حتى لا تقع الأحزاب في “خطيئة الإخوان” !
لعل أبرز خطيئة ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية خلال العقود التي سبقت وصولهم في العام الأسود إلى سدة الحكم في مصر، هي قيامها بدور الدولة في الرعاية المجتمعية، وهي ليست خطيئة كوادر الإخوان بقدر ماهي خطيئة من سمح لهم بلعب هذا الدور، الذي حققوا به أكبر تغلغل في شتى مناحي الحياة المصرية، من مجموعات التقوية الدراسية وحتى العيادات الشعبية! بعد أن نفضت مصر غبار “الفاشية الإخوانية” في ثورة 30 يونيو المجيدة بالخروج ضد “دولة المرشد” ومندوبه في “الرئاسة”وإسقاط الأفكار الشاذة لجماعته في السيطرة والتمكين والأخونة والتي جاءت نتيجة لغياب هوية المجتمع المصري الأصيلة في التكافل والتعايش دون تسول أو استغلال لحاجة الناس مجتمعيا، بدأت الدولة المصرية في استعادة دورها مرة أخرى، وكان الإجراء الحاسم بعد ثورتها العظيمة، في ضرورة اقتحام كل هذه المجالات التي حاول “الاخوان” سرقتها على مدى عقود طويلة. وكان في مقدمة الإنجازات التي حققتها الدولة هو المشروع الرائد الكبير “تكافل وكرامة” الذي تنفذه وزارة التضامن الاجتماعي، وكذلك منظومة “التأمين الصحي الشامل” الذي تنفذه وزارة الصحة.
الغريب والمثير أن بعض الأحزاب المصرية سلكت هي الأخرى نفس الطريق الذي سلكه “الاخوان” من قبل ولم تستوعب الدرس، وربما أبدعت في التسول وإهانة كرامة الناس، وهنا لا أقصد بالطبع الحملات المجتمعية، بقدر ما أتحدث عن فكرة “كيس الأرز وزجاجة الزيت” التي رسخها الإخوان وجماعتهم المتآمرة على هذا الوطن في ادعاء التودد إلى الناس بهدف جلب معلومات أكبر عن كل بيت في مصر وكل هيئة يخترقونها!
يا سادة.. اسمحوا لنا أن نسأل حضراتكم عدة أسئلة تدور في أذهان المصريين، ماذا قدمت أحزابكم في سبيل الوطن؟ ماذا أعددتم من كوادر لتلبية الاستحقاقات المقبلة التي من المفترض أنكم جزء منها؟ ماذا قدمتم في قضية الوعي وتثقيف كوادركم الشابة في الإشارة إلى المشروعات القومية العملاقة التي يجرى تنفذها على أرض مصر، ماهي طبيعة حملاتكم لتوعية الناس بالمخاطر التي يشهدها الأقليم؟ .. هل أنتم مدركون لما يدور على أرض مصر ..أم أنكم في كوكب آخر؟! قبل أيام صدرت عن دار “المعارف” الطبعة الأولى من كتاب “ثقوب في جدار الأحزاب المصرية” للكاتب علاء عصام عضو تنسيقية شباب الأحزاب والكادر السياسي بحزب التجمع والذي قدم له الأستاذ الدكتور على الدين هلال.
الكتاب الجديد يستحق القراءة وبتأمل شديد، خاصة أنه يحمل تجربة شاب عاش في أروقة الحياة الحزبية بمصر قبل وما بين ثورتين.
يقول الكاتب علاء عصام: “بعد بحث طويل من خلال تجربتي في العمل العام والتي بدأت عام 2007 عندما وقعت على استمارة عضوية حزب التجمع وأنا عمري لازال 18 عاما، أري أن أزمة الأحزاب بعضها يتعلق بالحالة الثقافية المتردية في المجتمع المصري منذ زمن بعيد وأننا لم نصل لمجتمع الحداثة الذي يجعل المواطن أكثر تفاعلا مع برامج الأحزاب وأهمية وجودها، إلى جانب أزمة البناء الفكري لأعضاء هذه الأحزاب، والسبب الثاني مرتبط بسوء الوضع التنظيمي لهذه الأحزاب وربما هذا الوضع يحتاج إلى مزيد من التحليل خاصة أن كثيرا من قيادات هذه الأحزاب يعيشون هذه الأزمة التنظيمية وهم غير مدركين لها! كما أن هناك سببا ثالث في رأيي مرتبط بأخطاء كبيرة في الممارسة سواء عندما تولى قيادات الأحزاب مواقع في السلطة أو وهم خارج السلطة، فنحن نحتاج لنقد ذاتي حتى نبدأ عملية إصلاح سياسي حقيقي.
ربما هذا ما لخصه المؤلف في سطور قليلة، أضيف إليها أن مصر صاحبة تجربة سياسية حزبية تجاوزت المائة عام، ينبغي ألا نهدرها من أجل عدة “مقاعد” تتصارع كل الأحزاب بهدف الوصول إليها.. مهما كانت الوسيلة!