السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شواطئ سود.. تسرب نفطي يقوض الحياة البحرية في رأس غارب ويهدّد صحة سكانها (تحقيق استقصائي)

القاهرة 24
تقارير وتحقيقات
الثلاثاء 30/يونيو/2020 - 08:59 م

مع إشراقة الشمس، تقف فاطمة غريب (42 عاماً) خلف نافذتها علّها تستنشق نسمات البحر قبل الذهاب نحو روضة الأطفال، مقر عملها في مدينة رأس غارب المُطلة على البحر الأحمر. على أن تلوثا نفطيا على امتداد الشاطئ يعكر صفو اللحظة، إذ يصبغ الرمال بلون داكن ويسوّد زرقة البحر. 

حال هذا الشاطئ لا تختلف عن بقية سواحل المدينة، المتشحة سواداً نتيجة "تسرب نفطي" مزمن من حقول شركات البترول في عرض البحر. "كارثة بيئية" تحاصر فاطمة وأطفال روضتها - إلى جانب عشرات الآلاف من سكان المنطقة، فتحيل الرمال إلى مكبّ لجِيَف أحياء برية والبحر إلى مرتع أسماك ملوثة بمركبات سميّة قد تجد طريقها إلى موائدهم. أما الشواطئ، فيغطّيها السواد حاجباً رمالها والحصى.

التسرب النفطي المتكرر يتغلغل أيضا للشعاب المرجانية - حاضنة الأحياء البحرية- وسط ضعف هيئات حماية البيئة والبترول وعدم التزام شركات نفط بقوانين حماية البيئة والتنقيب البحري. يفاقم المشكلة تراشق بالاتهامات بين وزارة البيئة وهيئاتها الرقابية وبين الشركة العامة للبترول، المتهم الرئيس بتلويث البيئة هناك، بحسب ما يكشف هذا التحقيق.

جهاز شؤون البيئة سجّل 25 واقعة تسرب بترولي بمدينة رأس غارب بين عامي 2015 و2019. في 22 منها، حمّل الجهاز الشركة العامة للبترول مسؤولية التلوث على امتداد الشاطئ، واتهمها بخرق قوانين صون البيئة البحرية. على أن الشركة خرجت من دون مساءلة في عدد من القضايا، مستفيدة من "شيوع الاتهام"، وفق قرارات المحاكم. كذلك طول أمد التقاضي، الذي تضمحل خلاله ملامح التلوث فيصعب ربطه بالمتسبب.

    

بموازاة ذلك، أظهرت نتائج تحليل ثلاث عينات تطابق بصمة الزيت - المتسربة بين ديسمبر/ كانون الأول 2018 و فبراير/ شباط 2019- مع مخرجات حقول الشركة ذاتها وآبارها بنسبة تتعدّى 99 %. تتناقض نتائج تلك التحاليل - التي حصلت معدّة التحقيق على نسخة منه - مع دفوع الشركة في القضايا المرفوعة ضدّها، على قاعدة أن "بصمة" الزيت موضع الشكاوى تتماهى مع تسربات من شركات أخرى.  

على أن رئيس الشركة العامة نبيل عبد الصادق يرفض نتائج الفحوص ويتهم جهاز شؤون البيئة بالتخلي عن دوره في تدقيق البحث عن الآبار المسربة للنفط والافتقار إلى أدوات قياس حديثة لتحديد المتسبب الحقيقي. 

لكن بينما ترى الشركة العامة أن جهاز شؤون البيئة "لا يملك سوى اتهامات" غير ثابتة، عاينت معدّة التحقيق الاثباتات المسجّلة في محاضر موثقة. مع ذلك، تنتهي غالبية القضايا المرفوعة ببراءة الشركة الحكومية الوحيدة بين 35 شركة متعاقدة مع الحكومة المصرية للتنقيب في تلك المنطقة. إذ تنجح الشركة في إثبات تشابه "بصمة" الزيت الخاصّة بحقولها مع شركات أخرى تعمل في ذات المنطقة ما يرسّخ شيوع الاتهام بين الشركات، والتشكيك في تطابق بصمتها مع الزيت المسرّب على "الشواطئ السود". 

