد أو نفي شبهة جنائية من عدمه.
وفي منشور سابق له أضاف نادر أيضًا، أنه لا يوجد أي دليل جنائي بشأن وفاة ريم حامد، الباحثة المصرية في معهد بيولوجيا الخلية التكاملية بـ جامعة باريس.
كما علم القاهرة 24، أن سيف المصري، محامي ريم حامد، ينتظر إتمام بعض الإجراءات الأولية، والانتهاء من التقارير الفرنسية بشأن الجثمان والوفاة لتشييع الجثمان، والبدء في التحقيقات اللازمة مستخدمًا دفوعه القانونية لكشف أسباب وفاة الباحثة المصرية، والتعرف على الجاني حال وجود شبهة جنائية لوفاتها.
ومؤخًرًا قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها، إنها تتابع التحقيقات في وفاة الباحثة ريم حامد، التي توفيت الخميس 22 أغسطس 2024، وأن الوزير الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وجه بمتابعة التحقيقات لكشف ملابسات الوفاة، ليبقى جثمان ريم حامد ممددًا في قبضة السلطات الفرنسية محتفظًا بسره ما بين الوفاة الجنائية، والوفاة الطبيعية جراء السكتة الدماغية أو القلبية، أو الوفاة لأسباب نفسية طارحًا تساؤلا لإجابات عدة.. من القاتل؟