أرقام صادمة.. مواطنو غزة يأملون بعودة الحياة في واقع مؤلم بعد عام من الحرب
نعيش الصدمة وكأننا خارج سياق الحياة نصغى لسيمفونية الوجع ونحن نتجرع ألوانًا من الموت يطاردنا.. هكذا بدأ مصطفى النبيه، المخرج السينمائي الفلسطيني رواية ما عاشه وشاهدته عينيه داخل قطاع غزة منذ أول أيام الحرب التي أنهت عامها الأول، وتبدأ اليوم عامها الثاني مسطرة مأساة إنسانية في بقعة عربية اشتهرت بأنها أكبر سجن مفتوح في العالم.
يضيف النبيه لـ القاهرة 24، أنه على مدار العام يباد الشعب الفلسطيني لينسى وكأنه لم يكن، وأن كوابيس الحرب باتت تطاردهم في اليقظة والنوم بعدما انتقلوا من العيش في عالم حضاري إلى عالم بدائي، إذ يعيشون في خيمة لا تقيهم حرارة الصيف ولا تحميهم من برد الشتاء.
ويستكمل أيضًا روايته قائلا أن أكثر ما يخشاه بعد مرور عام من الحرب المستعرة عليهم في قطاع غزة هي أن يتحولوا إلى جثث تسير على الأرض ولا تخشى الموت ولا تبالي بالقادم، مردفًا أنه يرى أن الشعب الفلسطيني سيعيش سنوات عجاف تأكل الأخضر واليابس، وخلالها سيذوقوا ألوان من الجوع ويغرقوا في الجحيم، وستجف عروقهم من العطش وستتغير ملامح غزة وستنتشر الأوبئة والأمراض وستحصد الجميع قائلًا: وما النصر إلا صبر ساعة ونحن الصابرين.
ويتابع المخرج الفلسطيني: لم يفارقنا الموت لحظة.. ما زال ينهض متوحشًا ليبتلعنا القصف المسعور فمن لم يمت من الحرب سيموت من الزواحف والحشرات ومن لعنة الذباب والباعوض، طاردنا الجوع ونحن نبحث عن حفنة طحين أو عن أي شيء يسد جوع الأبناء.. شربنا الماء الملوث واستحلتنا الأمراض الباطنية والجلدية وانتشرت بيننا الأوبئة حتى وصلنا بعد سنة لحالة من الاختناق والقهر.
إحصائية طبية لما جرى في قطاع غزة خلال عام الحرب
وفي ذلك قال المكتب الإعلامي لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن هناك العديد من الأمراض التي انتشرت بين أبناء القطاع جراء تبعات الحرب الإسرائيلية، والتي في مقدمتها مرض شلل الأطفال، وأمراض جلدية متعددة، وسوء التغذية لدى الأطفال.
وأضاف لـ القاهرة 24، أنه تم تسجيل 893.290.2 إصابة بأمراض معدية منذ بداية العدوان، وأنه بسبب القصف الإسرائيلي لعدد من المستشفيات، فإن 23 مستشفى فقط تعمل داخل القطاع من أصل 38 مستشفى، وأن 46%من المستشفيات العاملة تعمل بشكل جزئي.
وأشار إلى أن عدد أسرة العناية المركزة لحديثي الولادة في قطاع غزة انخفض من 162 سريرًا إلى 70 سريرًا، وتسبب القصف أيضًا في فقدان أسرة العناية المركزة لحديثي الولادة بشكل كامل في المؤسسات غير الحكومية وانحصار الخدمة في مستشفيات وزارة الصحة فقط.
وأردف أيضًا أنه بعد مرور عام من الحرب بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة أكثر من 41 ألفًا و900 شهيد، من بينهم 33.1% نسبة الشهداء من الأطفال بينهم 180 طفلًا ولدوا واستشهدوا خلال الحرب، وأن نسبة الشهداء من النساء بلغت 18،3%، في حين بلغ العدد الإجمالي للمصابين 97 ألفا و303 مصابين.