فاطمة وجيرانها من أهل المدينة اعتادوا مشهد الأحياء البحرية النافقة على الشواطئ المحيطة بمنازلهم.

معدّة التحقيق جمعت كائنات بحرية عشوائياً وعينات من التربة والماء في مناطق عدّة، وأخضعتها للفحص المخبري، الذي وثّق ارتفاع مستويات التلوث عن المعايير الدولية، ما يهدّد البيئة البحرية وسكان المنطقة المحيطة. 

على مسافة 314 كيلومتراً جنوب شرقي القاهرة تقع مدينة رأس غارب، التي يقطنها 41 ألف و526 شخصاً حتى نهاية 2019، وفق جهاز التعبئة والإحصاء. يخرج من هذه المنطقة 67 % من مجمل إنتاج الزيت الخام والمتكثفات بمصر، المقدر حالياً ب 630 ألف برميل يومياً، بحسب وزير البترول طارق الملا. 

وتنتج الشركة العامة للبترول وحدها 37 ألف برميل يومياً من حقول رأس غارب، بحسب تأكيد مديرها الحالي نبيل عبد الصادق لمعدّة التحقيق.

يتمتع البحر الأحمر وخليج السويس الذي تطل عليه رأس غارب بتنوع بيولوجي، إذ يؤوي: 1000 نوع من الأسماك، 250 نوعاً من المرجان الصخري، 4 أنواع من السلاحف، 300 نوع من الطيور، 200 نوع من الحيوانات اللافقارية، 500 نوع من الطحالب، وشعاب مرجانية عتيقة.

معدة التحقيق أجرت حصراً لحجم التسربات البترولية في خمس سنوات - من 2015 حتى 2019- بالاستناد إلى بيانات وزارة البيئة المصرية ووزارة البترول.

تقدّم جهاز شؤون البيئة المصري بـ 15 بلاغاً إلى النيابة العامة في الثلاث سنوات الأخيرة، يتهم فيها الشركة العامة للبترول بالتسبب في تسرب زيت خام إلى مياه البحر. شاطئ رأس غارب الممتد على خليج السويس مسافة 75 كيلومتراً هو الأكثر عرضة للتسرب النفطي.

في الثالث من يناير/ كانون الثاني 2017، قدّم رئيس لجنة الطاقة والبيئة في مجلس النواب حمادة غلاب طلب إحاطة إلى وزراء البيئة والبترول والسياحة بشأن التسربات البترولية في منطقة رأس غارب وخليج السويس. وبعد عامين ونصف في أغسطس / آب 2019، تكرّر طلب الإحاطة من النائب طارق متولي عقب تسجيل خمسة حوادث جديدة.

"الأمر صار عاديّاً"، هكذا تصف "فاطمة" التعاطي السلبي للجهات المسؤولة عن التلوث في المدينة. يؤثر التلوث في حياة سكان المنازل القريبة من البحر بقدر ما يؤثر في حياة من ترتبط أرزاقهم بما يجود به البحر من أسماك: وهم الصيادون.

شباك خاوية

يعمل سمير صبري في البحر منذ 15 عاماً، حين كان في الثامنة عشرة من عمره. لا حرفة له الآن غير صيد الأسماك. إلا أن تلوث الشواطئ حرمه من جني ما يكفي من قوت يومه، بل وقضى على أنواع بعنيها من الأسماك، كما أتلف الشباك ومعدات الصيد، حسبما يقول.

شكوى سمير تؤكدها تقارير معاينة البيئة لأحد مواقع التسرب في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018: "بعد كل تسرب جديد، تتجمع أجزاء من النفط على هيئة كرات صغيرة سوداء تسمى (كرات القار)، تعوق حركة الزوارق والصيد بالشباك، وتفسد جمال الشواطئ الرملية".

