أم البنات.. قصة طبيبة مصرية واجهت فيروس كورونا في 3 مستشفيات (صور)
العام 2010، تنطق الصغيرة ملك لأول مرة باسم ماما، صوتها العذب الحنون جعل إخوتها البنات يضحكون يوما كاملا، بينما الوالد يفتح التليفون المحمول لتستمع زوجته الطبيبة لاسمها وهو ينطق على شفاه ملك، وتهدهدا بالحس دون القدرة على لمسها، الجميع يتهامس ويضحك، المناسبة السعيدة التي تكررت في حياة كل واحدة منهن ولا تتذكرها، يرونها بأعينهن وهن ينقلن صوت ملك وهي تربد بلسانها “مممم ماما”، يترك الأب الغرفة بناء على طلب الاتصال من زوجته عن بعد، ويبكيان للحظة.
استشاري الأمراض المعدية بحميات امبابة
تقول الدكتورة عفاف، إن الحياة والموت، الرزق المسير من الله والرغبة في المزيد، لحظاتنا التي كنا نتمنى أن نتواجد فيها بين أحباءنا لكنها تصادفت وجودنا وسط غرباء يبغون العلاج، كلها مضادات في الحياة، لكنها في أسرتنا تسمى الرضا، كوب الماء الصافي الذي ربما لم نكن لنشعر به إلا عندما استمعنا لدعوة من دام الغريب وهي تتحقق في نجاح واحد من الأسرة، أن تبعد عني المرض المحدق كطبيبة أمراض معدية، بالابتسامة التي تتسع فمي ولم أكن أريد سوى أن اراها على فم ابنتي بينما مريض حالته كانت ميؤوس منها يخبرني للمرة الأولى أنه تمكن من حضن ابنته عقب شفاءه”.
في بداية أزمة فيروس كورونا المستجد، اختيرت عفاف لتكون ضمن الفريق الطبي الأول لمواجهة الوباء في مستشفى النجيلة لعزل المصابين، أيام تمر، المستشفى يحقق أعلى نتائج شفاء في مصر، ولا حالة وفاة واحدة، أكثر من شهر كامل، انتقلت بعده إلى مستشفى إسنا للعزل الصحي مع التوسع في خطة اسقبال مصابي فيروس كورونا في مصر، لتحقق المستشفى أعلى نسب شفاء في مصر، ويتم تكريم الدكتورة عفاف للمرة الثانية في مواجهتها للوباء.
استشاري الأمراض المعدية بحميات امبابة
تشير عفاف لـ”القاهرة 24″ إلى أنها واجهت العديد من الأمراض المعدية، عملها في الحميات لسنوات طوال، كان مختبر لاكتساب الخبرة في مواجهة هذه الأمراض، ليكسب حائط الشرف لديها العديد من شهادات التقدير من الأمم المتحدة لجهودها في مواجهة الإيدز، والصحة العالمية ووزارة الصحة، لكن كل ذلك لم يغنيها على أن تكون أم لخمسة بنات أصبحن من الأوائل في مراحلهن التعليمية المختلفة، فما بين صيدلانية على وشك التخرج من الجامعة، تحقق الثانية نتائج هائلة في الثانوية العامة وتتمنى أن تلحق بوالدتها في مهنة الطب، وآخريات أصغر تربين على حب تقديم الخير ولو بالمساعدة في تنظيم موائد الرحمن.
البنات الخمسة، وجدوا الحظ أخيرا في 2020، عندما عادت الأم لأول مرة في بداية شهر أبريل الماضي، العمل في اثنين من مستشفيات العزل، جعل وصل الأرحام بينهما لا يتحقق إلا في الاتصال عن بعد، أصبحت ملك تضحك مع شقيقاتها بدلا من أن تنطق، لكن تمنى العافية والتأكيد على اتخاذ الإجراءات الوقائية كان من الأم التي كعادتها لم تهتم سوى ببناتها، بعيدا عن كونها على خط المواجهة في مواجهة الفيروس نفسه الذي تحذرهن منه، ومع العودة لم تتمكن من حضنهم وكان عليها البقاء 14 يوما آخرى في عزل منزلي للحفاظ على سلامتهم.
تضيف عفاف، أن الـ14 يوما لم يكونوا قد اكتملوا بعد، ليأتي اتصال بالعمل في مستشفى حميات إمبابة، لكونها ستتحول لمستشفى عزل، مع قرار وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد للاعتماد عليها، ومع الخبرة الكبيرة للطبيبة كان القرار بعودتها لتأدية عملها في بيتها الأول، الحميات، لكن كطبيبة مشرفة على الحالات المصابة بفيروس كورونا، فتترك البنات مرة آخرى على أمل لقاء، وتصبح الطبيبة الوحيدة المحاربة ضد فيروس كورونا على 3 جبهات كان أولهم وأخرهم “الحميات”.
اقرأ أيضًا:
هنا الحميات.. رحلة أسرة مصرية لإجراء تحليل فيروس كورونا المستجد (معايشة)
أبطال في الخفاء.. رجال الإسعاف المصابين بكورونا: “سنعود لعملنا فور التعافي” (صور)
مناعة غائبة ووصمة حاضرة.. رحلة علاج 13 ألف مريض إيدز بمصر محفوفة بخطر عدوى كورونا