المذكرات الأخيرة.. اعترافات آية عادل قبل الرحيل

في صفحات مهترئة بحبر مرتبك، كانت آية عادل تكتب مأساتها بصمت، وكأنها تودع العالم على الورق قبل أن ترحل عنه للأبد، فلم تكن مجرد كلمات مبعثرة، بل كانت صرخات مكبوتة لروح أرهقتها القيود، واستغاثة لم يسمعها أحد حتى فات الأوان.
حياة خلف الجدران.. عزلة إجبارية ومعاناة مستمرة
لم يكن لأحد أن يتخيل حجم الألم الذي عاشته آية في صمت، خلف جدران منزل لم يكن ملاذًا لها، بل سجنًا بلا قضبان. كانت ممنوعة من مقابلة أي شخص، حتى أقرب الناس إليها. مُنعت من الاحتفال بزواجها كما كانت تحلم، حُرمت من العمل، مُنعت من ممارسة أبسط هواياتها، حتى الكلام لم يعد من حقها إلا في التفاهات، كما أجبرت على العيش في عزلة تامة، محرومة من زيارة أهلها أو استقبال أصدقائها.

عنف مستتر تحت ستار الواجبات
لم يكن العنف الذي تعرضت له آية مجرد ضرب أو إهانة، بل كان عنفًا نفسيًا ممنهجًا، كسرها يومًا بعد يوم. من أول ليلة زواجها، تعرضت لما أسمته في مذكراتها "انتهاك رغم الرفض"، وكأن إرادتها لم تكن ذات أهمية. أجبرت على تربية طفلها وحدها، وأصبحت مسؤولة عن طهي كميات هائلة من الطعام عند قدوم الضيوف، كأنها وُجدت فقط لخدمة الآخرين.
تحكم حتى في مصيرها
لم يقتصر الأمر على العزلة والعنف النفسي، بل امتد إلى التحكم المطلق في حياتها. لم يكن لها حرية التصرف في أموالها، وأُجبرت على دفع تكاليف لم تكن مسؤولة عنها، حتى جسدها لم يكن ملكًا لها، فقد سُلب منها حق الأمومة حين أجبرت على الإجهاض.
اللحظات الأخيرة.. صرخة لم يسمعها أحد
في آخر صفحات مذكراتها، لم تطلب آية الرحمة، ولم تبكِ، بل سجلت معاناتها كأنها تعرف أن لا أحد سيقف إلى جانبها. لم تكن تتحدث عن أحلام المستقبل، بل كانت توثق سلسلة من الأوامر التي تحولت إلى قوانين قيدت حياتها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.
اليوم، أصبحت مذكرات آية عادل قضية رأي عام، لكن هل ستغير شيئًا؟ أم ستظل مجرد قصة حزينة تضاف إلى قائمة طويلة من الحكايات التي انتهت قبل أن تبدأ؟.