 

شواطئ

 

شح الأسماك في ساحل رأس غارب يعود إلى خمس سنوات مع زيادة وتيرة التسرب البترولي، بحسب مقابلات مع ستة صيادين مخضرمين. يُقدر رئيس الجمعية التعاونية لصائدي الأسماك في رأس غارب، علي حسين، عدد الصيادين بنحو ألف يتوزعون على 43 مركباً، ترتبط لقمة عيشهم بما يجود البحر به. 

ويقدّر حسين تراجع كمية الأسماك التجارية بنسبة 80 %، لافتا إلى اختفاء أنواع من الأسماك بالكامل مثل "الشعور والمرجان والحرير والكوشر". ويقول: "الأسماك قلّت بوجه عام ولكن يصل الأمر في أيام التسريب إلى قلّة العائد من الصيد عن كلفة التشغيل؛ إذ ينفق الصياد في رحلته  800 جنيه  (50 دولاراً)، لكنّه يعود بعد يومين من العمل الشاق بأسماك لا يزيد ثمنها في السوق عن 100 جنيه (6.5 دولار)، بسبب هروب الأسماك وموت الزريعة (السمك الصغير)". 

يختلف مدى تأثير سُمِّية مكونات النفط، بحسب دورة حياة الأسماك. وتعد اليرقات الأضعف والأكثر تأثراً، فيما تكون الأسماك في دائرة الخطر إذا كانت في الأجزاء العلوية من الماء، بحسب كتاب صدر عام 2008 عن وزارة البيئة المصرية ووكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا). 

الطبقة النفطية تحجب الضوء عن الأحياء المائية وتعوق عملية البناء الضوئي، كما تخلخل السلسلة الغذائية، هذا ما سجّله مسؤولو البيئة لدى معاينتهم قنافذ بحرية شوكية نافقة في منطقة التسرب، في الثالث من مارس/ آذار 2019. ويؤشر تقرير المعاينة إلى أن التسرب يتلف الأصداف البحرية، الشعاب المرجانية، الحشائش البحرية والطحالب.

أقدم من الأهرامات

على مدى أربعة أعوام وثّق محمد كمال وزملاؤه الصيادين بكاميرات هواتفهم المحمولة صوراً وفيديوهات لأسماك صغيرة نافقة معروفة بـ"الزريعة" بجوار قوارب الصيادين، ما يثبت تسرب الزيت الخام. تلك اليرقات والأسماك الصغيرة تعيش في حضانة الشعاب المرجانية؛ وهي مستعمرات لكائنات حية تنمو وتلتصق بالقاع.

في أبريل/ نيسان 2014، قدّرت دراسة لباحثين بمعهد علوم البحار والمصائد الحكومي موت 61 % من الغطاء المرجاني في رأس غارب. ووصفت الدراسة التسرب البترولي على البيئة البحرية في المدينة بأنه "الأخطر" بين مدن البحر الأحمر كافّة.

"مدن داخل الماء (الشعاب المرجانية) تسكنها الأسماك الصغيرة"، هكذا يصفها منتصر الحمادي، المُشرف على دراسة حول تأثيرات التلوث النفطي في المنطقة. ويقول إن موت الشعاب - المقدر عمرها ب 10 آلاف سنة؛ أي أقدم من الأهرام- أدّى إلى تراجع عدد المصائد السمكية. حتى مع انقطاع التسرب البترولي، تحتاج هذه الشعاب إلى 50 عاماً لتنمو من جديد، بحسبما يوضح الخبير.  

بصمة الزيت

هناك بصمة زيتية مرتبطة بكل بئر، حسبما يجادل مدير عام فرع جهاز شؤون البيئة بالبحر الأحمر أبو الحجاج نصرالدين. ويردف نصرالدين: بمجرد تحليل عينات الزيت المتسرب يكشف جهاز شؤون البيئة الشركة المتسببة، ويُكلفها بالمكافحة، أو يوكل المهمة لشركة بتروسيف -شركة الخدمات البترولية للسلامة والبيئة الحكومية. وتستمر عملية التنظيف من يوم إلى أربعة أيام، تبعاً لكمية التلوث.

