قمة البريكس في قازان| خبراء: تتزامن القمة مع تزايد الاستقطاب الجيوسياسي العالمي.. والنتائج ستكون قوية
انطلقت اليوم الثلاثاء، القمة الـ16 لمجموعة البريكس، في مدينة قازان الروسية، بمشاركة قادة الدول الأعضاء في المجموعة تحت شعار: تعزيز التعددية القطبية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين، وهو موضوع القمة الرئيسي، وسط تطلعات لنتائج مثمرة لهذه القمة التي قد تكون بداية لنظام عالمي جديد، يكون فيه لدول الجنوب العالمي تأثير فعال.
وفي هذا التقرير، نرصد آراء وتحليلات الخبراء الروس والعرب حول هذه القمة، والتطلعات المتوقعة، وما قد تؤول إليه من نتائج في ظل التحديات العالمية الراهنة.
عمران: القمة تأتي في وقت حرج مع تزايد الاستقطاب الجيوسياسي العالمي
قال الدكتور هيثم عمران مدرس العلوم السياسية والقانون الدولي بكلية السياسة والاقتصاد، جامعة السويس، إنه من المتوقع أن تكون قمة مجموعة بريكس في روسيا حدثًا هامًا في مسار هذا التكتل الاقتصادي والسياسي المتنامي، وتأتي هذه القمة في وقت حرج مع تزايد الاستقطاب الجيوسياسي العالمي، حيث تطمح دول البريكس إلى تعزيز نفوذها على الساحة الدولية كقوة موازنة أمام التكتلات الغربية، وتركز القمة على مناقشة توسيع العضوية، حيث من المحتمل انضمام دول جديدة مثل تركيا وأذربيجان وماليزيا إلى هذا التكتل، مما يعزز من دوره كعامل استقرار اقتصادي وسياسي في العالم النامي.
وأضاف عمران في تصريحات لـ القاهرة 24: من المتوقع أن يتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تعزز التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، والاستثمارات المشتركة، مما يسهم في تعزيز القدرات الاقتصادية للدول المنضمة حديثًا، بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تُناقش القمة قضايا مثل استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية بدلًا من الاعتماد على الدولار الأمريكي، وهو ما يهدف إلى تقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي، كما تأتي هذه القمة في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الغرب وروسيا والصين، ما يجعلها فرصة لدول بريكس لتعزيز التضامن فيما بينها والتأكيد على استقلالية سياساتها الاقتصادية والجيوسياسية.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: من المتوقع أن تسفر قمة بريكس 2024 في روسيا عن مجموعة من النتائج التي تعكس تطلعات التكتل لتعزيز دوره العالمين من أبرز هذه النتائج المحتملة:
1. توسيع العضوية: من المرجح أن تعلن القمة عن انضمام دول جديدة إلى المجموعة، مثل تركيا، أذربيجان، وماليزيا، سيوسع من الرقعة الجغرافية للتكتل، ليشمل مناطق جديدة مثل الشرق الأوسط والقوقاز وجنوب شرق آسيا.
2. تعزيز التعاون الاقتصادي: يُتوقع أن يتم توقيع اتفاقيات اقتصادية جديدة تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، والبنية التحتية بين الدول الأعضاء، كما قد تتم مناقشة مشروعات استثمارية مشتركة تهدف إلى دعم الاقتصادات النامية.
3. التحول عن الدولار الأمريكي: واحدة من النتائج المحتملة هي اتخاذ خطوات ملموسة لتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة العالمية بين دول بريكس، مع التركيز على استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية، مما يساهم في تقليل الهيمنة الغربية على النظام المالي العالمي.
4. التعاون السياسي والجيوسياسي: من المتوقع أن تُناقش القمة التحديات الجيوسياسية الراهنة، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات في آسيا، وقد تسعى دول بريكس إلى تعزيز موقف موحد حول هذه القضايا، مما يعزز استقلاليتها عن سياسات الغرب.
5. تقوية الهياكل المالية للبريكس: من النتائج المتوقعة أيضًا تعزيز الهياكل المالية للتكتل، مثل بنك التنمية الجديد (NDB)، الذي قد يحصل على تمويل إضافي لدعم مشروعات التنمية في الدول الأعضاء والدول الجديدة.
6. تعزيز النفوذ السياسي: من الناحية السياسية، انضمام تركيا، وهي عضو في الناتو، سيضفي مزيدًا من الزخم الجيوسياسي لبريكس، مما قد يعزز من تأثير التكتل في القضايا الدولية. ماليزيا، التي تميل إلى نهج دبلوماسي متوازن في الشؤون الدولية، قد تساهم في تعزيز الدبلوماسية المتعددة الأطراف داخل التكتل.
