الخميس 30 يناير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الـ تافور والهدايا.. القسام تحرج إسرائيل بأسلحة نخبته

أحمد سعيد
مقالات
أحمد سعيد
الأربعاء 29/يناير/2025 - 10:55 م

إذا كان عدوك سريع الغضب احرص على مضايقته وإثارة غيظه.. مقولة خلدها القائد الصيني الشهير صن تزو في كتابه العسكري الأكثر شهرة عن قواعد واستراتيجيات المعارك “ فن الحرب”، استحضرتها وأنا أشاهد بداية هذا الأسبوع احتفالات مقاتلي كتائب القسام ومعهم حشد جماهيري كبير من أهالي قطاع غزة، خلال تسليم أربع مجندات أسيرات من جيش الاحتلال الإسرائيلي للصليب الأحمر، مقابل إطلاق سراح 200 أسير فلسطيني.

ما أثار الانتباه ليس قدرة الفصائل الفلسطينية رغم طول العدوان وضراوة المعارك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي طوال 15 شهرا، على التنظيم الجيد أو الخروج بأعداد كبيرة من المقاتلين في زيهم العسكري وبدلاتهم التكتيكية النظيفة الخاصة بالعروض العسكرية، ولكن الرسائل المباشرة وغير المباشرة في إيصال رسائل تؤثر بشكل كبير في عقيدة الخوف الإسرائيلية والسخرية منهم.

من خلال مقطع فيديو مصورلعملية تسليم الأسيرات، ظهرت المجندات الأربع كارينا أرئيف، ودانييل جلبوع، ونعمة ليفي، وليري إلباج، بملابس عسكرية زيتية جديدة تشبه الزي الرسمي للجيش الإسرائيلي، ومن داخل السيارة التي أقلتهن من أماكن احتجازهن صوب ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، تلقين حقائب ورقية طُبع عليها شعار كتائب القسام، وبداخلها هدايا تذكارية بجانب شهادات تخرجهن من الأسر باللغتين العربية والعبرية.

وسرعان ما وجهت الأسيرات الأربع وابتسامة رضا تعلو وجوههن رسالة باللغة العربية عن المعاملة الجيدة التي لاقينها، حيث قالت الأكثر سمنة من بينهن: "شكرا للقسام على كل المعاملة الكويسة.. شكرا للأكل والشرب والملابس"، ورغم دراماتيكية المشهد الذي يبدو وكأنه مقتبس من فيلم كوميدي، وهو ما يطرح تساؤلا هاما أنه رغم القصف والنزوح طوال عام ونصف تعلمت الأسيرات اللغة العربية بلكنة مكسرة!

لكن ما مثّل رصاصة في مقتل للغرور الإسرائيلي ونال من كبريائه، ظهور أربعة مقاتلين من وحدة "الظل" المسؤولة عن تأمين الأسرى، وهم يرتدون ملابس عسكرية سوداء ميزتهم دون غيرهم خلال مرافقة الأسيرات الإسرائيليات فوق المنصة، التي شهدت عملية التسليم لمندوبي الصليب الأحمر بميدان فلسطين وسط مدينة غزة، وجميعهم يحمل البنادق الهجومية إسرائيلية الصنع المخصصة لقوات النخبة من طراز تافور (IMI Tavor TAR-21).

لا يهم من أين حصل مقاتلو القسام على البنادق الهجومية إسرائيلية الصنع المخصصة لقوات النخبة من طراز تافور، سواء أكان ذلك خلال عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، أم غنائم من الجنود القتلى خلال المعارك في قطاع غزة، لكن المؤكد أنها رسالة سخرية قاسية تحمل دلالات كبيرة ووقع أكبر على نفوس الإسرائيليين وقادتهم العسكريين والسياسيين.

وقبلها بأسبوع يوم السبت الموافق 18 يناير الجاري كان تسليم الدفعة الأولى من الأسيرات، ولأول مرة تظهر شنطة الهدايا الورقية وشهادات تخرج الأسرى وقلادات تحمل خريطة دولة فلسطين، وهو ما دفع كثير من وسائل الإعلام العبرية وصف ما حدث بأنه سخرية من الإسرائيليين، ومنها القناة الـ 12 الإسرائيلية التي قالت عنها بأنها حقائب المفاجآت الساخرة.

منذ الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023، تخوض الفصائل الفلسطينية حربا إعلامية شرسة لا تقل أهمية عن حرب الأسلحة، وهو ما ظهر جليا من مقاطع الفيديو والصور التي وثقت العمليات العسكرية من تدمير للدبابات أو قنص للجنود وغيرها وكان هدفها في المقام الأول بقاء الروح المعنوية للفلسطينيين عالية والتأثير في نفوس الإسرائيليين وجيشهم وقادتهم وباعتقادي أنه جاء بعد دراسة معمقة للداخل الإسرائيلي عقائديا ونفسيا.

أقل من 24 ساعة تفصلنا عن تسليم ثلاث أسرى جدد غدا الخميس، وهم الأسير جادي موشي موزسس، والأسيرتان آجام بيرغر، وأربال يهود، والأخيرة هي الأشهر بينهم وكثر الحديث حولها، وباعتقادي أننا ننتظر مشهدا في إطار الدراما الساخرة التي تنال من سيكولوجية الإسرائيليين أنفسهم ويجعلهم يتجرعون مرارة غرورهم ولطمة أخرى على وجه العقيدة البكاءة.

تلك المشاهد الساخرة والمعدة بعناية تذكرني بعودة الأسرى من الجنود الإسرائيليين إلى مطار بن جوريون، عقب انتصار الجيش المصري في السادس من أكتوبر عام 1973، مرتدين البيجامات الكاسترو المصرية بينما كانت جولدا مائير تقف شاردة الذهن حزينة الوجه واضعة يدها أسفل ذقنها في مشهد ينبئ عن الصدمة والحسرة.!

تابع مواقعنا