بعد كل تسرب، تصل الشكاوى إلى لجنة مشتركة من ممثلين عن هيئات تابعة لوزارة البيئة (جهاز شؤون البيئة، المحميات الطبيعية، الإدارة العامة للبيئة وعضو من معمل القياسات البيئية بالسويس). تدرس اللجنة حيثيات الشكوى وتسحب عينات من الموقع ويجهّز تقرير بمساحة الزيت وكميته.

كوثر حفني - رئيس الإدارة المركزية للكوارث والأزمات حتى 2019- تجزم بأن المكافحة تنظف الشواطئ بالكامل. وترى حفني -كبيرة مستشاري وزارة البيئة حاليا- أنه حتى وإن ظهرت الشواطئ "مسوَدّة" فهو "تلوث تاريخي/ تراكمي".

على النقيض من طرح "حفني"، يؤكد منسق الخطة الوطنية لمكافحة التلوث بالزيت، أيمن عبد الواحد، أن البيئة الملوثة بالنفط لا تعود إلى سابق عهدها، لأن المكافحة تستهدف التلوث الظاهري على الشاطئ. ويجادل عبدالواحد بأن "ما يتسرب إلى البيئة البحرية فلا مكافحة له، ويؤثر في الكائنات داخل الماء على المدى البعيد". 

في الخامس من يوليو/ تموز 2019، رصدت مُعدة التحقيق تسرباً جديداً، بدءاً من جنوب الشركة العامة للبترول وصولاً إلى شاطئ ضي القمر والمنطقة الجنوبية. وفي الرابع عشر من الشهر ذاته، وجّه جهاز شؤون البيئة اتهاماً إلى الشركة العامة للبترول بالتسبب في ذلك.

بعد إنجاز عمليات المكافحة، سحبت معدّة التحقيق في التاسع عشر من أغسطس/ آب 2019 عينات من الأسماك والمياه والقواقع والتربة من أماكن متفرقة على امتداد ساحل رأس غارب، لتحليلها لدى معمل معهد البحار والمحيطات - فرع السويس.

في التاسع من سبتمبر/ أيلول 2019، أظهرت نتائج التحاليل ارتفاع نسب المواد البترولية السمّية في الأسماك عن النسب والحدود المسموح بها للاستخدام الآدمي، بمعايير الوكالة الفرنسية لسلامة الأغذية، والتي حدّدتها بـ 1 ميكروجراماً/ جم.
 

نتائج التحاليل


 

جهاز شؤون البيئة حذّر في بلاغ رقم 40 بأن الأسماك الملوثة بالنفط غير صالحة للاستخدام البشري. وأورد الجهاز أن المركبات النفطية الأكثر استدامة تنتقل عن طريق السلسلة الغذائية وتخزن في كبد ودهون الحيوانات البحرية، تاركة آثاراً بعيدة المدى لا تظهر على الإنسان إلا بعد سنوات. 

أستاذ علوم البحار بكلية العلوم/ جامعة الأزهر ولاء شعبان أشرف على دراسة رصدت تأثير هذا التلوث النفطي على التربة وبطينات الأقدام على ساحل البحر الأحمر. ويشرح شعبان بأن الإنسان يشعر بالخمول والتعب إذا تناول أسماكاً تحوي مركبات أروماتية، وكذلك بضيق تنفس وتحسّس في الأعصاب والنخاع الشوكي.

واجهنا منسق الخطة الوطنية لمكافحة التلوث بالزيت المنبثقة عن وزارة البيئة أيمن عبد الواحد، الذي يرفض فرضية انتقال التلوث إلى البشر في رأس غارب. ويقول عبدالواحد إن "المدينة منطقة أنشطة بترولية، ليس في شواطئها الملوثة أي أنشطة للصيد أو السياحة".

