متى ترد إسرائيل؟
السؤال نفسه طرحته في مقال سابق، لكنه كان موجها لإيران.
وقتها عكس السؤال حالة استياء من تأخر رد طهران، بينما تواصل تل أبيب الاعتداء عليها بشكل مباشر أو غير مباشر، واكتفت بتوعدها برد مزلزل في الوقت والمكان المناسبين.
لكن عندما جاء الرد الإيراني، تعهدت إسرائيل هي الأخرى بأن تلقن إيران درسا لن تنساه، كما جاء على لسان مسؤوليها وآخرهم يو آف جالانت وزير الدفاع، لكنها لم تفعل حتى الآن.
تأخر الرد الإيراني كانت له تفسيرات كثيرة، ذهبت معظمها إلى أنها لا تريد حربا مباشرة مع إسرائيل، إضافة إلى اعتبارات متعلقة بتأمين برنامجها النووي من أي استهداف محتمل قد يحدث مع تداعيات الحرب، وتجنب الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة والغرب الذين تشير التقديرات كلها إلى أنهم سيدعمون إسرائيل حتى ولو بشكل غير مباشر، وبحسابات المكسب والخسارة من وجهة النظر الإيرانية، فإن كلفة الحرب ستكون باهظة.
واستعاضت طهران عن ذلك بوكلائها في المنطقة، الذين خاضوا معارك شرسة نيابة عنها مع إسرائيل، كان يشرف عليها قادة الحرس الثوري أنفسهم.
لكن النتيجة جاءت هذه المرة مغايرة، ولم تحقق النصر المنشود كما حدث في معارك سابقة، وحققت إسرائيل انتصارات غير متوقعة على حزب الله، أهم حلفاء إيران في المنطقة، وبالشكل الذي أدى إلى تراجعه حتى عن إسناد جبهة غزة وموافقته على وقف إطلاق النار والتخلي عن شرطه السابق بوقفه في غزة أولا.
مع أن الرد الإسرائيلي لم يأت بعد وربما طال انتظاره، بالنظر إلى تاريخ إسرائيل في مواجهة خصومها، وللنتائج التي حققتها على الأرض في عدوانها الأخير على غزة ولبنان، إلا أنها لم تتعرض إلى نفس الانتقادات التي واجهتها إيران، بل العالم يكتم أنفاسه انتظارا لردها، خاصة مع تصريحات وزير دفاعها الذي أكد أنه سيكون مؤلما وعنيفا ودقيقا، فالتأخير هنا ليس لتنفيذ عملية لحفظ ماء الوجه، على غرار الاتهامات التي وجهت لإيران، وربما يكون السبب هو تهيئة الظروف لنجاح الضربة، وتحقيق هدفها الموجع كما تريد إسرائيل، وذلك بالقضاء تماما على حلفاء إيران في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني، لتحييدهم في مرحلة لاحقة إذا ما اندلعت معركة شاملة معها، وتحديد أهداف استراتيجية وقصفها كالبرنامج النووي الإيراني والمنشآت النفطية، والضغط على الولايات المتحدة للموافقة عليها حتى ولو سرا، حتى لو بدا الأمر عكس ذلك في العلن، وهو دور مارسته تل أبيب وواشنطن كثيرا خاصة في غزة، إذ كانت الولايات المتحدة تندد بالقوة المفرطة الإسرائيلية في القطاع وفي نفس الوقت تزودها بالأسلحة الفتاكة التي تستخدمها هناك.
إسرائيل تحارب إيران بالفعل على جبهات لبنان واليمن وسوريا والعراق، تجهض قوتها العسكرية من خلال حلفائها هناك، واستطاعت بالفعل تحييدها، ومن ثم فكل المؤشرات تؤكد أن الرد الإسرائيلي أصبح وشيكا.