ويواصل المكتب الإعلامي لوزارة الصحة في قطاع غزة الكشف عن مأساة القطاع الصحي، مشيرًا إلى أن 800 طفل استشهدوا في الحرب أعمارهم أقل من عام، كما استشهد 900 عائلة بالكامل وتم شطبهم من السجل المدني الفلسطيني، ويوجد 12500 مريض سرطان حياتهم بخطر وبحاجة ماسة للعلاج بالخارج.
واستكمل أيضًا، أن 60% من الأدوية غير متوفرة في المستشفيات والمراكز الصحية، كما أن 83% من المستهلكات الطبية غير متوفرة في المستشفيات والمراكز الصحية، مؤكدًا أن هناك معاناة كبيرة بين صفوف الأطقم الطبية الذين نزحوا قسرا من بيوتهم ويعيشون في الخيام في محاولة توفير احتياجات المعيشية لأسرهم وبين عملهم.
ما زال لدينا أمل في الحياة
في ذات السياق، تقول إلهام شمالي الباحثة في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي، وأحد مواطني قطاع غزة المنكوب، عقب مرور عام من الحرب، إنه ما زال لديها أمل في العودة القريبة إلى منزلها وحياتها السابقة عن الحرب، إلا أن الواقع على الأرض بات مخيفًا.
وتضيف شمالي لـ القاهرة 24، أنها تشتاق لعائلتها التي تشتت إلى ثلاث أجزاء في شمال غزة وسطها وهي تتواجد في الجنوب، مشيرة إلى أن الحرب تسببت في توقف الحياة التعليمية بالقطاع للعام الثاني على التوالي، دون استكمال للمسيرة التعليمية في التعليم الأساسي والجامعي ما يعادل 700 ألف طالب فقدوا عامين دراسيين، وأن جامعات القطاع لم يتبقى منها أي مبنى، كما تم قصف نحو 80 % من المدارس المتواجدة في قطاع غزة، ولم تعد تصلح للتعليم، وما تبقى منها بات مأوى للنازحين.
وتستكمل الباحثة الفلسطينية التي باتت تدخل عامها الثاني نازحة في جنوب القطاع، أن مخيمات الإيواء تتكدس بالخيام المهترئة بعد عام من الحرب فلم تعد تصلح لاستقبال فصل الشتاء، وأن هناك حالة من الغلاء بسبب إغلاق المعبر وعدم إدخال الملابس والأحذية ومواد التنظيف.
الوقت يمر بلطف الله
فيما يقول يوسف أبو رابي، أحد سكان منطقة بيت لاهيا شمال غزة، إن الوقت يمر بلطف من الله فلا مقومات حياة وتركنا بين سندان الحرب ومطرقة الطقس الحار.
ويضيف أبو رابي لـ القاهرة 24: السكان باتوا يتمنون شربة ماء مبردة، فلا كهرباء ولا وقود، وأحيانا تقدم شاحنات مياه لمراكز الإيواء وبعض الوجبات الخفيفة، لكنها لم تعد تصل منذ نحو شهر، ونعتمد على ما يصلنا من إنزالات جوية.
الحياة مرحلة من النزوح
في ذات السياق توضح مرام جبريل أحد النازحين في غزة، أن الخيام تهالكت ولا تحمي من حر الشمس، مشيرة إلى أن حياتها باتت مرحلة من النزوح المستمر والعروب من الموت قائلة: نهرب من الموت لموت فقط لا غيره.
وتتابع مرام لـ القاهرة 24، أنها تحلم بشربة ماء مبردة، ووجبة طعام جيدة، قائلة: بنحلم نشوف الميه من الحنفية تاني، مستطردة أن الأوضاع الصحية متدهورة، والأمراض منتشرة بشكل كبير من بينها الأمراض الجلدية والتهاب الكبد الوبائي.