“وقابلتك أنت!”
• في إيطاليا من حوالي 51 سنة فاتت، وتحديداً سنة 1969 كان الشاب المراهق “جوزيبي” اللي عنده وقتها 16 سنة زي أغلب المراهقين اللي في سنه شاغلاه فكرة البحث عن شريكة حياة تحبه ويحبها!.. “جوزيبي” بصراحة كان فاتح قلبه على البحري، وكل ما يقابل واحدة يحبها!.. بس حب مؤقت متغلف بأحاسيس المراهقة اللي فيها اكتشاف لعالم الحب الجديد ده أكتر منها مشاعر حقيقية!.. يمكن كان حظه أفضل شوية من غيره إنه واحدة واحدة وبعد كل تجربة كان بيكتشف ورغم سنه اللي لسه في أوله إن معيار الاختيار الأصح مالوش علاقة غير بإن فلان ده بيراعيك ولا لأ.. مهتم بتفاصيلك ولا لأ.. بتجري وراه دايماً ولا الأمور فيها هات وخد.. كل تجربة، وراها ألم، وكل ألم بيزود في عقلية الشاب اللي لسه ماطلعش من البيضة بُعد جديد في طريقة التنقية.. فلان مش جدع.. فلانة بتاعت مصلحتها.. فلان آخره معايا الضحكتين بتوع الخروجة لكن أكتر من كده ماتلاقيش.. تشكيلة بشر على قد مقدار الوجع اللي بيسببوه على قد مقدار الخبرة اللي كانت بتتكون عند “جوزيبي” من خلالهم.. في مدينة “جيتا” في وسط إيطاليا كان “جوزيبي” عنده عادة مفضلة عنده وهى القعدة على الشاطيء.. مصطبة أسمنت عالية زي سور الكورنيش عندنا في إسكندرية يقعد فوقها ويبص للبحر.. يراجع اللي فات، ويقرر في اللي جاي.. “جوزيبي” كان عنده عادة تانية لطيفة وهى إنه بيحب يكتب، ويدون كل حاجة.. هو من أنصار النظرية اللي بتقول إن مادام الحاجة مكتوبة قدامك فده هيخلّيك تتعلم منها أسرع مش مجرد درس طيّاري كده يمر عليك.. بعد كل أزمة عاطفية كان يكتب السلبيات اللي كانت في العلاقة.. يفضل يكتب يكتب، وهوب يكرمش الورقة ويرميها تحت!.. طب وكتبت ليه بس يا عم!.. أهو تفريغ طاقة غضب، وخلاص!.. وبالنسبة لإنك من أنصار نظرية إن الحاجة المكتوبة قدامك هتعلمك أسرع اللي أنا لسه قايلها حالاً!.. يا سيدى كتابة إيه بس العلم في الراس مش في الكراس، وبعدين أنا ليه أخلّي ذكرى منيلة قدامي ليل نهار!.. المهم كمل “جوزيبي” في اللي بيعمله ده شهور، وشهور.. في مرة دخلت والدته عليه الأوضة بتاعته، وقالتله فيه واحدة عايزاك تحت.. واحدة مين؟.. هو سأل، ووالجته جاوبت إنها ماتعرفهاش.. الحقيقة إن والدته ردت عليه الرد اللي هو كإنها مش مصدقة إنه فعلاً مش عارف مين دي.. خرج يشوف مين.. مش عارفها!.. لأ ملامحها مش غريبة عليه.. دي بنت جارته هنا هو عارفها من شكلها بس مفيش بينهم أى تعامل قبل كده.. سلم عليها.. خرّجت من شنطتها كومة ورق متلزق ببلاستر شفاف!.. وبدأت تتكلم معاه.. مين دى؟.. “إيدا” البنت اللي عندها 17 سنة، وجارته فعلاً.. “إيدا” كانت خارجة من أزمة عاطفية برضه من فترة قريبة، ويا سبحان الله كانت قعدتها المفضلة في نفس المكان اللي “جوزيبي” متعود يقعد فيه على كورنيش مدينة “جيتا” بس الفرق إنها بتحب تقعد تحت مش