الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مؤامرة على الصوفية أم كشف للمستور؟

الخميس 19/سبتمبر/2024 - 08:47 م

فوجئ مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام بصورة لشيخ معمم بملامح ملفتة للنظر وكأنها ليست طبيعية يتم تداولها دون معرفة صاحبها في البداية، وبدأت الناس تتساءل.. من هذا وما هي قصته، ليتضح بعد ذلك أنه رجل يدعى "صلاح التجاني" وهي الكتابة الصحيحة للاسم وليس التيجاني كما هو شائع عبر الميديا.
وأنه من المشايخ المتصوفة الكبار والمشهورين ولديه الكثير من المحبين والمريدين منهم مشاهير يعملون في مجال الفن، وكتاب أيضا أسماءهم معروفة ويتصدرون المشهد الحالي الذي هو ليس أفضل حالا. 
أما عن سبب انتشار صور هذا الرجل فيعود إلى اتهام إحدى الفتيات له بالتحرش بها عبر مراسلات أحد مواقع التواصل الاجتماعي وقيل إنها من مريديه وأسرتها أيضا.
جعل ذلك الخبر المزعج جدا الجميع يبحثون عن صاحبه وتم تسليط الضوء على فيديوهات كان يتحدث فيها عن أمور لم يقل بها أهل السنة والجماعة وتعد من البدع بالفعل بحسب ما قاله علماء من الأزهر الشريف، والأمر أخذ هذا الاهتمام كله لأنه يتعلق برجل دين يقدم نفسه على أنه شيخا لطريقة تسمى التجانية التي بدورها أصدرت بيانا تتبرأ فيه منه، وتتنصل من كل ما جاء به من بدع وأفكار تخالف صحيح الدين وتقول أن ذلك ليس جديدا ولكنه منذ عام 2017. 
وبالطبع كما هو الحال دائما انقسمت الآراء بين الهجوم الحاد على الرجل، وأخرى رأت أن تلك ما هي إلا مؤامرة للنيل من الصوفية بشكل عام لصالح جماعات إسلامية أخرى أو إلحادية لا تريد الدين نهائيا. 
وحتى نكون موضوعيين دائما في الحكم على الأشياء يجب أن نفصل الخاص عن العام، ونرى هل بالفعل هذا الرجل ينطق بما يتوافق مع ما جاء به الله سبحانه وتعالى عن طريق نبيه الكريم أم لا؟ وذلك بغض النظر عن صحة واقعة التحرش من عدمه لأن ذلك يعلمه الله رغم أنها كانت الكاشفة.
والحقيقة أنه بالفعل له آراء غريبة، وحتى ردة فعله حول ما حدث تشكك فيه إذ أنه قال "بقيت ترند مصر كلها بعد اللي بيتقال ده.. وأنا مبسوط من ده" وبكل تأكيد لا يمكن أن يفكر عالم رباني يعتنق التصوف الذي أساسه الصحيح الزهد بهذه الطريقة أبدا، وعن مؤهلاته العلمية ذكر أنه طبيب عظام وظل يعمل حتى سن المعاش، ولكنه تهرب من السؤال حول مؤهلاته الدينية وقال يكفي أنني أمنح الإجازات لكثير من العلماء المشهورين وأيضا رفض ذكر اسما واحدا منهم. 
أما عن التصوف كمنهج إسلامي بمفهومه الصحيح فلابد أن نعلم بدايته.
وفي فترة من فترات قوة أمتنا الإسلامية ومجدها حدث أن الناس أصبحت تعيش في رفاهية واستغناء، وهنا خشي بعض العلماء أن يجعلهم ذلك بعيدين عن الدين وينشغلون بالدنيا، فهداهم تفكيرهم إلى أن يدعونهم إلى السهر ليلا للصلاة والذكر حتى الإجهاد والصوم نهارا لتصفو نفوسهم وهنا كانت البداية.
وبكل تأكيد لا يمكن الإساءة للتصوف هكذا بالكلية إلا من صاحب قلب مريض، ولكن هل أغلب ما نراه الآن ممن يدعون التصوف يمت لهذا المنهج بصلة أم أن شابه ابتداع؟ 
التصوف محبة خالصة لله ولرسوله الكريم وآل بيته الأطهار دون تكلف في ذلك.. فلا يمكن أن تكون هناك مشكلة في زيارة أضرحة آل البيت والتبرك بهم وبمحبتهم والتقرب إلى الله بذلك مع اليقين أنه وحده النافع والضار. 
وأن كل مخلوق مهما كان قدره ما هو إلا عبد من عباده وإنما الأفضلية بالتقوى والعمل الصالح، وأن فكرة الأتباع ليست إلا لله ورسوله وليس لبشر مهما ادعى لنفسه الفضل، وعلى كل محب لله ورسوله وآل بيته أن يفعل ذلك في إطار الشرع دون اللجوء لفكرة التبرك بهذا أو ذاك من المشايخ فجميعهم في النهاية بشر، وتلك هي الآفة التي صنعت محتالين باسم الدين يظنهم المريدين والأتباع أصحاب عصمة ولا يأتيهم الباطل أبدا، وذلك ليس فقط في الصوفية، ولكن موجود لدى كل ما سمي بالجماعات الإسلامية، وقد نجده في السلفية التي تنتقده بقوة بل وبصورة أشد ولكن بأشكال مختلفة، وهنا لا نقول بأن رجل الدين لا تكون له مهابته ومكانته فذلك واجب ولكن دون مبالغة تدخل العجب في قلبه، فيظن أنه من أصحاب مفاتيح الجنة وذلك يصيب كثيرين حتى من العاديين لمجر أنهم رأوا أنهم متدينين شكلا. 
وفي النهاية لابد من التأكيد بشكل عام أنه لا أحد حجة على الدين، وإنما كل يؤخذ بعمله وما صنعت يداه، وذلك يجعل تلك القضية التي أثارت جدلا كبيرا تتعلق بصاحبها فقط، فقد قال رسولنا الكريم عن أفضلية آل بيته أنفسهم "من أبطأ به عمله لن يسرع به نسبه" إذن المكانة بالعمل أولا وذلك ما بلغنا عن سيرة الأعلام من آل البيت الأطهار فقد قضوا أعمارهم طاعة لله قولا وعملا دون النظر إلى الدنيا ومتاعها الزائل، وذلك ما جعلهم في هذه الكرامة  وليس فقط موضوع النسب.
وعن التصوف خاصة فما أجمل أن تصفو النفس  وتمتلىء بالمحبة دون ابتداع لأن هذا الأصل.

تابع مواقعنا