مشهد من خشبة للتاريخ.. نهاية السنوار تليق بالأبطال
من منا لم يستمع إلى حديث يحيى السنوار، رئيس حركة المقاومة الفلسطينية حماس، عن تفضيله للموت بقذيفة طائرة إف 16 وهو يقاتل في معركة ضد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، على أن يموت موتة طبيعية، أو أن يموت بجائحة كورونا التي كانت منتشرة في هذا التوقيت.
قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بالفعل حققت للسنوار ما تمناه طوال حياته، في مشهد سيظل عالقًا في أذهان العالم أجمع، ظل يقاتل حتى آخر قطرة من دمه بل حتى الرمق الأخير، فبعد تداول خبر استشهاده بساعات قليلة، نشر الجيش الإسرائيلي فيديو لاستشهاد السنوار، وهو مرتديًا جعبته العسكرية، مُمسكًا بسلاحه، وهو يقاتل.. لكن ما وقفت عنده كثيرًا تلك الخشبة التي صوبها السنوار تجاه الدرون الإسرائيلية، وهو يصارع الموت جالسًا على كرسيه في رسالة منه لقوات الاحتلال يقول فيها: لن استسلم لكم.
الصور التي نشرها الجيش الإسرائيلي أظهرت السنوار ملثمًا يجلس على أحد المقاعد داخل المبنى، ويلقي لوحا خشبيا نحو المسيّرة التي دخلت المبنى، في تلك اللحظة، جرى استهدافه بقذيفة دبابة أطلقت على المبنى، ما أدى إلى استشهاده، لذلك فسلاح السنوار الأخير كانت الخشبة، أرسلها رمزًا للإصرار على المقاومة، وأن الاستسلام لم يكن يومًا في قاموسه.
مشهد من خشبة التاريخ..السنوار ونهاية تليق بالأبطال
لم يستطع جيش الاحتلال رغم ترسانته العسكرية كسر شوكة هذا الرجل، والذي تعرض لسلسلة من الاعتقالات، ففي عام 1982 تم اعتقاله لأول مرة وهو في العشرين من عمره، ووُضع رهن الاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، وأُعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه لمدة 6 أشهر دون محاكمة، لكن تم اعتقاله مرة أخرى بتهمة قيادته لعملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتل 4 فلسطينيين يُشتبه في تعاونهم مع الاحتلال، وصدر بحقه حكم بالسجن لأربع مؤبدات، أي ما يعادل 426 عامًا.. قبل أن يتم الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط، بعد عقدين من عمره في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفي نهاية المطاف، لم تكن قوات الاحتلال هي التي أنهت حياة السنوار، بل كان قراره بالموت على طريق المقاومة، وبهذا تحول استشهاده إلى ملحمة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية إلى ملحمة ستظل محفورة في ذاكرة الأجيال القادمة، شاهدة على صمود شعب لم يعرف الاستسلام، ولم يستطع إخضاع بطل حتى في لحظة استشهاده.