الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لبنان جبهة إلهاء إسرائيلية

السبت 28/سبتمبر/2024 - 07:49 م

منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، تم فتح جبهة إسناد كما يطلق عليها بقيادة حزب الله اللبناني كما أعلن زعيمه السابق حسن نصر الله الذي تم الإعلان رسميا عن اغتياله خلال ضربة إسرائيلية للضاحية الجنوبية بلبنان مساء الجمعة، وقد شارك في تلك الجبهة الفصائل الفلسطينية الموجودة هناك، وعملت على تهديد الشمال الإسرائيلي من خلال إطلاق الصواريخ باتجاهه، مما دفع سكان هذه المناطق للنزوح إلى الداخل باتجاه تل أبيب.

ومنذ ذلك الحين وتلك الجبهة تعمل بشكل منضبط من الطرفين، بحيث لا تتفاقم الأمور بها لتصل إلى حرب شاملة، وذلك ما لا يريده حزب الله بكل تأكيد، بسبب الوضع الصعب داخل لبنان معيشيا وسياسيا، وإدراك الحزب أن خوض معركة كاملة مع إسرائيل لن يكون بالأمر الجيد، وربما يسبب حالة استياء كبيرة داخل لبنان.

وعلى الجانب الآخر أيضا لا تتمنى إسرائيل كدولة توسيع تلك الجبهة على الأقل الآن بعد حالة الإنهاك الكبيرة لقواتها داخل قطاع غزة، وعدم قدرتها على تحقيق النصر الحقيقي هناك، برغم كل ما ارتكبته هذه القوات من جرائم حرب شهدها العالم كله، يمكن القول بأنها انهزمت أمام المقاومة الفلسطينية عمليا وبات واضحا أن إسرائيل بدون سلاح الجو الذي يعمل بلا رادع والدعم الأمريكي اللامحدود، ما استطاعت الصمود لأسبوع واحد أمام المقاومة ولانتهت أسطورتها الوهمية للأبد.

ولكن منذ أيام بدأنا نرى تصعيدا إسرائيليا نحو لبنان مما جعل كثيرين يتوقعون اشتعال تلك الجبهة، حتى وصل الأمر إلى توقع خوض إسرائيل معركة برية داخل لبنان، وذلك وإن كانت الأحداث تشير إليه، إلا أنه مستبعد إلى حد ما لأسباب تتعلق بقدرتها على تحمل كلفته التي تعلم جيدا أنها باهظة جدا، وبالأخص بعد تجربتها في غزة، ولكنه أيضا ليس مستحيل الحدوث فالظروف تتغير بين لحظة وأخرى كما نرى.

ولكن الحقيقة أن لبنان الآن ما هي إلا جبهة إلهاء إسرائيلية يراد بها.. أولا صرف الانتباه عن ما يحدث في غزة بعدما رأت دولة الاحتلال أن العالم ضاق ذرعا بما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين هناك، ورغم منحها الفرصة كاملة لمدة تقترب من العام إلا أنها لم تحقق شيئا.

وثانيا والأهم بالنسبة لنتنياهو بشكل خاص أنه يسعى لأمرين، وهما أنه يصنع ما فعله في غزة الآن بلبنان حيث استهداف المدنيين بشكل غير أخلاقي من أجل تقليب الرأي العام على حزب الله وتصويره كمصدر لتدمير لبنان وللأسف هناك بيننا من يتبنى وجهة النظر المضللة هذه فيتهم الضحية وينسى الجلاد.

كما أنه يسعى إلى إلهاء الرأي العام الإسرائيلي الذي بدأ بالانقلاب عليه عن كل فشله في غزة، وعدم تحقيق الأهداف المحددة التي ذهب إلى هناك من أجلها.. وهي القضاء على حركة حماس بشكل نهائي وليس فقط إضعافها، واستعادة الأسرى، وذلك مالم يتحقق بعد كل هذه الأشهر والمجازر البشعة بحق الشعب الفلسطيني والهدم شبه الكامل للقطاع، وأيضا ما تكبده العدو من خسائر حيث إن هناك عدد قتلى وجرحى في صفوف جيشه غير مسبوق، بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية الهائلة والتي جعلت إسرائيل تعيش أزمة لم تشهدها من قبل.

كل ذلك أدى إلى أن يفكر نتنياهو في مخرج يهرب به من الضغوط التي تمارس عليه في الداخل لإبرام صفقة تبادل يستعيد بها أسراه، بعد ازدياد الاحتجاجات الشعبية التي بدأت بذويهم ثم انضمام الآلاف إليهم، ولأن نتنياهو يعلم جيدا أنه لا يمكن أن يحصل على هؤلاء الأسرى إلا بوقف تام لإطلاق النار والخروج من قطاع غزة، وذلك يعني بكل تأكيد إعلان هزيمته رسميا، ومن ثم نهاية حياته السياسية فإنه يتهرب من ذلك بكل الحيل والوسائل، ويحاول دائما إقناع الجميع بأنه لا يعمل إلا لمصلحة إسرائيل التي تواجه خطرا وجوديا من وجهة نظره وهو الوحيد القادر على صده.

بدا ذلك واضحًا في كل خطاباته المليئة بالأكاذيب والشعارات الوهمية، وحتى عندما أراد تأجيج الوضع على الجبهة اللبنانية لتحقيق مصالحه الشخصية، قال إن ذلك من أجل تمكين سكان الشمال الإسرائيلي من العودة لمنازلهم، رغم أن هناك تقارير تفيد بأن أغلبهم لن يعودوا إلى هناك مرة أخرى أبدا، وأيضا لم نسمع أن هؤلاء السكان يطالبون بالعودة لدرجة تجعلنا نقول أنهم ربما نسوا الأمر، ولكن هي فقط مجرد حجة لفتح جبهة إلهاء مع لبنان كما ذكرت، وقد لا تخرج الأمور فيها عن السيطرة في الغالب ولكنها قطعا تمثل الآن عبئا على الشعب اللبناني الذي يعاني أزمات اقتصادية طاحنة منذ فترة، ولا ينقصه المزيد منها.. ولهذا فإن على المجتمع الدولي القيام بمسئولياته تجاه ما يحدث والعمل على إنهاء كل ذلك، بوقف الحرب الدائرة في غزة والتي هي السبب الأول لكل هذا التوتر، إذا كانت هناك بالفعل إرادة لتجنيب المنطقة اندلاع حرب شاملة لا يمكن التكهن بمداها، وكل شيء أصبح محتملا الآن بعد ما نراه من انتهاكات، بالإضافة إلى الحدث الأبرز والأهم الآن وهو اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ومن المؤكد أن اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط ليس في مصلحة العالم كله.

تابع مواقعنا