السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

دولة تتحول إلى عصابة.. كيف دمرت أمريكا جهود الاستقلال وحولت شعبا كاملا إلى مشردين ومجرمين؟

القاهرة 24
سياسة
الأربعاء 09/أكتوبر/2024 - 02:17 م

تجنيد الأطفال للعمل بالعصابات واغتصاب البنات وإجبارهن على التنظيف والطبخ لأفراد العصابات.. لم يكن ذلك مشهد من فيلم سينمائي أو قصة حزينة لأحد أعمال الميلودراما، بل هو واقع لدولة نظامية تحولت من طردها للاستعمار والاجتهاد لاستعادة رونقها وانتعاشها سياسيًا واقتصاديًا، إلى قطعة من الأرض تحكمها عصابات مدججة بالسلاح لها الأمر الأول والأخير.

تعيش دولة هاييتي الواقعة في أمريكا الجنوبية، واقعًا مريرًا يزداد سوءًا كل يوم، فلم تكن الزلازل المدمرة التي شهدتها على مدار العقد الأخير هي السبب في دمارها، بل كانت قوة البشر هي من تملك اليد العليا في تدمير واقع للملايين.

تجنيد الأطفال بالطعام والشباب بأغاني الراب

رصدت منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، الأوضاع في هاييتي، التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى عصابة كبيرة، ففي ظل غياب الحوكمة السياسية والحكومية، أصبحت العصابات المسلحة هي من تسيطر على الشوارع وكل كبيرة وصغيرة في البلاد، ثم شرعت العصابات بعد ذلك في تجنيد الأطفال للعمل لصالحة، إما كجنود يحملون السلاح لضمان سيطرتهم على كل زقاق وحارة في هايتي، أو كمخبرين يبلغون العصابة عن أي تيار معاكس لهم.

ونجحت خطة العصابات في هايتي في استقطاب الأطفال الذين وجدوا في العصابات المسلحة ملاذًا آمنًا لهم يضمنون من خلاله تأمين قوت يومهم، حيث أنه لا سبيل في هايتي للحصول على الطعام إلا من خلال التعاون مع العصابات المسلحة التي تسيطر على جميع أشكال التموين وتتحكم في توزيعها.

مهام البنات داخل العصابة

ويسري الأمر ذاته على الفتيات، اللاتي يتم تجنيدهن ولكن من أجل متعة أفراد العصابة، حيث إن واجباتهن تتمحور حول الإذعان للاغتصاب الجنسي على يد أفراد العصابة، وتنظيف أماكن سكنهم والطبخ من أجلهم، إلى أن تصبح إحدى الفتيات حاملا، وهنا يتم التخلص منها بأي طريقة.

أما الفتيات اللاتي يرفضن الإذعان لمثل هذه الممارسات، فيتم قتلهن على قارعة الطريق.

أغاني الراب

يعتبر عمل العصابات في هاييتي أمرًا نظاميًا لأبعد الحدود، حيث تمكنت العصابة، من تجنيد أعداد كبرى من الشباب، ليس عن طريق إخافتهم أو إجبارهم أو ضمان قوت يومهم، بل تمكنت العصابات أيضًا من استقطابهم، وذلك من خلال عمل أحد مغنيين الراب على إصدار أغاني حماسية تصور التجنيد وحمل السلاح والتدريب عليها كأمور جاذبة لجميع الشباب وتلعب على مشاعرهم الحماسية، ومن ثم يذهب الشباب في ظل هذه الأوضاع طواعيًة للانضمام للعصابات.

الإجابة.. أمريكا

ابحث دائمًا عن سبب تحول دولة كبرى إلى دولة نامية تعاني أي شكل من أشكال الأزمات، غالبًا ما ستجد الولايات المتحدة أحد الأطراف الرئيسة.

تمكنت هاييتي من الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي بعد أعوام من الذل والإذعان عام 1804، وواجهت أزمات سياسية ودبلوماسية تلت هذا التحرر، ولكنها حاربت من أجل حصولها على أحقيتها في السيادة ولعب دورًا فاعلًا كأي دولة لها حقوق وسيادة دولية.

ولكن تم رفض الاعتراف بها كدولة مستقلة إلى أن وافقت فرنسا على الاعتراف بها عام 1825، مقابل دفع دين تبلغ قيمته مليارات الدولارات، وهنا عملت هاييتي بكل كد واجتهاد لدفع الدين المستحق لفرنسا مقابل حصولها على الاستقلال التام، إلى أن أرهق هذا الدين مقدرات الدولة بصورة واضحة، لتتدخل الولايات المتحدة في صورة المنقذ المُهلك في آن واحد.

قررت الولايات المتحدة مساعدة هاييتي في دفع ديونها وحمله من على عاتقها، إلى أن هبط جنود هبط 330 من مشاة البحرية الأمريكية في بورت أو برنس، وبدأ الاحتلال الأمريكي للبلاد.

تبعت هذا الحدث صولات وجولات واستقلال من السلطة الأمريكية عسكريًا، إلا أنها حافظت على تحكمها الخفي في البلاد، وما تلاه من فترة عدم استقرار سياسي وتوالي الحكام، وتدخل الولايات المتحدة، إلى أن وصلت الحال إلى ما هو عليه الآن، وسط إطلاق واشنطن لحملات دعم مالية كبرى من أجل حل الأزمة.

أدى هذا الضياع السياسي وغياب الإدارة السياسية وسيطرة واشنطن على التحكم في البلاد، وسط انتشار الفقر والسيطرة على الموارد وغياب العدالة والمساواة وانتشار العنف والفقر إلى إحكام العصابات المسلحة الحكم على الدولة اللاتينية، إلى أن أصبحت أوضاعها مزرية.

طالبت منظمات حقوق الإنسان حكومة هاييتي، الأمم المتحدة بنشر بعثة داخل البلاد لإعادة نظام الحكم إلا أنه لم يذهب إلا مجموعة صغيرة من الجنود.

تابع مواقعنا