أول حوار لرئيسة الملجأ المتهمة بتعذيب فتاة بالشرقية: “كنت بأدبها علشان بتسهر برة وبتشرب سجاير” (فيديو)
“حرام اللي بتعمليه يا ماما”.. عبارة كانت قاسية لا تتماشى على الإطلاق مع الصورة التي أظهرها مقطع الفيديو المتداول لرئيسة دار أيتام “نهر الحياة” بالعاشر من رمضان، وهي تتعدى بالضرب على إحدى الفتيات بالدار؛ إذ خرجت العبارة من جموع الفتيات زميلات و”أخوات” الفتاة لتؤكد على أن العلاقة بينهن جميعًا وبين رئيسة الدار والجمعية علاقة أم ببناتها.
قسوة العبارة ووصفها، ترك تساؤلًا ظل عالقًا دون إجابة حتى كتابة هذه السطور: ما الذي يدفع من تلعب دور الأم لضرب ابنتها وكسر العصا على جسدها؟، وزد على ذلك سؤالًا إضافيًا: ما الذي يدفع امرأة بدرجة أستاذ دكتور صحة نفسية وإرشاد نفسي بإحدى الجامعات المرموقة على ارتكاب هذا الفعل؟.
النيابة العامة تبدأ تحقيقاتها مع مربية تعدت على فتيات داخل ملجأ أيتام بالشرقية
“مفيش حاجة مصبراني على الدنيا غيرك”.. عبارة عفوية عبرت عنها بطلة الواقعة الطفلة “رحمة سمير عبد الله” في خطاب “طفولي” كتبته لرئيسة الدار قبل عدة أشهر، وكان المقصد الرئيسي من كلماته ما حمله السطر الأول “بحبك يا أمي أماني”، قبل أن تُذيل الطفلة خطابها بوصفها والتأكيد على علاقتها “بنتك رحمة”.
“ماما أماني”.. كان هو الوصف الذي التصق دومًا بالدكتورة أماني عبد المقصود عبد الوهاب، أستاذ دكتور الصحة النفسية والإرشاد النفسي بجامعة المنوفية، والتي بدأت علاقتها بالفتيات بعد اتصال هاتفي تلقته من وزارة التضامن الاجتماعي بعد تأسيس الجمعية عام 2010، والتي تبرعت بـ”الفيلا” الخاصة بها مكانًا للجمعية والدار، قبل أن يخبرها المسئولون بالوزارة بأن هناك عددًا من الفتيات أُغلقت الدار التي كانت ترعاهن بمحافظة الجيزة، ليتم إلحاق الفتيات بالدار وتبدأ علاقة الأمومة والطفولة بينهن وبين الدكتورة، والتي أوضحت أنها كانت آنذاك تقوم بإعطاء دورات لتأهيل الأخصائيين الاجتماعين بوزارة الشئون الاجتماعية.
وأضافت رئيسة الدار، في تصريحات خاصة لـ”القاهرة 24″، أن “رحمة” كانت بين 6 فتيات حضرن إلى الدار عشية السبت 25 سبتمبر عام 2010، لكن الفتاة كانت مختلفة عن الجميع، على حد قولها: “كانت عدوانية مش عايزة أي رقابة أو متابعة وتعمل اللي هي عايزاه دون شرط أو قيد”.
مشرفة تعتدي على فتاة بطريقة وحشيه داخل دار أيتام.. و”تضامن الشرقية” ترد (صور وفيديو)
وتابعت: “من ضمن الوقائع رفضها الذهاب إلى مدرستها وحب الإمساك بالموبايل، وفي واقعة تحرر بشأنها بلاغ رسمي جرحت نفسها وحلقت شعرها وقالت للمسئولين بالدار إنها هتبلغ البوليس فيهم كلهم”.
وعن يوم الواقعة، أشارت أستاذة الإرشاد النفسي بجامعة المنوفية، إلى أن الفتاة خرجت قبلها بيوم في تمام الساعة الثالثة فجرًا دون أن تلحظها الكاميرات الموضوعة بالدار، وذلك بعدما “سرقت” مفاتيح الدار، وبعدها قالت لها إنها خرجت، قبل أن تضيف الفتاة، بحسب حديث الدكتورة: “سيبيني في حالي أنا عايزة أبقى كده”.
القبض على مشرفه تعدت على فتيات داخل ملجأ أيتام بالشرقية (صور وفيديو)
خروج الفتاة فجرًا لزيارة أحد المنازل تبعه تهديد شقيق صاحبة المنزل بحبسها حال كررت الزيارة، فيما أوضحت رئيسة الدار أن خروج الفتاة تبين أنه للذهاب إلى الكافيهات و”شرب السجائر”، قبل أن تسرد تفاصيل الواقعة بالتفصيل، على حد وصفها.
واستشهدت رئيسة الدار بأن ضربها للفتاة كان من أجل تهذيبها، على حد قولها: “الواقعة حصلت يوم الاثنين 23 ديسمبر 2019، ومن يومها حتى الآن مفيش تقرير طبي أو زيارة دورية كشفت عن إصابات للبنت أو تعرضها لأي جروح”.
