من سرقة القروض لبيع العلامات التجارية.. رجال أعمال وراء انهيار سوق الأدوية والصيدليات بمصر| خاص
تعددت أزمات مليارديرات قطاع الأدوية والصيدليات، مع البنوك المصرية خلال الأشهر الماضية، رغم تحقيق القطاع مكاسب كبيرة في ظل الأسعار المرتفعة للأدوية في مصر وتحسن النشاط الاقتصادي.
وسلط تعدد حالات امتناع مليارديرات الأدوية وأصحاب سلاسل الصيدليات وتوزيع الأدوية الكبرى، عن سداد قروض بمئات ملايين الجنيهات إلى البنوك المصرية، الضوء على الجانب الخفي في التمويلات التي كانت تمنح بسخاء لهذا القطاع بضمانات ضعيفة، خاصة بعد جائحة كورونا، وفق مصادر مصرفية لـ القاهرة 24.
وبحسب مصادر بقطاع الأدوية والبنوك، تحدثت لـ القاهرة 24، فإن معظم أصحاب سلاسل الصيدليات الكبرى، وأصحاب المليارات الذين جنوا ثروات من وراء مبيعات الأدوية، وتهربوا من سداد الديون، كانوا يعتمدون في حصولهم على قروض بنكية ضخمة على أسماء شركات غير قوية ولا تملك أصولا تابعة، بل لديها عدة أماكن مستأجرة وتعاملات مالية تعتمد على شراكات مع مستثمرين آخرين، منهم أصحاب شركة المتحدة للصيادلة وصيدليات مصر و19011 وغيرها من السلاسل والشركات التي واجهت أزمات حادة مع البنوك خلال الأشهر الماضية.
شركات الأدوية وسلاسل الصيدليات في القائمة السوداء للبنوك
وفي السياق ذاته، قال أصحاب شركات كبرى لتصنيع الأدوية لـ القاهرة 24، رفضوا ذكر اسمهم، إن تقاعس أصحاب سلاسل الصيدليات وحالات انهيار شركات توزيع كبرى في السوق المصرية، أدخل قطاع الأدوية بالكامل في القائمة السوداء للبنوك.
وأوضحت المصادر، أن البنوك لديها تخوف شديد، والـ 30 بنكا العاملة في مصر، جميعها تمتنع عن إقراض شركات الأدوية للتوسع أو الوصول لمصادر التمويل لشراء الخامات، إلا في أضيق الحدود، مما دعا الشركات لمخاطبة الاتحادات العامة والغرف، للحديث مع الحكومة والتشاور مع البنك المركزي المصري، لإعادة تمويل القطاع كما كان يحدث منذ سنوات، وما زالت هذه النقاشات قيد العمل.
وأعلن البنك المركزي المصري، في أحدث تقارير الاستقرار المالي، أن عمليات استيراد الأدوية ومستحضراتها بلغت قيمتها 3.1 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2023/2024، بواقع 2.1 مليار أدوية ومليار دولار مستحضرات صيدلية وشاش وأمصال، وذكرت مصادر أن معظم التمويلات يتم دفع مقابلها فوري للبنوك بشكل مباشر بالعملة المحلية وليس عن طريق الإقراض.
وقال رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر، علي عوف، في تصريحات صحفية له، عن حجم الاستيراد المطلوب لقطاع الأدوية، إن شركات الأدوية العاملة في البلاد تحتاج مليار دولار خلال الربع الأخير من العام الحالي، لتلبية احتياجاتها من المواد الخام ومدخلات الإنتاج المستوردة.
كيف انعكس الوضع على المرضى؟
وقالت المصادر، إن تراجع مبيعات الأدوية في السوق المصرية، واعتماد بعض شركات توزيع الأدوية، على المنتجات المستوردة بدلا من الأدوية المصرية، وتخارج شركات التوزيع التي كانت تعتمد على المنتجات المصرية، قلص أرباح شركات الأدوية، ومعه تأثر الاستثمار وحجم الإنتاج مما كان له إسهام في جزء من النقص الذي نال سوق الأدوية في مصر على مدار الأشهر الماضية.
وخلال العام الحالي والماضي، تعددت حالات الفساد والأزمات المالية بين كبار رجال الأعمال في قطاع الأدوية، بسبب ممارسات مخالفة وعمليات نصب تسببت في تشويه السوق، آخرها، في سبتمبر الماضي، عندما حرر محامي شركتي أمون لتصنيع الأدوية وفياتريس لتصنيع الأدوية، بلاغا بقسم شرطة مصر القديمة لاتهام مسؤولي شركة المتحدة للصيادلة بإصدار 30 شيكا دون رصيد مقابل توريد أدوية.