لكن على النقيض من كلامه، حصلت معدة التحقيق على تصاريح أمنية بالصيد في شواطئ تعرضت لتسرب بترولي متكرر، ومنها هذا الشاطئ.

مجهولة المصدر 

المادة 55 من قانون البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994 تفرض على شركات استخراج النفط إبلاغ وزارة البيئة بمجرد رصد تسرب جديد. ولكن هذا لا يحدث في مدينة رأس غارب، حيث يتكفل الأهالي، الصيادون وحرس الحدود بتلك المهمة، هذا ما وثقته المحاضر رقم 34 و35 و279 إداري غارب.

حسام موسى، أحد القاطنين برأس غارب، أسس رابطة رقمية مع متضررين من سكان المدينة لنشر صور حية مع كل تلوث جديد، لينبّه جهات البيئة وأجهزة المكافحة.

إهمال الصيانة

رئيس الإدارة المركزية للكوارث والأزمات سابقاً كوثر حفني ترجع التسرب إلى "إهمال في متابعة وصيانة الخطوط الناقلة للخام من الحقول المائية نحو الخزانات على الشاطئ، وكذلك الإهمال في صيانة الحقول المائية ذاتها والخزانات على الشاطئ".

واستنادا إلى سجّلها في وزارة البيئة - حتى عام 2019 - تتهم حفني "الشركة العامة للبترول بالإهمال في التعامل مع التسربات النفطية". وذكّرت بأنها حرّرت محاضر رسمية بالمخالفات ووصلت الشكاوى إلى رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.  

في المقابل، ينفي رئيس الشركة العامة نبيل عبد الصادق فرضية الإهمال في الصيانة ويؤكد أن شركته تحقن خطوط التوصيل بمواد كيميائية تمنع التآكل وتعزل المنصات الخارجية ضد مياه البحر.

شواطئ
شواطئ

محمد الألفي (اسم مستعار) لأحد العاملين في فرق مكافحة آثار التسربات البترولية التابعة لوزارة 

البترول يصف الأنابيب بأنها "تظهر عادةً صدئة ومتهالكة". ويطلب هذا المصدر حجب هويته حفاظاً على وظيفته، لافتا إلى أنه يشارك في مكافحة التسرب منذ عامين.

ولكن حتى أثناء عمليات الصيانة الدورية ذاتها يحدث تسرب بترولي، إذ رصدت جمعية الإنقاذ البحري في يناير/كانون الثاني عام 2018 تلوثاً بتروليّاً غزيراً جنوب رأس غارب، نجم عن استبدال أنابيب البترول القديمة.

العقوبة غائبة

معدّة التحقيق حصلت على نتائج تحليل لثلاث عينات من بصمة الزيت تسربت بين 12 ديسمبر/ كانون الأول 2018  و7 مارس/ آذار عام 2019. تشير جميع التحاليل إلى منصّة عامر البحرية التابعة للشركة العامة للبترول بنسب تطابق تعدّت 99 %.

الأول في ديسمبر /كانون الأول 2018، جاءت فيه العينات بنسبة تطابق 99.3، 99.6 %، والثاني في الشهر ذاته، تطابقت فيه العينات بنسبة 99.6، 99.5 %. والثالث في مارس/آذار 2019، تطابقت فيه بنسبة 99.6، 99.6، 99.5،99.4 %.

 

تقرير تحليل
تقرير تحليل
تقرير تحليل

 

رئيس الشركة العامة للبترول، نبيل عبد الصادق يقول - في معرض ردّه - إن التحاليل كافة لا تتطابق بنسبة 100 %، وبذلك فهي ليست دليلاً كافياً على الشركة، ولم تحدد بدقة أي منصة من منصات الشركة تسببت في التسريب، وبالتالي فهي تحاليل خطأ وتحتمل الشك.

