وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 20 سبتمبر 2024م بعنوان: وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف المراد توصيله إلى جمهور المسجد: توجيه وعي جمهور المسجد إلى أن سيدنا محمدا (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام ونبي الأمان، وأن احتفالنا بمولده الشريف لا يتحقق إلا بإطفاء نيران العداوة وإحلال الأمان والسلام في كل شئوننا.
وأضافت: ذلك أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ميلاد للأمان والرحمة والإنسانية الكاملة، وإحياء الأنفس وتزكيتها، وأن الأمة المحمدية أحق بشكر الله تعالى على نعمة مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبيان تمجيد القرآن الكريم لليوم الذي ولد فيه عدد من الأنبياء عليهم السلام، والدعوة إلى أن نجعل احتفالنا بالمولد النبوي الشريف رسالة سلام وأمان وطمأنينة للدنيا بأسرها.
نص خطبة الجمعة
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وبهجة قلوبنا وقرة أعيننا وتاج رؤوسنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، فشرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإننا إذا تأملنا تمجيد القرآن الكريم لليوم الذي ولد فيه عدد من الأنبياء عليهم السلام وجدنا عجبا، حيث قال ربنا سبحانه في شأن سيدنا يحيى عليه السلام: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا * وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا * وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا * وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا}، فكان يوم مولده عليه السلام ميلادا جديدا للعلم النافع، والحكم الرشيد، والحنان اللدني، وتأسيسا لمعاني الطهر والتقى والبر والسلام والأمان.
كما كان يوم مولد سيدنا عيسى عليه السلام ميلادا جديدا للعلم وبركته، ودعوة كريمة للعبادة والبر والتواضع والسلام، حيث يقول سبحانه في شأنه عليه السلام: {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا* وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}.
أما ذلك اليوم العظيم الذي امتن الله تعالى فيه على الدنيا بمولد الجناب النبوي محمد صلوات ربي وسلامه عليه، فبرزت إلى الدنيا عين الفيوضات، ومعدن التجليات، وينبوع الفضائل، ومورد المناهل، فقد كان يوما ولدت فيه كل الفضائل والشمائل والمكارم والكمال البشري والجمال المصطفوي، ميلادا للأمان والرحمة والإنسانية الكاملة، وإحياء الأنفس وتزكيتها، وتطهيرها من الكراهية والأحقاد، والفساد والإفساد، كان مولده صلوات ربي وسلامه عليه ميلاد رحمة ونور وعلم وأخلاق وقيم وإحياء، وتعظيما لشأن الوطن وبره.
أيها الناس! فلتفرح الدنيا كلها برسول الله صلى الله عليه وسلم، الحبيب المتحبب المرفوع، لا يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، رحيما بالمؤمنين، لو مر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة مقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، إن الفرح بالجناب النبوي صلوات ربي وسلامه عليه فرح بفضل الله وبرحمته، يقول سبحانه: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}، فهو صلى الله عليه وسلم فضل الله تعالى ورحمة الله إلى الأكوان.
إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم كان يخصص ذكرى يوم مولده الشريف يوم الاثنين من كل أسبوع بالصيام فيه؛ تعبدا لرب العالمين وشكرا له على نعمة الإيجاد والإمداد، فلما سئل عن ذلك، قال: «ذاك يوم ولدت فيه»، فنحن أحق أن نشكر الله تعالى على تلك المنة العظيمة والنعمة الجسيمة؛ فإنه لم تمس بنا نعمة ظهرت ولا بطنت، نلنا بها حظا عظيما في دين ودنيا، أو دفع بها عنا مكروه فيهما إلا ومحمد صلى الله عليه وسلم سببها، القائد إلى خيرها، والهادي إلى رشدها.
فيا أيها الكرام، اجعلوا احتفالنا بالمولد النبوي الشريف رسالة سلام وأمان وطمأنينة للدنيا بأسرها، ليكن همنا وشغلنا إيصال رحمة الله إلى العالمين، رحمة تنكسر بها الشرور من النفوس، وتنطفئ بها نيران الحروب، ويتوقف بها العدوان والدمار.
اجعلوا أنوار النبوة ومكارم شمائلها تفيض على الناس إحسانا إلى الخلق، واستفاضة للبركة، وانتشارا للهداية، وصلة للأرحام، وأمانا يحل على الخلق، ومسرة تشيع بينهم، املأوا قلوبكم سلاما للعالم ورحمة بالأكوان، اجعلوا شعاركم في هذه الأيام المباركة قول الله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.