وأردف المحامي بأن الشركتين كان بينهما تعاملات مالية في توريد الأدوية، وتم تحرير 30 شيكا دون رصيد كافٍ في البنوك، وجرى تحرير محضر واتخاذ الإجراءات القانونية والعرض على جهات التحقيق.
وفي يونيو الماضي، كشفت مصادر أن شركة توزيع أدوية كبرى منهارة، شركة المتحدة للصيادلة، تسعى إلى العودة للسوق المصرية مرة أخرى، ما سينعش آمال معظم شركات التصنيع في إعادة نمو قطاع الأدوية الذي يعاني من ضغوطات منذ 3 أعوام.
مساعي عودة المتحدة للصيادلة
وأشارت مصادر مصرفية ومن قطاع الأدوية، إلى أن شركة المتحدة للصيادلة، تعرضت للإفلاس وانهارت منذ أعوام وتواجه أحكام قضائية حتى الآن، وتعمل مع البنوك المصرية، على جدولة ديون بمليارات الجنيهات، وتوفير تمويلات على مراحل للعودة إلى السوق مرة أخرى.
وذكرت المصادر، أن الشركة رفضت صفقات وعروض استحواذ من جهات خليجية، كانت تستهدف شراء حصص حاكمة في الشركة، وإنقاذها من عثرتها المالية منذ العام الماضي.
وأوضحت المصادر، أن عودة هذه الشركة على وجه التحديد، سيؤدي إلى تسويق الأدوية مصرية الصنع مرة أخرى بكفاءة عالية في جميع أنحاء مصر ويعزز مبيعات الأدوية المصرية، نظرا للعلاقات الكبرى التي كانت تتمتع بها شركة التوزيع، وحصولها على حصص أدوية ضخمة من الشركات في وقت سابق.
صيدليات سلسلة 19011
وفي يونيو 2022 في بداية انفجار الشركات القائمة على موجة التمويلات الضخمة للأدوية، التي انتشرت خلال جائحة كورونا، تقدم أحد المحامين ببلاغ إلى النائب العام ضد أعضاء مجلس إدارة ومديري شركة ألفا لإدارة الصيدليات المالكة لسلسلة 19011 ومنهم نعيم الصباغ ومصطفى النجار ومحمود حمدي، وكذلك حاتم رشدي صاحب سلسلة رشدي، والتي بلغت ديونها ثلاثة مليارات جنيه والتي تم الاستحواذ عليها من قبل 19011، وكذلك يسري أبو العلا صاحب سلسلة صيدليات إيمدج التي تم الاستحواذ عليها من قبل 19011.
جاء في البلاغ، الذي نشره القاهرة 24، ضمن سلسلة تقارير عن انهيارات لشركات الأدوية، أن شركة ألفا لإدارة الصيدليات والمشهورة 19011 امتلكت استئجار الصيدليات مع حقيقة أن الامتلاك وهمي لكونه عن طريق عقود إيجار من الباطن باطلة لمخالفتها النظام العام وقواعد وزارة الصحة، وأدارت أكثر من 300 صيدلية بالمخالفة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة.
وفق البلاغ، استخدمت ذلك في الحصول على الأموال والقروض بمبالغ مليارية تحصل عليها ملاكها، بما تسبب في انهيارها التام وإعلان إفلاسها بعد سنتين من المماطلة والتلاعب والتأخير والتدليس، رغم حظر قانون مزاولة مهنة الصيدلة امتلاك الشركات للصيدليات، وحظر امتلاك الصيدلي لأكثر من صيدليتين أو إدارته أكثر من صيدلية واحدة.
ووفق البلاغ، استحوذت السلسلة على مجموعة سلاسل رشدي وإيمدج مع كونهما مديونتان أيضًا وقد أصدرت أقدم دوائر محكمة استئناف القاهرة حكمها النهائي رقم 5214 لسنة 134 و7484 لسنة 134 قضائية ضد، حاتم رشدي السيد إسماعيل صاحب سلسلة صيدليات رشدي، ويسري أبو العلا صاحب إيمدج، بتأييد شطبهما وإسقاط عضويتهما من سجلات الصيادلة ومجازاة أحد عشر صيدلانيا انضموا إلى سلاسل صيدليات رشدي بالوقف عن مزاولة مهنة الصيدلة لمدة عام.
وفي مارس الماضي احتفلت مجموعة صيدليات 19011 بعودتها من جديد لسوق الدواء المصري من خلال حفل إفطار أقيم داخل أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة.
وأكد مسئولو صيدليات 19011 وقتها، بحسب ما نشره القاهرة 24، أن الخدمات لن تقتصر على مجال الصيدليات فقط بل أن هناك خدمات أخرى سيتم تقديمها مثل خدمات الطبيب المنزلي والتمريض على مدار 24 ساعة وكذلك خدمات التحاليل الكاملة من خلال أكفأ الأطباء بوجود أبليكيش يحتوى على كل الخدمات التي يحتاجها المريض.
