الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

هل نرفض التغيير أم نخشاه؟

الإثنين 09/سبتمبر/2024 - 06:27 م

أثناء حالة تأمل في واقعنا دائما ما أعيشها ليقيني أنها زاد الكاتب الأساسي، عدت إلى الوراء واستحضرت كل مخزون الذاكرة سواء ما عشته كتجارب حياتية أو قرأته وسمعته حتى أعرف منذ متى بدأ ما نعانيه من إخفاق في تاريخنا المعاصر.

فوجدت أننا منذ عشرات السنين نراوح مكاننا ولم نتقدم تقريبا، بل على العكس هناك تراجع في مواطن كثيرة تخص منظومة الأخلاق والقيم.. حتى من يشاهد الأفلام القديمة التي ناقشت قضايا مجتمعية منذ عقود سوف يشعر وكأنها أنتجت الآن. 
وعلى سبيل المثال قد شاهدت فيلما بطولة يوسف وهبي ومديحة يسري، يرجع إنتاجه إلى ما قبل إنشاء النظام الجمهوري في مصر، أي منذ العصر الملكي، وبدا ذلك واضحًا من صورة الملك فاروق التي كانت معلقة في الدواوين الحكومية أو ربما أرادوا القول بأن أحداثه عن تلك الفترة، وكان يتناول هذا الفيلم قضية《أولاد الشوارع》والحقيقة أن الفيلم تناولها بشكل أكثر من رائع، وتعجبت بالفعل عندما اكتشفت أن تلك القضية قديمة بهذا الشكل، وأنه تم تناولها في السينما منذ زمن بعيد، ومع ذلك فهي إلى الآن موجودة وتتفاقم وسط انشغال المجتمع بهمومه اليومية ومعاناته التي تتزايد في ظل صعوبة الأوضاع المعيشية.

أمر غاية في العجب فعلا، وسؤال يطرح نفسه لماذا نتراجع هكذا بينما تركض المجتمعات ركضا نحو الرقى والتحضر أو التغيير  للأفضل بشكل عام؟ 

وذلك على الرغم من أننا نمتلك ما لا يمتلكونه من منهج قويم وقيم أصيلة لو أعدناها إلى الحياة لتغير الواقع كثيرا ولأصبحنا في المقدمة أو على الأقل بين المتنافسين عليها. 

أما آن الأوان أن نفيق جميعا من هذه الغفلة التي طالت، وأن نتخلى عن هذه المفاهيم المشوهة داخلنا والتي تقف عقبة أمامنا نحو التغيير؟  

حتى تراثنا الشعبي فيه من الأمثال والمقولات ما  لا  يساعد على التغيير أو حتى البحث عن بدائل،  ومثال ذلك (الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح) أو مقولة (اللي نعرفه أحسن من إلي منعرفوش) في إشارة إلى عدم التغيير والبقاء على ما نعرفه مهما كان، إنها أمثال وأقوال كونت الوعى والوجدان لدى السابقين وانتقلت كمفاهيم عبر الأجيال، والنتيجة أنه تمر عشرات السنين ونحن نعاني من نفس القضايا، بالإضافة إلى ما يطرأ حديثا.. ولا يخفى على أحد كمية الحوادث الكبيرة التي وقعت مؤخرا وقد تنبئ عن خطر مرعب، لأنها جرائم لم نسمع عنها من قبل، مثل أب يقتل أولاده وزوجته، أو أب يغتصب ابنته وأم تقتل طفلها.. كلها جرائم إن دلت فإنها تدل على انتكاسة الفطرة لدى من يرتكبها لأنها لا تتماشى معها نهائيا، ولم يكن يصدقها عقل لولا أنها وقعت بالفعل أمام أعيننا. 

فهل سنظل هكذا نراوح مكاننا بينما تنهض المجتمعات وترتقي من حولنا بالعلم والقيم التي جعلوها قوانين لا يمكن الاستهانة في الالتزام بها، بعدما كانت تسبح في ظلام وتعيش وسط حالة من الهمجية في الوقت الذي كانت فيه أمتنا ملهمة ومعلمة لهم؟

أنا أؤمن تمامًا أن التغيير الحقيقي يبدأ من قناعات الأفراد أنفسهم سواء كان سلبا أو إيجابا، فليبدأ كل منا  بنفسه ولا ينتظر إصلاح ما حوله كحجة لإقناع الذات بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان.. بل دائما هناك الأفضل ولكن عندما نبدأ في البحث عنه والسير إليه.

تابع مواقعنا