الجمعة 31 يناير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

المفتي: الفقه الافتراضي ضرورة لمواكبة التغيرات المستجدة

الدكتور نظير عياد
أخبار
الدكتور نظير عياد
الجمعة 31/يناير/2025 - 06:34 م

قال الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، إن عصرنا الذي يشهد تسارعات وتغيرات كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يتطلب من المؤسسات الدينية، وعلى رأسها علماء الفقه، إعمال الفكر والقدرة على التنبؤ بالمستقبل وتطوير الفتاوى لتواكب هذا الواقع المتغير.

المفتي: الفقه الافتراضي ضرورة لمواكبة التغيرات المستجدة

وأوضح مفتي الديار المصرية، خلال تصريحات تليفزيونية، أن مفهوم التنمية المستدامة يرتبط بشكل وثيق بمفهوم الفقه الافتراضي، قائلًا: التنمية المستدامة ليست فقط تحسين الواقع الحالي، بل هي رؤية مستقبلية تهدف إلى تحقيق الخير للإنسان، مع الاستفادة من موارد الطبيعة بطريقة تراعي حقوق الأجيال القادمة.

وأضاف مفتي الديار المصرية أن هذا المبدأ يرتبط بتعاليم الشريعة التي تدعو إلى العناية بالبيئة والحفاظ على الموارد، وبالتالي فإن الفقه الإسلامي قد يتطلب تحديثًا في فهمه لمواكبة تلك الرؤية المستقبلية.

وأكمل المفتي: الفقه الافتراضي هو الفقه الذي يعمد فيه الفقيه إلى افتراض قضايا قد لا تكون موجودة في زمانه، ولكنه يضع لها أحكامًا استنادًا إلى المبادئ العامة للشريعة، وهذا الفقه كان يعتمد على قدرة الفقيه على التنبؤ بالمستقبل، وعلى علمه بقدرة الشريعة على التعامل مع المستجدات.

وأكد أن هذا الأمر لم يعد مجرد رفاهية فقهية أو ترف فكري، بل أصبح ضرورة في عصرنا الحالي، خاصة أننا نعيش في عالم مليء بالتغيرات المتسارعة، والعديد من القضايا التي لم تكن موجودة في السابق أصبحت الآن من أولويات النقاش الفقهي، وفي هذا السياق، أصبح من الواجب على العلماء والفقهاء أن يكون لديهم القدرة على فهم الواقع وقراءة المستقبل.

وأشار مفتي الديار المصرية إلى أن الفقهاء في العصر الحديث يجب أن يتعاملوا مع القضايا المستجدة في العالم الافتراضي، الذي أصبح له تأثير كبير على جميع جوانب الحياة، موضحا: ما لم يكن لدى الفقيه الحاذق القدرة على التنبؤ بتلك القضايا ووضع الضوابط الشرعية المناسبة لها، فإن ذلك يعد تهربًا من المسؤولية.

وشدد المفتي على أن الشريعة الإسلامية، رغم ثباتها، تتمتع بمرونة عالية، وهي صالحة لكل زمان ومكان، ولهذا فإن القدرة على التنبؤ والتعامل مع المستجدات ضرورة لضمان أن تبقى الشريعة مواكبة للتحديات الحياتية المعاصرة.

 المفتي: الشريعة سبقت المفهوم المعاصر لـ"التنمية المستدامة" في كل المجالات

وأكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الإسلام قدّم دعوة قوية لتحقيق الاعتدال والتوازن في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك الاقتصاد والاجتماع والبيئة.

وقال مفتي الديار المصرية: في الجانب الاقتصادي، نجد دعوة في القرآن الكريم لتحقيق التوازن بين التوفير والإفراط في الإنفاق، حيث قال الله تعالى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا، كما حثنا على الاعتدال في الإنفاق وضرورة تجنب الإسراف.

وأضاف مفتي الديار المصرية أنه في التنمية الاجتماعية، تسعى التنمية المستدامة إلى إقامة منظومة قيم أخلاقية تحكم العلاقات بين الناس وتمنع التنازع والخلاف الذي قد يؤدي إلى تعطيل الهدف الأسمى من التنمية، وهو البناء والعمران، لافتا إلى أن الشريعة الإسلامية تهدف إلى تقوية العلاقات بين الناس من خلال منظومة قيمية وأخلاقية تضمن احترام الحقوق والواجبات، وهذا يتماشى تمامًا مع مفاهيم التنمية المستدامة التي تستند إلى تعزيز التفاهم الاجتماعي.