فوق!.. وطبعاً كانت بتشوف الورق اللي نازل يرف على راسها من فوق كل يوم كده.. تلمه.. تلزقه.. تقراه.. تعرف من خلاله إن فيه واحد بيحب من قلبه، بس برضه بيتجرح من قلبه.. حست إنه محتاج مساعدتها بشكل أو بآخر.. لما بقى معاها كمية ورق كفيلة بإنها تتكلم معاه، وتبقى مُلمة بحياة “جوزيبي” أفندي قررت تاخد قرارها الأصعب إنها تزوره وبدون سابق معرفة عشان توضلحه إنها وبمنتهى الحيادية مش شايفاه غلطان في أى حاجة من اللى كتبها بس ليها ملاحظات على طريقة تصرفه في الموقف الفلاني، والموقف العِلاني.. اتكلمت، وهو سمع بمنتهى الإنصات.. إحقاقاُ للحق “إيدا” ماكنش ليها أى غرض إنها تقرب منه، وتصرفها ماكنش أكتر من إنها حبت تنقذ واحد حسته فعلاً طيب من خلال كام نصيحة تحسسه من خلالهم المفروض يشوف نفسه إزاي.. صداقتهم إمتدت، وبقى ييجي يستشيرها في علاقته بـ كذا أو كذا وأعمل إيه في كذا.. هو يسأل، وهى بمنتهى الأمانة تجاوب.. قربوا اكتر.. شاف إهتمام من “إيدا” بصحته، وبمذاكرته، وبتفاصيل يومه.. إهتمام يحببك في اللي قدامك.. حبوا بعض والمشاعر اتحركت هنا، وهناك.. اتكلم مع والدته إنه عايز يخطبها.. والدته رفضت!.. صمم يعرف السبب.. “إيدا”، واللي والدة “جوزيبي” تعرف والدتها كويس جداً كانت عارفة إن الأم والجدة وجدة الأم ماتوا بالسرطان، وإن رغم المعايير الطبية القديمة نسبياً وقتها بس الموضوع شكله وراثي!، فعلى إيه بقى أورط إبني في القصة دي!.. “جوزيبي” صمم أكتر، وكانت الكلمة شِبه الثابتة في ردوده على والدته إنه ماشفش منها غير كل خير، وإن من الظلم الحكم على حد بناءاً على معيار في علم الغيب زى ده.. خلاص اعمل اللي أنت عايزه بس بعيد عننا.. اتجوزوا.. وخلفوا 3 أطفال زي القمر.. لاحظ إننا بنتكلم عن إتنين لسه حتى ماحصلوش 20 سنة!.. كانت حياتهم في منتهى السعادة، وكان إختيار “جوزيبي” موفق بنسبة كبيرة.. “إيدا” وعشان كانت عارفة إنه متعلق بوالدته جداً كانت بتعمل حركة لطيفة عشان تقرب بينهم المسافات.. كانت تبعت هدايا لبيت والدته معاها كارت بتوقيعه هو!، وتبعت هدايا لجوزها بتوقيع والدته!.. واحدة واحدة العلاقات بقت زي الفل، ورجعت الميه لمجاريها.. “إيدا”، و”جوزيبي” كان عندهم عادة قديمة قرروا يخلّوها جديدة بعد جوازهم.. القعدة على شاطيء مدينة “جيتا”.. كل يوم بمعنى كل يوم.. شتاء صيف مهما كان الجو.. بس الاتنين كانوا بيقعدوا فوق مش تحت.. تمر الأيام والسنين لحد ما نوصل لـ 2010.. بتصاب “إيدا” بسرطان.. كانت فترة صعبة وقاسية على الأسرة اللي ماكنتش تعرف غير السعادة.. للأسف أسابيع قليلة اتكتبت في نهايتها وفاة “إيدا”.. طب و”جوزيبي”؟.. كل يوم، ومهما كان الجو، وطول أيام السنة بيروح يقعد على الكورنيش في شاطيء “جيتا”، ومعاه صورة “إيدا” حاططها جنبه وبيكلمها، ويدردش معاها كإنها عايشة.. القصة أصلاً محدش فينا كان هيعرفها إلا لما السيد “جورجيو موفا” اللي عنده 54 سنة، وصاحب مطعم البيتزا القريب من الشاطيء اللي بيقعد قدامه “جوزيبي”؛ استغرب وهو كل يوم بيشوف الراجل العجوز ده بييجي في نفس الحتة، ويقعد لنفس المدة، وفي إيده نفس الصورة!.. في شهر يونيو 2018 راح له واتكلم معاه و”جوزيبي” فتح قلبه وحكاله!.
