عزيزي فلان… إلى د.أحمد خالد توفيق
عزيزي د. أحمد
جافة جداً كلمة عزيزي تلك.. أنت لست عزيزي.. أنت أكثر من ذلك كثيراً دون حتى أن ننزلق لفخ المسميات.. اليوم – يوم كتابة هذه السطور – بدأ شهر ميلادك.. كان من المفترض أن تتم الثامنة والخمسين لكنك رحلت.. رحلت وأخذت معك كل الإجابات.
منذ أيام استيقظت فجأة ليلاً لأجد نفسي أردد “هو اللي كان عارف كل حاجة.. هو اللي كان هيعرف يوصف كل حاجة.. هو اللي كان عنده كل الإجابات” أنا لا أعرف فيم كنت أفكر تحديداً وما هي – الحاجة – التي كنت انتظر منك وصفها ولكنني وجدتني دون إرادة أردد تلك الكلمات بإصرار فترحمت عليك ولم أستطع العودة للنوم مرة أخرى.
أنت رحلت منذ عامين تقريباً.. ولازالت اللحظة التي دهمني فيها الخبر تزورني كومضة خاطفة..موجة عاتية من الحزن تهاجمني بغتة وتنحسر بسرعة.. يقولون أن هذه الومضات أحد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة..أنا لا أصدقهم..أنا لست مصدومة.. أنا فقط أحبك.
أو ربما كنت مصدومة فعلاً..أنا كنت أحسب السنوات وأضع تقديراً تقريبياً للوقت الذي من الممكن أن ترحل فيه..كنت أحسب سنوات عمري مقارنة بعمرك وأخبر نفسي.. عندما يأذن الله سوف أكون كبيرة كفاية.. لن أكون فتاة صغيرة متعلقة بالأب الذي علمها كل شيء تقريباً.. ولكن الله أذن سريعاً.. ورغم أنك رحلت وأنا كبيرة بالفعل إلا أنه من الواضح أني لم أكن كبيرة كفاية. أكتب لك الآن لأجدد عهدي معك.. عهد من طرف واحد أنت لم تعرف عنه أي شيء.. أنني سوف أظل أحبك وأحترمك وأنسب لك معرفة كل الأشياء التي عرفتها بسببك.. سوف يظل ذكرك حاضراً طالما أنا حية.. وسوف تظل صوتك تتوسط صور العائلة على رف المكتبة في بيتي.
أكتب لك الآن قرب يوم ميلادك وبعد أن رحلت لأخبرك أنك سوف تظل الصديق الأبدي.. والأب الأبدي.. والحبيب الأبدي.. حتى نلتقي هناك سوف أظل أحبك.. للأبد وحتى تحترق النجوم.