انفجار معهد الأورام.. المحطة الأخيرة لـ أهل العروسة من قاعة الأفراح للمشرحة
مشاهد الفرح وزغاريد العُرس، تمايل الأجساد على نغمات أغاني الأفراح، وتصفيق الأيدي الممزوج ببسمات الوجوه، كل هذا تلاشى في غمضة عين، فمشاهد الفرح اتشحت بالسواد، وتمايل الأجساد فتكت به النيران ففتته، لا أيادٍ تُصفق ولا وجوه باسمة.
لم تكن تعلم أسرة طارق شوقي أنها على موعد مع الموت، وهم في طريق العودة من حفل خطوبة ابنتهم، ولم تكن تعلم العروس ان طلتها البيضاء سرعان ما ستتحول لأسود من أثر النيرات التي التهمت أسرتها بالكامل، وهم في طريقهم لمنزلهم في منطقة البساتين.
الخطبة أقيمت بنادي المعلمين بمنطقة الجزيرة في حي الزمالك، والذي اضطرت العائلة لإقامة “الفرح” به، على عكس ما كان مخطط له من البداية، حيث كان من المفترض أن يتم إقامته في “شارعهم” لكن تم إلغاءه بسبب وفاة أحد الجيران في الشارع.
“ميتم” الشارع الذي حول مسار الفرح لنادي المعلمين، أبى أن يترك الشارع ذاته وقرر استمرار الحزن بين جنباته، فرحت الأسرة ورقصت رقصتها الأخيرة في الحياة، وانتهى “الفرح” في الحادية عشر مساءًا، وخرج العروسين واستقلوا سيارة الزفة، وقُسمت بعدها العائلتين بالكامل على سيارتين ميكروباص في ليلة كان من المفترض أن تكون سعيدة لكن القدر قرر أن يغير في نهايتها.
الزمان بالتحديد كان الحادية عشر والنصف مساءًا، والمكان أمام المعهد القومي للأورام بكورنيش النيل في الجهة المقابلة لمنيل الروضة، هُنا وتحديدًا في هذا الوقت، قرر القدر التحالف مع قوى الشر، وتزامن مرور زفة العروس بجوار سيارة مفخخة كُتب لها أن تنفجر في هذه اللحظة.
لحظات سكون قليلة وضغط شديد بالأذن شعر به كل المتواجدين بالسيارات المجاورة للتفجير، وما هي إلا ثوان قليلة وأنفجر ميكروباص أسرة “نعمة” -العروس- وسمح القدر لراكبي الميكروباص الثاني بالخروج قبل تفحمه بالكامل بينما كُتب للعروسين عمرًا آخر من المؤكد سيكون صعبًا على “نعمة” التي لن تستطيع محو المشهد من ذاكرتها.
أسماء شهداء ومصابي انفجار معهد الأورام الإرهابي
“ميكروباص” عائلة العروس الذي كان يحمل أطفال ورجال ونساء، تفحم بالكامل ورحل كل من بداخله، ما عدا سيدتين واحدة خرجت بإصابات طفيفة، والأخرى وهي السيدة عفاف محمد رشاد، ترقد في الرعاية المركزة بين الحياة والموت، تنتظر المتبرعين بكرات الدم البيضاء لمحاولة إنقاذ حياتها.
أما نعمة والمتبقين من الأسرة ينتظرون الآن أمام المرشحة لاستلام الجثث التي تم التعرف عليها بالفعل، فيما يصعب عليهم التعرف على الباقيين المؤكد أنهم لم يختفوا بل زهقت أرواحهم في الحادث، وما هم الآن إلا أشلاء، صرحت وزيرة الصحة أنه تم جمعهم في “كيس”.
هيثم طلخان علي، والد أحد شهداء حادث معهد الأورام، قال إن نجله “محمد” طالب المرحلة الإعدادية ذو الـ14 عامًا، توفي إثر الانفجار الشديد الذي شهده شارع المعهد بالمنيل.
ولفت، إلى أن 21 شخصًا من أفراد الأسرة لقوا حتفهم، غير المفقودين الذين لم يستدلوا عليهم إلى الآن، موضحًا أن جثث ذويه منها من تفحم ومنها ما تحول لأشلاء.
وتابع: “أبني مات على أيدي، وبنتي في ثانوي اخرست من الانفجار ومراتي تعبانة بتموت.. في أسر كاملة ماتت راجل ومراته وعيال”.
وأشار طلخان، إلى أن الانفجار نجم عن وجود قنبلة في سيارة ملاكي، وهو ما أكدته وزارة الداخلية في بيانها، موضحًا أن المسئولين عن المشرحة يرفضون تسليمهم جثث ذويهم إلا بعد التوقيع على إقرار بأنهم ماتوا في حادث سير، قائلًا: “عاوز أدفن ابني وعيال أخويا”.