أرواح متشابهة
بيبقى جميل لما تقعد تسمع من اتنين أصدقاء عن بداية صداقتهم وتفاصيلها الممتعة.. بتزيد حلاوة القعدة أكتر لما تعرف إن عُمر الصداقة دي سنين طويلة وبالتالي العلاقة أمتن، والحكايات أكتر، وأمتع.. هدير، وسندس صديقتين من مصر عمرهم حاليًا 37 سنة.. مفيش شك إنه شيء سخيف إن راجل يقول عُمر اتنين سيدات عادي كده، لكن مفيش في الأمر حرج ما دام بطلبهم هما الاتنين سوا وده كان سببه للدلالة منهم على عمق علاقتهم وطول مدتها.
من 30 سنة كانت الطفلتين "هدير"، و"سندس" جيران جُداد في نفس المنطقة، وفي عمارتين قصاد بعض.. مع الوقت بقوا البنتين في نفس المدرسة!.. مش بس كده وفي نفس الفصل كمان!.. مع الوقت أكتر وبسبب صداقة البنتين الصغيرين دول بقى فيه صداقة بين أسرتيهم كمان.. ممكن يتبادر للذهن إن الاتنين ماعندهمش إخوات بالتالي ده خلى ارتباطهم ببعض مفهوم على أساس إن كل واحدة منهم لقت في التانية صديقة وأخت أو أخ.. بس لأ.. هدير كان عندها 3 إخوات ولاد، وسندس كان عندها أخت واحدة أكبر منها.. صداقة البنتين هي نفس النوع من الصداقات اللي كلنا مرينا بيها مع شخص ما في أيام طفولتنا وبعد كده بعدتنا الأيام عن بعض بس فضلت ذكرياتنا الحلوة باقية.
الجميل في هدير، وسندس إنهم قرروا من صغرهم إن "مفيش حاجة تفرق ما بينا!".. ماكنش فيه مكابرة في التعامل مع عيوب الطرف التاني ما دمنا عرفنا بعض كويس، وما دمنا تقبلنا عيوبنا لإن المميزات كانت أكتر وكفة ميزان راحتنا سوا كان أتقل.. لما واحدة منهم بتتعب بتروح التانية تقعد تحت رجليها وتسيب كل حاجة لحد ما صاحبتها تخف!.. عادي جدًا إنك تلاقي سندس حوشت مصروف 5 شهور كاملين عشان تشتري هدية لـ هدير.. وطبيعي جدًا تلاقي هدير تروح تتخانق مع 3 بنات أكبر منها في السن وفي الجسم لمجرد إنهم غلسوا على سندس الغلاسة العادية اللي موجودة بين التلاميذ في المرحلة الدراسية!.. بس لأ.. سندس خط أحمر عند هدير.
حتى لما كبروا وكل واحدة منهم بقى ليها حياتنا الخاصة وأسرتها فضلت العلاقة زي ما هي.. الشرط على الزوجين كان كالتالي.. كل واحد فيكم ليه علينا حق كزوجتين إن بيته يكون أحسن بيت ومش ناقصه حاجة هو ولا عياله، وإن ما يكونش فيه تقصير من أي نوع.. إحنا مش طالبين غير حاجة واحدة بس.. هدير أساسية في حياة سندس والعكس برضه.. دي صديقتي اللي ربنا عوضني بيها عن كل الناس، وعارفاها قبل ما يكون ليا بيت، وناوية إن معرفتنا تكمل.. لازم نتقابل مرتين في الأسبوع.. لازم نتكلم مرة كل يوم في الموبايل.. المناسبات الخاصة بتاعة أعياد الميلاد ليها طقوسها ومينفعش واحدة فينا ما تروحش عيد ميلاد التانية.. وغير كده قول مواقف على قد ما تقول مش هتخلص المواقف اللي بتثبت لك عمق ومتانة العلاقة دي!
النهاردة هدير من محاربات نوع من أشرس أنوع السرطان المتعارف عليها لكنها بتواجهه بمنتهى الشجاعة والقوة، وسندس ورغم إصابتها من كذا سنة بمشاكل في ركبتها الشمال خلت حركتها صعبة، لكنها حريصة تاخد صاحبتها من إيديها لجلسات الكيماوي ومخصصة 3 ساعات يوميًا تقعدهم معاها في بيتها.. حظي كان عظيم إن الصدفة جمعتني بيهم في قعدة عن طريق صديقة مشتركة.. حظي كمان كان عظيم لإني قابلت نموذج للنوع ده من العلاقات واللي بقينا نفتقده في الزمن ده.. بتمنى من كل قلبي ربنا ما يوجع قلب واحدة منهم على التانية وإن ربنا يخليهم لبعض ويبارك في معرفتهم الطيبة.
الفراق بيكتب كلمة النهاية في العلاقات اللي سوس عدم التقدير، والمكابرة، والعناد، وعدم التقبل بينخر فيها.. واحدة واحدة وبالتدريج وبسلسلة من التجاهل المتعمد أو الإساءة أو حتى الغلطات البسيطة وارد جدًا إنك تخسر شخص كان أقرب حد ليك.. وبنفس المقياس سهل جدًا تحافظ على وجوده للأبد بشوية استيعاب، وتغاضي.. الناس مش لوغريتمات معقدة والأمر ببساطة إنه إذا تشابهت الأرواح طال البقاء.
