نواب الأقصر في سباتٍ عميق أمام جريمة تهز الرأي العام
في الوقت الذي تعيش فيه الأقصر صدمة مزلزلة وغضب عارم، إثر جريمة ذبح مروعة هزت الشوارع وأثارت الرأي العام، يظهر نواب المحافظة في حالة سبات عميق، وكأن دماء الضحية وصراخ المجتمع لا تعنيهم.
موظف فقد حياته في لحظة مأساوية تحت وطأة اضطراب نفسي أو هذيان شيطاني، أو تأثير المخدرات، لتتحول قصته إلى مأساة موثقة بعدسات الهواتف، وتنقلب شوارع الأقصر إلى ساحة من الخوف والرعب.
ورغم فداحة الحدث، لم يبدِ نوابنا أي تحرك يُذكر، بل اختفوا كعادتهم، تاركين أبناء المحافظة وحدهم في مواجهة هذا الكابوس.
تجول شاب في شوارع المدينة حاملًا رأس ضحيته بعدما أقدم على ذبحه بوحشية لا يقبلها عقل، هذا المشهد الصادم، الذي وثقته مقاطع الفيديو وانتشر كالنار في الهشيم، لم يكن مجرد جريمة قتل عادية، بل قضية رأي عام كشفت عن ثغرات قانونية وأمنية واجتماعية خطيرة.
ومع ذلك، فإن ردود الفعل التي كنا ننتظرها من أعضاء مجلس النواب بالأقصر كانت صادمة في حد ذاتها، الصمت والتجاهل وكأن شيئًا لم يحدث.
دور غائب.. ونواب بلا أثر
كنّا نتوقع أن نسمع صوتًا واحدًا على الأقل من نواب المحافظة، يطالب بفتح تحقيق عاجل، أو يدعو إلى جلسة طارئة لمناقشة انتشار ظواهر خطيرة مثل المخدرات والأمراض النفسية غير المعالجة، ولكن بدلًا من ذلك، يبدو أن السادة النواب يعتقدون أن دورهم يقتصر على الظهور في المناسبات الرسمية والتقاط الصور مع المسؤولين، بينما يتجاهلون مهامهم الأساسية من تشريع ورقابة.
هل غاب عنهم أن من مهامهم اقتراح قوانين تحمي المجتمع، والضغط على الجهات المختصة لاتخاذ إجراءات حازمة؟ أم أنهم فقدوا الاتصال تمامًا بالشارع الذي أوصلهم إلى مقاعد البرلمان؟
المخدرات والمرض النفسي.. قنابل موقوتة في غياب الرقابة
الجريمة التي هزّت الأقصر ليست مجرد فعل فردي منعزل، بل هي مؤشر خطير على انهيار المنظومة الرقابية على عدة مستويات، فالحديث عن كون الجاني مريضًا نفسيًا أو مدمنًا لمادة الشابو، لا يعفي المسؤولين من المساءلة، بل يفتح الباب أمام ضرورة التحرك السريع لإنشاء مصحات نفسية مجانية، وتعزيز دور المؤسسات العلاجية والتوعوية، وتجفيف منابع المخدرات التي أصبحت تنتشر بين الشباب كالنار في الهشيم، ولكن للأسف، لا نرى تحركًا من نوابنا للمطالبة بهذه الخطوات، وكأن الأمر لا يعنيهم.
هل نحن السبب في هذا الصمت؟
ربما يتحمل أهل الأقصر جزءًا من المسؤولية، فاختيارنا لنواب بلا رؤية، ولا قدرة على المواجهة، هو ما أوصلنا إلى هذا الحال، فالبعض منهم استغل فترة عضويته في المجلس لجني مكاسب شخصية، بينما لم نسمع لهم صوتًا عندما احتاجهم الناس في كارثة حقيقية، فهل نحن مستعدون لتكرار نفس الأخطاء في الانتخابات المقبلة؟ أم أن هذه الجريمة ستكون نقطة تحول تدفعنا إلى محاسبة من خذلونا؟
الخوف يسيطر على الشوارع.. ولا حلول في الأفق
اليوم، أصبح المواطن الأقصري يشعر بالخوف عند خروجه إلى الشارع، ليس فقط بسبب الجريمة الأخيرة، ولكن لأن غياب الحلول يجعل تكرارها أمرًا محتملًا.
نحن لا نريد خطبًا رنانة أو بيانات جوفاء، بل نريد إجراءات ملموسة، نريد تشريعات تحمي المجتمع، نريد رقابة على تجارة المخدرات، نريد مستشفيات نفسية تعالج المرضى قبل أن يتحولوا إلى قتلة، نريد أن نشعر أن هناك نواب يمثلوننا بحق، وليس مجرد أسماء على قوائم انتخابية.
التاريخ لن يرحم المتخاذلين، والأقصر لن تنسى من خذلوها في لحظاتها العصيبة.