تقارير: بشار الأسد استعان بضباط نازيين للتحقيق مع المعتقلين في السجون السورية
مع كشف المزيد من الحقائق حول سجن صيدنايا سيئ السمعة، قالت إذاعة دويتشه فيله الألمانية، إن تكتيكات نظام بشار الأسد كانت تشكلت على يد مجرمي الحرب النازيين الذين فروا إلى الخارج بعد الحرب العالمية الثانية، فضلًا عن جهاز المخابرات في ألمانيا الشرقية والمعروف باسم شتازي.
تقارير ألمانية تتحدث عن استعانة الأسد بضباط نازيين
وبحسب التقرير، انتشرت صور مروعة على شبكة الإنترنت منذ تحرير سجن صيدنايا في سوريا، حيث كانت خمسة طوابق منه مخفية تحت الأرض، وتظهر الصور أشخاصًا هزيلين نحيفين، بعضهم يقف في زنازين مكتظة.
كما تداولت صور غرفة كان الناس فيها متجمعين في ظلام دامس، وهم يصرخون، إلى جانب ذلك عُثر على العديد من الجثث وعليها علامات تشير إلى تعرضهم للتعذيب حتى الموت.
ووفقًا لتقارير إعلامية، كان الآلاف من السجناء محتجزين في صيدنايا في اليوم الذي تم تحريره فيه.
وبحسب منظمة العفو الدولية، فقد أُعدم ما يصل إلى 15 ألف شخص خارج نطاق القضاء في السجن في الفترة ما بين سبتمبر 2011 وديسمبر 2015 وحده.
ولفتت الإذاعة الألمانية، حسب تقديرات إلى أن هناك رابطًا مباشرًا بالنازيين، وخاصة ألويس برونر، وهو ضابط قائد في قوات الأمن الخاصة النازية الذي فر إلى سوريا في عام 1954، بما حدث في سجون سوريا، حيث كان برونر زميلًا مقربًا لأدولف آيخمان، الذي كان مسؤولًا جزئيًا عن اضطهاد وطرد وترحيل وقتل الملايين من اليهود، باعتباره أحد مهندسي ما يسمى الحل النهائي.
وذكرت دويتشه فيله أن النازيين السابقين يحظون بالتقدير لخبرتهم العملية، ولم يكن برونر العضو الوحيد السابق في قوات الأمن الخاصة أو قوات الفيرماخت - القوة المسلحة الألمانية - في سوريا، كما أوضحت نورا شالاتي من مركز لايبنتز للأبحاث في برلين.
وقالت شالاتي، إن العديد منهم كانوا يعملون بشكل مباشر لدى هيئة الأركان العامة السورية بعقود مدتها عام واحد، ويقدمون المشورة للجيش وجهاز الاستخبارات العسكرية.
وأضافت: تظهر الوثائق أن هيئة الأركان العامة كانت مهتمة بشكل خاص بهؤلاء الأشخاص لأنهم كانوا في ذلك الوقت عديمي الجنسية، ومن بلد لم يكن له تاريخ استعماري على ما يبدو وبطبيعة الحال، بسبب خبرتهم في الحرب، بما في ذلك أساليب الإبادة الجماعية.
وبعد فترة وجيزة وصل برونر، الذي حُكِم عليه غيابيًا بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في فرنسا عام 1954، إلى سوريا بهوية مزورة، وفي عام 1959 قام رئيس أحد أجهزة المخابرات السورية آنذاك باعتقال برونر بتهمة التجسس وهدده بالسجن مدى الحياة، وعندها كشف برونر عن هويته الحقيقية وعرض خدماته على المخابرات السورية وتم الإفراج عنه.
وعلى مدى السنوات التي تلت ذلك، درب برونر أفراد الاستخبارات على مكافحة التجسس وأساليب الاستجواب، وشارك في دوراته التدريبية العديد من رجال المخابرات السوريين سيئي السمعة، بما في ذلك الجنرال علي حيدر، الذي قاد القوات الخاصة السورية لمدة 26 عامًا، وعلي دوبا، رئيس الاستخبارات العسكرية، ومصطفى طلاس، وزير الدفاع في نظام الأسد لاحقًا، والذي كان مسؤولًا عن القمع الوحشي للانتفاضة التي قادتها جماعة الإخوان المسلمين في حماة عام 1982، والتي قُتل فيها ما يصل إلى 30 ألف شخص.