دويدار: البريكس ليست ضد أي منظومات
قال تيمور دويدار رئيس وكالة تنمية التجارة الدولية في موسكو، إن فكرة البريكس نفسها، هي منظمة سياسية مبنية على المشاركة والتوزان في اتخاذ القرار دون هيمنة أحد على الأخر بغرض التنمية المشتركة، وهذا العام نشهد نهضة كبيرة في البريكس حيث انضمام دول جديدة، وهناك حراك تقدمي من الدول العربية تجاه ذلك، ومن المتوقع أن يتم طرح قضايا مهمة وحيوية لهذا التكتل، وعلى رأسها القضايا الاقتصادية والمعاملات المالية بيد الدول الأعضاء للإبتعاد عن هيمنة الدولار الأمريكي وهيمنة الغرب في التحويلات المالية، وربما قد نشهد حراك إيجابي تجاه هذا الأمر.
وتابع دويدار في تصريحات لـ القاهرة 24: بالطبع أي تكتل سياسي لا ينهض دون أن تكون هناك طفرة اقتصادية وهذه هي الفكرة الأساسية في منظومة البريكس، فالدول الجديدة ومنها مصر والإمارات يتطلعون إلى أن يكونوا شركاء فاعلين في هذه المنظومة، ونحن نتحدث عن دول الجنوب ودول الشرق العالمي، الذين يدركون تماما من خبراتهم التارخية في الاقتصاد الغربي أن مسار النهضة يجب أن يتحور لصالح شعوبهم، فشعوب هذه المجموعة في طريقها للتحول إلى خدمة أنفسهم بدلا من خدمة الكتلة الغربية المهيمنة
وأردف: البريكس ليست ضد أي منظومات دولية أنما إضافة جديدة في ظل تحول الاقتصاد العالمي والفكر السياسي، وإيجاد طريق جديد في التنمة الحضرية للبشرية ونتمنى أن نرى تطرق إلى مشروعات اقتصادية كبيرة تدعم هذه المنظومة لإيجاد الطريق الذي يجعل العالم أكثر عدالة ويهيئ تبادل التكنولوجيا بين الدول الأعضاء وزيادة التبادل التجاري دون قيود، وهناك أمر هام للغاية وهو الأمن الغذائي للدول الأعضاء، فربما يتم التطرق لبحث إنشاء بورصة للحبوب الغذائية في مجموعة البريكس بعيدا عن البورصات الغربية.
مصطفى: نعول على البريكس في الرقمنة والسيادة السيبرانية
قال الدكتور أحمد مصطفى رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة، إن قمة كازان تمثل أهم قمة للجنوب العالمي، وتعول عليها شعوب الجنوب في إيجاد مخرج من النظام العالمي الجائر الحالي، والذي نراه يحاول أن يفرض كل أساليبة للاحتفاظ بتسيده في العالم الحالي، وبالتالي هي قمة شديدة الأهمية لها أبعاد اقتصادية وسياسية واستراتيجية واجتماعية، وينتظرها الجميع، لأنها تعد في موجهة مجموعة دول السبع الكبار التي تحاول أن تفرض نظامها على العالم
وأضاف مصطفى في تصريحات لـ القاهرة 24: هناك عدة أمور فيما يخص التجارة البينية بين الدول الأعضاء، أما أن يكون هناك اتحاد وتحالف تجاري بين الدول وخصوصا بين البنوك المركزية في هذه الدول، وهذا أمر شديد الأهمية، على سبال المثال التعامل بعملة محلية بين الدول الأعضاء، أو من خلال آليه تحويلات مالية أو بنكية يتم إنشائها من خلال التقنيات المالية، وهذا يجعل العقوبات المفروضة على الدول هي والعدم سواء، ولابد أن تتخذ دول المجموعة إجراءات سريعة حيال هذا الأمر، وكسر هيمنة الدولار.
وأكد: فرصة البريكس هي فرصة عظيمة يمكن أن نعول عليها في الرقمنة والسيادة الرقمية والسيادة السيبرانية والتحالفات الإعلامية الكبيرة بين الدول الأعضاء مثل الصين وروسيا وإيران ومصر، وأيضًا موضوع المحرك البحثي المشترك لهذه الدول، فكل هذه مشورعات يجب أن تأخذ حصتها بشكل كبير جدا في هذه القمة، فإذا كان لدينا هذه التحالفات لن يكون هناك قوة للغرب، وبالتالي فإن الرقمنة بين دول الجنوب العالمي يجب أن يتم البت فيها على الفور من قبل الدول الأعضاء.