ويشكّك عبدالصادق في صحة البصمة، لافتا إلى أنها متغيرة. إذ أن البئر الواحدة لا تنتج نفطاً ببصمة زيت ثابتة طوال مدّة تشغيلها. ويطالب جهاز شؤون البيئة بتحديث البصمة الخاصة بكل شركة كل ثلاثة أشهر على الأقل، لافتا إلى أن بصمة زيت الشركة المسجلة حاليا لدى البيئة غير دقيقة.

نائب معهد علوم البحار فرع السويس، خالد المصلحي يرفض هذا الطرح. ويبرر المصلحي عدم تطابق عينات بصمة الزيت بنسبة 100% باحتمالية اختلاط العينات بمياه البحر يؤثر على مركباتها الكيميائية. لكنّه يؤكد أن نسبة 99 % مطابقة للمصدر، وتكفي لإثبات تهمة تدمير البيئة على الشركات المتسببة.  

ومن حيثيات قضايا حصلت معدة التحقيق على نسخ عنها، تظهر التحقيقات أن الطبقات التي تنتج منها الشركة العامة هي ذاتها التي تنتج منها شركة "جابكو". لذلك ربحت الشركة العامة للبترول ثلاث قضايا رفعها جهاز شؤون البيئة؛ وهي: 5478 لسنة 2018 جنح مستأنف الغردقة، 5652 لسنة 2018 جنح مستأنف الغردقة، 2494 جنح غارب والمستأنف برقم 4197 لسنة 2017، بحسب تصريح رئيس الشركة.

شيوع الاتهام

في المحصلة، "شيوع الاتهام" يصل بالشركة العامة للبترول إلى البراءة بعدما تفشل أجهزة البيئة في إثبات التهمة عليها، حسبما يظهر في القضية رقم "٢٤٩٤ جنح غارب" المتهمة فيها الشركة بعد تسرب وقع في ١١-٩-٢٠١٥. وجاء في حيثيات قرار براءة الشركة: "تقرير البيئة حدّد مسؤولية الشركة العامة للبترول على أساس أنها أعلى نسبة تطابق بواقع ٩٩,٧ %، إلا أن ذلك لا ينفي التهمة عن بقية الشركات القريبة من موقع الشاطئ، الأمر الذي ترى معه المحكمة شيوع الاتهام بين تلك الشركات جميعا". 

مدير الإدارة البيئية في جهاز شؤون البيئة فرع البحر الأحمر، ماهر رشوان، يرجع أحكام براءة الشركة إلى طول أمد التقاضي. إذ يتجه الخبير البيئي المنتدب من وزارة العدل لمعاينة موقع التسرب بعد ستة أشهر أو سنة، وبذلك لا يجد أي آثار للتلوث المثبت في محاضر البيئة والنيابة العامة.

في كتاب وجهتّه الشركة العامة للبترول إلى النيابة العامّة في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018، رداً على اتهامها بالتسبب في التسرب النفطي: "تحديد مصدر التلوث على نحو قاطع لا يعتمد فقط على بصمة الخام، ولكن يؤكده مدى متابعة حركة بقعة الخام، باستخدام برامج وتقنية التحليل الحركي للبقعة ذاتها، وهو ما لم تجره جهات البيئة".

.. الآن: سمير يهجر رأس غارب بحثا عن رزق في شواطئ بعيدة عسى أن تجني شباكه قوت أولاده. أطفال الروضة يتحلقون حول فاطمة التي تحذّرهم من الذهاب نحو الشاطئ الملوث، وحسام وزملاؤه يحاولون تنبيه هيئات البيئة عبر الفضاء الإلكتروني إلى خطورة التلوث المتكرر .

وفي الأفق، صخور متشحة بالسواد، رمال توارت خلف كتل من النفط المتراكمة وأسماك نافقة أو هجرت شعاب البحر الأحمر. إنه الخطر الأكبر الذي ينتظر سكان المنطقة  في وجبة سمك طازجة قد ينقلها إليهم أحد الصيادين بعد تسرب نفطي جديد.

إلى قراءة الموضوع كاملا بصيغة كروس ميديا.. اضغط هنا

تابع مواقعنا