وأردف المفتي: الشريعة قد سبقت المفهوم المعاصر للتنمية المستدامة من خلال رؤيتها المتكاملة التي تراعي مصالح الأفراد والجماعات على المدى الطويل، والشريعة نظرت إلى الإنسان ككائن اجتماعي لا يمكن أن يعيش في عزلة عن غيره، لذا فإن التعايش الاجتماعي يتطلب وجود ضوابط أخلاقية للحفاظ على استقرار المجتمعات.

وأوضح مفتي الديار المصرية أن التنمية المستدامة تتطلب رؤية مستقبلية، وهي أحد الأبعاد التي تشترك فيها الشريعة الإسلامية مع هذا المفهوم، فقد حثّت النصوص الدينية على الاهتمام بالمستقبل، سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة، كما جاء في قوله تعالى: "وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"، لافتا إلي أن النظرة المستقبلية في الشريعة لا تقتصر على الآخرة فقط، بل تشمل الحياة الدنيا أيضًا، ما يعكس اهتمام الشريعة بالتخطيط للمستقبل وبناء استدامة المجتمعات.

كما تطرق فضيلة المفتي إلى الجانب البيئي من التنمية المستدامة، مؤكدًا أن الإسلام قد نظر إلى البيئة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من المقاصد الشرعية، موضحا أن الشريعة الإسلامية أولت اهتمامًا بالغًا بالبيئة، حيث تعتبر المحافظة على الطبيعة جزءًا من تحقيق مقاصد الدين، بدءًا من حفظ النفس والمال وصولًا إلى الحفاظ على النباتات والحيوانات، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إيذاء المخلوقات، بل غضب عندما رأى أصحابه يحرقون قرية من النمل، قائلًا: 'لا يعذب بالنار إلا رب النار'.

وشدد الدكتور نظير عياد، على أن التنمية المستدامة، في الإسلام ليست مجرد مصطلح معاصر، بل هي جزء من رؤية شاملة تأخذ في اعتبارها جميع جوانب الحياة البشرية من الأخلاق إلى الاقتصاد إلى البيئة،لافتا إلى أن العلاقة بين المقاصد الشرعية والتنمية المستدامة علاقة وثيقة، والشريعة الإسلامية سبقت مفاهيم التنمية المستدامة المعاصرة من خلال نظرتها المتكاملة التي تراعي مصالح الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

المفتي: الأمن في الأوطان المظلة التي تحفظ المقاصد الشرعية

فيما، أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الحديث عن علاقة الأوطان بالمقاصد الشرعية في الوقت الراهن، يعد من القضايا الأساسية التي يجب التركيز عليها خاصة مع تنامي الاتجاهات المتطرفة والنظريات الغريبة التي تبتعد عن مراد الشارع وتسيء فهم المقاصد الشرعية.

وأوضح مفتي الديار المصرية، اليوم الجمع، أن الشريعة الإسلامية قامت على حفظ الكليات الضرورية مثل الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وهذه الكليات تحتاج إلى مظلة تحميها، وهو ما تمثله الأوطان.

وقال: إذا لم يكن هناك وطن يحفظ هذه الكليات، فلا يمكن الحفاظ عليها، لذلك يجب أن نعتبر المحافظة على الأوطان جزءًا من المقاصد الضرورية التي تتطلب اهتمامنا.

وأشار إلى أن العلماء الكبار الذين تناولوا قضية الدولة قد أكدوا على أهمية الحفاظ على الأوطان باعتبارها عنصرًا أساسيًا لتحقيق المقاصد الشرعية، من أبرزهم الإمام الطاهر ابن عاشور الذي تحدث عن الدولة كمقصد شرعي، مؤكدًا أن الدولة تمثل الأداة التي من خلالها يتم الحفاظ على هذه المقاصد الضرورية.

وأضاف مفتي الديار المصرية أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مثالًا رائعًا على حب الوطن، حيث قال: "والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت"، لافتا إلى أن هذه الكلمات تعكس ارتباط الإنسان بوطنه، وهو ارتباط فطري وطبيعي، بعيدًا عن أي اعتبار ديني أو عرقي، خاصة إذا كان هذا الوطن يوفر الأمن والاستقرار.

تابع مواقعنا