الإثنين 10 فبراير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

غزة.. 4 سيناريوهات لـ اليوم التالي وإسرائيل تواجه معضلة كبرى

إبراهيم الدراوي
مقالات
إبراهيم الدراوي
الثلاثاء 04/فبراير/2025 - 07:35 م

تتصدر مسألة اليوم التالي للحرب على غزة المشهد السياسي في إسرائيل، حيث يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة لاتخاذ قرار بشأن الجهة التي ستتولى إدارة القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية.

لا تملك إسرائيل إجابة واضحة حول من سيحكم غزة في اليوم التالي، فبينما تسعى للقضاء على نفوذ حماس، تجد نفسها أمام خيارات غير قابلة للتطبيق بالكامل، فإعادة احتلال القطاع ستكلفها سياسيًا واقتصاديًا، بينما يبقى بديل السلطة الفلسطينية ضعيفًا وغير مضمون، أما السيناريو الدولي، فرغم دعمه من بعض الأطراف، فإنه لا يزال غير عملي على الأرض.

يعقد نتنياهو اجتماعًا للمجلس الوزاري المصغر الكابينت فور عودته من الولايات المتحدة لمناقشة الموقف الإسرائيلي من المرحلة الثانية للصفقة، إذ بات واضحًا أن هناك خيارات محدودة أمام إسرائيل، وجميعها محفوفة بتحديات كبرى.

الاجتماع الأخير بين نتنياهو والمبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الأوسط كان محوريًا في تحديد مسار المفاوضات المقبلة.

القرار الذي تلاه بمغادرة الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة يشير إلى أن هناك توجهًا لاستكمال المباحثات، رغم المعارضة الشديدة من الأوساط اليمينية المتطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يطالب بإنهاء المفاوضات وإعادة احتلال القطاع بالكامل.

لكن يبدو أن الضغوط الأمريكية، خصوصًا من دونالد ترامب، قد تدفع إسرائيل نحو حل سياسي أكثر تعقيدًا، يمنح الأولوية لإنهاء الحرب مقابل تسويات أوسع تشمل اتفاقيات تطبيع جديدة.

تتعدد السيناريوهات المحتملة للسيطرة على غزة، يتصدرها استمرار حكم حماس. ورغم أنه الخيار الأقل تفضيلًا من قبل إسرائيل، فإن إبقاء حماس في السلطة قد يكون نتيجة واقعية للحرب، لا سيما أن الحركة لا تزال تدير الحياة اليومية في غزة، وتتحكم بالخدمات الأساسية والأمن الداخلي. ومع استمرار وجود آلاف المسلحين المنضوين تحت جناحها العسكري، باتت الحركة أقرب إلى نموذج "حزب الله" في لبنان، حيث تفصل بين هياكلها السياسية والعسكرية.

القاهرة طرحت بالفعل خلال الأشهر الماضية سيناريو إنشاء لجنة إسناد مدنية بقيادة تكنوقراط فلسطينيين إلى جانب السلطة الفلسطينية، لكن حماس ترفض حل جناحها العسكري، وهو ما يتعارض مع أهداف إسرائيل، التي تخشى أن يتحول هذا النموذج إلى كيان أكثر شرعية في نظر المجتمع الدولي، مما يقوض أهداف الحرب ويفتح المجال لاعتراف دولي تدريجي بحماس كجزء من المعادلة السياسية الفلسطينية.

السيناريو الثاني هو إعادة احتلال القطاع، وهو الخيار الذي يدفع باتجاهه سموتريتش وأيتمار بن غفير عبر فرض حكم عسكري إسرائيلي على غزة بعد الحرب. وبالفعل، تسيطر إسرائيل حاليًا على مناطق مثل محور نتساريم، ومحور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، لكنها التزمت بمغادرة هذه المواقع وفقًا لاتفاقيات المرحلة الأولى من الصفقة.

إلا أن هناك ضغوطًا من الجناح اليميني في الحكومة لوقف تنفيذ هذه الاتفاقيات والعودة إلى خيار الحرب الشاملة، الذي قد يؤدي إلى إعادة احتلال غزة، وهو سيناريو من شأنه أن يعيد إنتاج الاحتلال المباشر للقطاع كما كان قبل عام 2005.

مع ذلك، فإن هذا الخيار ينطوي على مخاطر جيوسياسية كبرى، حيث سيؤدي إلى صدام مباشر مع واشنطن، وقد يعرقل المساعي الإسرائيلية لإقامة علاقات دبلوماسية مع دول خليجية من خلال الاتفاقيات الإبراهيمية التي طرحا ترامب في ولايته الأولى.

السيناريو الثالث يتمثل في عودة السلطة الفلسطينية، وهو الخيار الوحيد الذي تفضله الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية، لكن العقبة الأساسية تكمن في الرفض الإسرائيلي المتكرر لإشراك السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع.

يحاول نتنياهو تجنب أي ارتباط سياسي مع السلطة، لكنه زعم أن حتى تشغيل معبر رفح يتم من خلال شخصيات فلسطينية لا تنتمي إلى رام الله. الضغوط الدولية تتزايد لإعادة السلطة إلى غزة، رغم ضعفها الهيكلي وعجزها عن فرض سيطرتها على الضفة الغربية. 
تجربة السلطة في جنين ومدن أخرى أظهرت أن أجهزتها الأمنية غير قادرة على مواجهة الفصائل المقاومة، مما يطرح تساؤلات جدية حول مدى استعدادها لإدارة غزة في ظل وجود بنية تحتية عسكرية متماسكة لحماس.

أما السيناريو الرابع، فهو وجود قوة دولية بدعم عربي، ويمثل هذا السيناريو حلًا وسطًا بين الرغبة الإسرائيلية في منع عودة حماس، والضغوط الدولية لمنع إعادة احتلال القطاع. وقد شهدت الأشهر الأخيرة طرح عدة مقترحات لإنشاء قوة متعددة الجنسيات تتولى إدارة غزة، بمشاركة دول عربية مثل السعودية والإمارات.

لكن هذا الخيار يواجه عراقيل كبرى، أبرزها غياب توافق عربي حول طبيعة هذه القوة، خصوصًا أن الإمارات والسعودية كانتا قد أوضحتا أن دعمهما لأي مشروع من هذا النوع مرتبط بإقامة دولة فلسطينية. كما أن إسرائيل نفسها لا تزال مترددة في السماح بوجود قوات أجنبية على حدودها، خوفًا من أن تتحول هذه القوة إلى آلية لإضفاء شرعية سياسية على الحكم الفلسطيني في غزة.

رغم الأهداف التي حددتها إسرائيل بإضعاف حماس والقضاء على بنيتها التحتية، فإن المشاهد القادمة من غزة، بما في ذلك تسليم الأسرى الإسرائيليين بآلية منظمة، تعكس أن الحركة لا تزال تتمتع بقدرة إدارية وأمنية كبيرة، مما يضع تل أبيب أمام معضلة جوهرية حول مستقبل القطاع.

في ظل استمرار تعقيد المشهد، يبقى السؤال الأهم: هل ستقبل إسرائيل بتسوية تتيح لها الخروج من مستنقع غزة بأقل الخسائر الممكنة، أم أنها ستغامر بإطالة أمد الحرب، رغم العواقب التي قد تؤدي إلى عزلة دولية متزايدة؟

تابع مواقعنا