أين تذهب هذا المساء؟
بعض الناس اعتادوا قضاء أيام العُطل، كالخميس والجمعة، في الترفيه عن أنفسهم ونفض أعباء الأسبوع الطويل عنهم، وربما من أجل ذلك برزت قديمًا في الصحف والبرامج التلفزيونية الترفيهية فقرات أسبوعية تحمل اسم “أين تذهب هذا المساء”، لكن مع اندثار تلك البرامج والفقرات، وفقط من أجل تقديم المساعدة، سأقترح عليك الآن برنامجًا لقضاء مساء لا يُنسى.
تعرف طبعًا أن المتعة تبدأ وتنتهي بالطعام؟ لذا علينا أن نبدأ هذا المساء من مطعم راقٍ نتناول فيه وجبة عشاء سحرية، أعرف واحدًا بالفعل وأظنه سيُقدم لك ما أشرت إليه، لكن عندما ذهبت للبحث عن عنوانه لجلبه لك وجدت تنويهًا بإغلاقه طوال اليوم بسبب الأحوال الجوية السيئة، يُقال أن ما حدث خلال يوم الخميس لم يحدث منذ ربع قرن تقريبًا، هذا فقط حظك السيء أليس كذلك؟ عمومًا، بكل أسف، لن يكون الخروج لتناول وجبة طعام متاحًا هذا المساء.
دعنا نُفكر في مكانٍ جديد، لنذهب مثلًا إلى السينما، لنشاهد فيلمًا جديدًا، لحظة أبحث لك عن أفضل الأفلام المتاحة حاليًا بالسينمات، أوه، تذكرت، لا توجد سينمات متاحة، العاملون في إجازة، والأفلام أغلبها قديم، لا توجد أفلام جديدة، حركة السينما في ركود، العالم كله في ركود الآن، سأخبرك بالسبب لاحقًا، الآن لنعد إلى سؤالنا الأهم، أين تذهب هذا المساء؟ مهلًا، لا داعي للقلق، لدي الكثير من الخيارات الأخرى، ما رأيك مثلًا أن نذهب إلى ملعب مباراة الزمالك والاتحاد السكندري لنُتابع ذلك اللقاء الماتع، بالتأكيد سيشغلك ذلك، فإذا كنت مشجعًا للزمالك فمسألة حضورك أمر لا يحتاج لتفسير، أما إذا كنت تشجع الأهلي أو أي فريق آخر فحضورك أيضًا لن يكون مملًا، لأنك ستتمنى خسارة الزمالك في كل لحظة، لكن، دع كل ذلك جانبًا، لقد تأجلت المباراة أساسًا لسوء الأحوال الجوية أيضًا!
الدوري المصري بالكامل بات مهددًا بالإلغاء مثلما هو الحال في بقية دوريات العالم التي تضررت بسبب كورونا، وكورونا أيضًا كارثة كُبرى، فبسببه توقفت رحلات الطيران، لن يكون بمقدورك السفر أيّا كانت أسبابك، توقفت الفاعليات التي تحتوي على تجمعات، توقفت التظاهرات بشتى أنواعها، توقفات السينمات وصناعة الترفيه، أُغلقت الكثير من المصانع وتوقفت الكثير من الأمور التي لم تتوقف يومًا من قبل، الآن بات التلاقي بين البشر بعضهم البعض كارثة كبرى، وبات الخروج من بيتك، مجرد الخروج، تهديد حقيقي لحياتك!
حسنًا، أنظر، لم يعد باليد حيلة، حتى لا أضيع وقتك، وكي أكون صريحًا معك، في هذا المساء، وفي أي مساءٍ آخر، لا تذهب لأي مكان، فقط امكث في المنزل، تمدد أمام التلفاز مفترشًا غطائك، تخير واحدة من قنوات الأخبار المفضلة لديك، ثم تابع باستمتاع انهيار العالم حولك، فأفضل مكان تذهب إليه هذا المساء هو المكان الذي تقرأ هذه السطور منه، بيتك.