وأشار التقرير إلى أن برونر كان يعرف بالضبط كيفية استخراج المعلومات واستخدامها، وكانت إحدى أدوات التعذيب التي استخدمها نظام الأسد حتى وقت قريب تُعرف باسم الكرسي الألماني، وهي أداة يتم فيها شد الضحايا حتى ينكسر عمودهم الفقري وكثيرًا ما قيل إن هذا الكرسي من اختراع برونر.
وذكرت الإذاعة الألمانية، أن برونر ساعد في ابتكار أدوات تعذيب مروعة، وربما كان الكرسي الألماني أحد هذه الأدوات، مضيفة أنه أثبت برونر فائدته للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة في عام 1970.
وفي سياق متصل، كتب ديدييه إيبلباوم، كاتب سيرة برونر: لقد كان يعرف بالضبط كيفية استخراج المعلومات واستخدامها، وكيفية التلاعب بالناس، وما هو مهم لأنشطة الأجهزة السرية، لقد كان يعرف أكثر من أي ضابط سوري، ونتيجة لهذا، شارك في إعادة هيكلة الأجهزة السرية.
وقال الصحفي الاستقصائي هادي عويج لإذاعة فرانس إنتر في عام 2017، إن هذه المعرفة مكنت برونر من الحفاظ على منصبه لدى النخبة السياسية السورية.
وأوضح عويج الذي تمكن من إلقاء الضوء على السنوات الأخيرة من حياة برونر، أن الصفقة كانت عبارة عن حماية في مقابل الحصول على خبرة نازية، وكان برونر يدرب جهاز المخابرات النازية، الدائرة الأقرب إلى حافظ الأسد، مضيفًا أن برونر ألقي في نهاية المطاف في السجن من قبل نظام الأسد في عام 1996، حيث بقي هناك حتى وفاته التي يُعتقد أنها حدثت في عام 2002.
وذكر التقرير أن القيادة السورية لم تعتمد فقط على النازيين الهاربين للمساعدة، بل إنها قبلت أيضا الدعم من جهاز الأمن الحكومي السابق في ألمانيا الشرقية ـ جهاز شتازي.
وأضاف أن الاتصال بدأ في البداية بناء على طلب من سوريا في عام 1966، وكانت دمشق مهتمة بكل شيء بدءا من تكنولوجيا الأسلحة وحتى هيكل وتنظيم أجهزة الاستخبارات والمؤسسات السياسية، مشيرًا إلى أنه من الصعب الحصول على أدلة وثائقية على تعاونهم، حيث قامت شتازي بتدمير جميع الملفات ذات الصلة عندما تم حلها في عام 1989.
ولفت التقرير إلى أنه من الصعب إثبات بشكل قاطع أن النازيين أو جهاز المخابرات السرية الألمانية ستاسي أثروا بشكل مباشر على أجهزة المخابرات السورية، ولكن التقرير أشار إلى أن الصورة العامة تتناسب بشكل جيد مع ما نراه حاليًا في سوريا.
وتشير الملفات التي يتم الكشف عنها حاليًا إلى أن جهاز الاستخبارات السوري كان يتميز بالبيروقراطية المفرطة، مشيرًا إلى أن هذه ظاهرة مألوفة بالنسبة للألمان منذ عهد جمهورية ألمانيا الديمقراطية وجهاز الأمن في ألمانيا الشرقية، وفقًا لتصريحات نورا شالاتي من مركز لايبنتز للأبحاث في برلين.
وأضافت شالاتي: لا أستطيع أن أزعم أن هناك صلة مباشرة أو سببية، ولكنها ظاهرة مذهلة، وربما تكون هذه الظاهرة أيضا من سمات أجهزة الاستخبارات عموما؛ وهناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذا الموضوع، لكن في الوقت نفسه، كانت أجهزة المخابرات السورية بمثابة أداة للقمع والتعذيب في يد النظام، وارتكبت أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما يشبه نهج النازيين والجيستابو أكثر من نهج جهاز الأمن السري الألماني شتازي.