حديث “المتهمة” تبعه تقديم عدة مستندات تؤكد على أن الفتاة سبق وتحرر بشأنها عدة محاضر شرطية وبلاغات بالنجدة بشأن الهروب من الدار والتعدي على زميلاتها بالدار والمشرفات وكسر زجاج وأجهزة أخرى، فضلًا عن تحرير عدة مذكرات “داخلية” بالدار بشأن هروبها المتكرر من الدار وخروجها دون إذن وتدخين السجائر والتغيب عن مدرستها والتلفظ بألفاظ بذيئة من تلك التي تصف العورات، بالإضافة إلى ارتكاب واقعة سرقة لهاتف إحدى الفتيات بالدار.
كما أرسلت إدارة المدرسة “مجدي الشويخ” للتعليم والتدريب المزدوج، والتي تدرس بها الفتاة، مذكرة لرئيسة الدار تشكو خلالها من غياب الفتاة وطابعها “العدواني” وعدم الاستجابة لأوامر المشرفين بالمصنع التابع للمدرسة، علاوةً على تعاملها بطريقة “صبيانية” مع زملائها، وعدم ركوبها سيارات المدرسة، أو النزول منها في مكان غير مُحدد.
ضمت المستندات كذلك “اعترافات” منسوبة للفتاة، توضح خلالها أن ابن مدير عام الجمعية السابق كان يصف الدار بأنها “بيت دعارة”، وأنه حاول معها ومع شقيقاتها بالدار ممارسة الرذيلة لكنهن رفضنَّ.
وفي اعتراف آخر، اتهمت رحمة “ليلى ح ع” والتي كانت تعمل بإدارة العاشر من رمضان الاجتماعي، والمنتدبة للعمل بالجمعية بوظيفة المدير المالي، بتحريضها على التواصل مع قسم حقوق الإنسان وإخبارهم بأنها وزميلاتها بالدار يتعرض للتعذيب ويشرب المُخدرات، لكن المفاجأة كان في مستند آخر؛ والذي أظهر اختلاس “ليلى” أموال قدرها 123 ألف و340 جنيهًا، قيمة إيصالات كانت تحصلها بالتحايل ودون وجه حق، وذلك بتزوير إيصالات ونسبها زورًا للدار.
وأصدرت نيابة العاشر من رمضان العامة، برئاسة أحمد حمدي، وإشراف المستشار الدكتور أحمد التهامي، المحامي العام لنيابات جنوب الشرقية، في وقتٍ سابق من الأربعاء الماضي، قرارًا بإخلاء سبيل الدكتورة “أماني عبد المقصود عبد الوهاب” أستاذ دكتور الصحة النفسية والإرشاد النفسي بجامعة المنوفية، ورئيسة جمعية ودار أيتام “نهر الحياة” بدائرة قسم شرطة أول العاشر من رمضان، وذلك بكفالة مالية قدرها عشرة آلاف جنيه على ذمة التحقيقات؛ على خلفية اتهامها بالتعدي على فتيات يتيمات وتعذيبهن داخل الدار.
كانت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، أصدرت في وقتٍ سابق، قرارًا بإقالة رئيسة جمعية “نهر الحياة” وحل مجلس إدارة الجمعية؛ بعد تعدي رئيس الجمعية على فتيات يتيمات داخل دار أيتام الجمعية بالعاشر من رمضان، فيما جرى ضبط المتهمة، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1161 جُنح أول العاشر من رمضان لسنة 2020، حيث كشفت التحريات الأولية عن تعرض إحدى الأطفال الصغار للتعذيب كذلك والتعرض للضرب المُبرح على يد رئيسة الدار، والتي لم تراعي أن سن الصغيرة لا يتعدى ست سنوات، بحسب التحريات الأولية، لكن الأخيرة عقبت على ذلك بأن الدار لا يوجد بها طفلة بعمر ست سنوات، وأن هناك فتاة بعمر أربع سنوات تركتها والدتها أمام الدار فور ولادتها، وبعد إثبات البنت بشهادت الميلاد وبموجب قرار النيابة العامة بضمها للدار ودت الأم أن تستعيد الفتاة مرةً أخرى، لكن النيابة العامة لم تُمكنها من ذلك.
وأثار مقطع الفيديو الخاص بالواقعة حالة كبيرة من الاستياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بعدما ظهرت المربية -المتهمة- خلاله وهي تحمل عصا وتضرب بها إحدى الفتيات اليتيمات بالدار، إذ سبق الضرب حديثها للفتاة قائلةً: “استني أوريكي بالضرب”، فيما حاولت الفتيات الموجودات بالدار إثناء المربية واستعطافها بقولهم: “حرام اللي بتعمليه يا ماما”، لكنها عقبت وحسمت الأمر والمسألة بقولها: “وسعوا” وأخذت في ضرب الفتاة.