أزمة صيدليات مصر على خط الإفلاس
وفي ديسمبر الماضي، انفرد القاهرة 24، بمساعي ممدوح الأمين مالك سلسلة صيدليات مصر، لبيع الشركة واسم العلامة التجارية إلى جهات محلية أو خليجية، بسعر أقل من القيمة الحقيقية للشركة، ورغم ذلك لم تسفر المفاوضات عن قرار نهائي وقتها، بسبب تراكم مديونيات ضخمة للبنوك وتخوف المستثمرين من الصفقة.
وكشفت مصادر مساعي شركات خليجية ومحلية للاستحواذ على سلسلة صيدليات مصر، التابعة لرجل الأعمال المصري.
وأشارت المصادر إلى أن ممدوح الأمين متعثر في قروض تقارب نحو 3 مليارات جنيه لصالح البنوك المصرية، ويحاول بيع حصصه في الشركات التابعة له وتصفيتها من أجل سداد الديون.
رد من مالك صيدليات مصر
وبعدها بعدة أسابيع، التقى القاهرة 24 بممدوح الأمين، الذي أكد صحة هذه الأحداث، وأن هناك مساعي أخرى لبيع حصة حاكمة لأحد الصناديق السيادية، لكنه لم يتوصل إلى اتفاق نهائي.
وقال إن تعطل استيراد مستحضرات التجميل والإكسسوارات التي كانت تسهم في النسبة الأكبر من أرباح الصيدليات في مصر، واهتمام البنوك بفتح اعتمادات الاستيراد للأدوية فقط والطعام في المقام الأول، كان أحد أسباب خسائر سلسلة الصيدليات الشهيرة.
وفي منتصف العام الماضي 2023، استحوذت جهة استثمار مصرية، على 49% من صيدليات العزبي، أشهر سلسلة صيدليات في مصر، وكشف الدكتور أحمد العزبي، رئيس مجلس إدارة صيدليات العزبي، أن هناك شركات عالمية حاولت التفاوض معه، ولكنه كان يرفض، ولكن مؤخرًا تم الاتفاق مع الجهة المصرية للتوسع عن طريق ضخ رأس المال في تطوير سلاسل الصيدليات.
حجم القروض المتعثرة في مصر
وكشفت مصادر في القطاع المصرفي، أن قطاع الأدوية من القطاعات الكبرة المساهمة في القروض غير المنتظمة (المتعثرة التي توقف أصحابها عن السداد) وكذلك القروض التي تحتاج متابعة خاصة (القروض التي لا ينتظم أصحابها في السداد).
وأشارت مصادر القاهرة 24، إلى أن حجم القروض المتعثرة يقارب 2.7% بنهاية يونيو 2024 من إجمالي القروض في مصر، متراجعا من 3% بنهاية 2023.
وأظهرت أحدث بيانات أن حجم القروض الممنوحة من البنوك العاملة في السوق المصرية لقطاع الصناعة صعدت بنهاية مايو الماضي 2024 لتصل حجم القروض إلى ما قيمته 1.140 تريليون جنيه، في مقابل 850.110 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2023.
واستحوذ قطاع الصناعة على نسبة 16.5% من إجمالي محفظة إقراض البنوك البالغة 6.898 تريليون جنيه بنهاية مايو 2024.
حجم مبيعات الأدوية في مصر
وبلغت مشتريات المصريين من الأدوية عبر الصيدليات 142.7 مليار جنيه، خلال العام الماضي 2023، بزيادة تتجاوز 18%، وفق بيانات "آى كيوفيا" المعنية برصد مبيعات سوق الدواء المصرية.
موضوعات ذات صلة
فصله من عمله.. تغريم صاحب صيدليات العزبي 250 ألف جنيه لصالح أحد الموظفين | خاص
هارب من 500 سنة سجن.. التحقيق مع أحمد العزبي مالك سلسلة الصيدليات الشهيرة
"المتحدة" تستحوذ على 50 % من سلسلة صيدليات 19011 (انفراد)
الصيادلة: 40 ألف صيدلية مهددة بالغلق بسبب أسعار الأدوية
ليمورال سيدرازال.. القبض على عصابة روّجت لعلاج مغشوش وكوّنت ثروات طائلة عبر حملات إعلانية مشبوهة
من 6 إلى 28 جنيها.. ارتفاع أسعار 7 أدوية لعلاج السكر
17 أغسطس.. نظر الدعوى المقامة ضد شركة بي انفستمنت على ملكية نصف صيدليات العزبي
مصادر: شركة المتحدة للصيادلة تسعى للعودة إلى السوق بعد انهيارها.. وجدولة قروض بمليارات