- في واحدة من القصص الإنسانية المنشورة في جريدة “نيويورك تايمز” “البنوتة “أبريل شوكاى” طالبة الثانوية لما اتنقلت الصيف قبل اللى فات من مدينة “ميدلاند” في ولاية تكساس لـ مدينة “سانت لويس” في ولاية ميزوري بسبب شغل والدتها بعد وفاة والدها ماكانتش تعرف حد في البلد الجديدة دي.. بس ولإن عجلة الحياة لازم تمشى وتدور؛ سافرت هى وأمها وبقت مرغمة تتأقلم على حياتها الجديدة في كل تفاصيلها.. كانت حاسة بالقلق من فكرة الإنضمام لـ زملاء جداد في مدرسة جديدة في مدينة برضه جديدة.. هيستقبلوها إزاى؟.. هتقدر تتعامل؟.. المدرسين كويسين ولا رخمين؟.. أسئلة كتير وطبيعي ماكانتش هتلاقي ليها إجابات إلا بالتجربة؛ عشان كده وليلة أول يوم دراسة جابت لبس جديد.. راحت للكوافير وعملت شعرها.. اشترت شوز غالي وشيك.. حاولت على قد ما تقدر تخّلى مظهرها متكامل عشان بكره.. تاني يوم لما وصلت للمدرسة نزلت من عربية والدتها وسلمت عليها وبصت على المبنى الضخم اللي قدامها وهى مخضوضة.. مممممم المدرسة أضخم بكتير من مدرستها القديمة.. جميل.. على الله برضه الطلبة اللي فيها يكونوا في نفس لُطف زمايلها القدام!.. بس لأ لحظة.. هما فعلًا زمايلها القُدام كانوا لُطاف؟.. الحقيقة إن “أبريل” كان عندها دايمًا مشكلة مع فكرة الإختيار عمومًا لكل حاجة وخصوصًا لـ أصحابها.. هى دايمًا بتختار اللي يخطف عينها.. هدوم تلاقيها حلوة فى الفاترينة فتشتريها؛ هى الهدوم على المانيكان حلوة آه بس مش لايقة عليها فللأسف تشربها.. ماكدونالد ينزل ساندوتش جديد ويعمل له إعلانات كتيرة يبان فى الصور ساندوتش سوبر وحاجة من الآخر تيجى تاكله فتلاقيه عادى ومايستاهلش الفلوس اللى اتدفعت فيه.. كانت زي أغلبنا فى تعاملنا مع البشر والحاجات.. بتنخدع بسهولة.. ترجع تفوق وتقول اتعلمت.. ترجع تنخدع.. ترجع تفوق، وهكذا.. الفوقان كالعادة مؤقت والإنخداع بطل اللقطة دايمًا.. بس لأ هي المرة دي هتمسك نفسها ومش هتختار من الأصدقاء إلا اللى ترتاح له وهتكون مفتحة قوى.. دخلت المدخل الرئيسى بتاع المدرسة وكانت القاعة مليانة عيال من سن أصغر بيجروا ورا بعض وعاملين دوشة.. راحت المكان اللي متعلق فيه جدول الحصص عشان تكتبه.. تمام مكتوب المواد وأول مادة الهندسة بس مش مكتوب مكان القاعة والمشكلة إنها مش عارفة مكان القاعات لسه ولا فاهمة تسأل مين!.. وهى واقفة متنحة مش عارفة تروح فين ولا تيجي منين لقت كف إيد بناتى أسمر وضخم اتمد فى وشها كان هيطير عينها وسمعت صوت بيقول: (مرحبًا، هل أنتِ طالبة جديدة؟ تبدين تائهة ، أنا “ديانا” طالبة هنا فى الصف الخامس وأحب عصير الليمون).. البنت الغريبة دى مدت لها كف إيدها التانية اللى كانت ماسكة كوباية بلاستيك شفافة فيها عصير وقالت: (هل ترغبين فى بعض منه؟، إنه رائع وأنا أعشقه).. “أبريل” وقفت لحظة مش مستوعبة التطفل والجنان بتاع البنت اللى اسمها “ديانا” دي.. بنظرة سريعة قيمتها.. بنت رخمة.. متسرعة.. شعرها أكرت، ومش بتهتم بيه.. لبسها ممكن يكون غالى آه بس مش شيك.. وزنها زايد شوية.. ماتفهمش إزاى “ديانا” حست إن “أبريل” بتعاينها فقررت تشاور على بُوقها وتقول بـ مرح: (ولا تنسين وأنتى تفحصينى أننى أعانى من مشكلة فى أسنانى تجعلها بارزة و ضبى يبدو مخيفًا ولكننى سأجرى عملية التقويم قريبًا).. “أبريل” قالت بينها وبين نفسها ممممممم دى كمان دمها يلطش.. فل.. أكيد يعني مش دي النوع اللى أحب إنها تكون صديقتي.. بإبتسامة سمجة هزت “أبريل” راسها وقالت: (شكرًا لكِ أنا أعرف طريقى جيدًا).. “ديانا” قالت لها وهى لسه محتفظة بالطريقة المرحة بتاعت كلامها وبتشاور بإيدها: (حسنًا فى نهاية هذا الممر ستجدين قاعة درس الهندسة، لقد سعدت بمقابلتك وأتمنى أن أراكِ مرة أخرى).. “أبريل” دخلت القاعة ولقت الطلبة كلهم موجودين وملمومين حوالين شاب وسيم قاعد بيحكى حدوتة.. قربت منهم عشان تسمع.. كان واضح إن الولد له شعبية حلوة بين الطلبة.. كمان طريقة كلامه كانت بتشد وهو بيحكى عن مغامرته فى الصيد الأسبوع اللى فات ومطاردته هو وأصحابه لـ الغزلان عشان يصطاودها.. الواد برضه كان بيحكي عن مغامراته الجنونية اللى بتقول إنه مش شخص عادي لكن مميز.. زادت رغبتها إنها تتعرف عليه عن قرب.. فى وسط كلامه وإندماجه دخلت الأستاذة بتاعت المادة وطلبت من كل الطلبة يرجعوا لـ أماكنهم.. “أبريل” بحركة سريعة حشرت نفسها في المكان الفاضي جنب الولد الوسيم.. مدت إيدها وقالت له: (مرحبًا أنا “أبريل” وأنا جديدة في المدرسة).. الولد مد إيده وقال: (أهلًا، وأنا “جوني”).. استمر الدرس مدة طويلة ووراه درس ووراه درس.. اليوم الدراسي الأول كان طويل ومرهق فعلاً.. في نهايته وقبل ما يخرجوا من القاعة “أبريل” قالت لـ “جوني”: (غدًا سنتلقى دروسنا فى قاعة رقم 5 هل تستطيع أن تدلنى عليها؟).. “جوني” بص لها بسرعة وقال ببرود: (لا).. قالها ومشي وإداها ضهره وسمعته وهو بيقول لـ أصحابه بصوت حاول يخليه واطي بس هى سمعته: (أنظروا، هذه الفتاة الجديدة تحاول أن تنضم إلى مجموعتنا بالتودد إلى، ألا ترون ملابسها الغريبة).. قال الجملة وكلهم اتفتحوا في الضحك بشكل وجع “أبريل”.. لملمت كتبها وحضنتها واتوجهت ناحية باب الخروج وهى مش عارفة هى غلطت في إيه!.. الولد فعلًا يبان لطيف وذوق ولا هى اللى كانت مدلوقة زيادة عن اللزوم ولا إيه بالظبط!.. وهى خارجة من الباب بعد ما عدت البوابة لقت كف إيد بناتي أسمر وضخم بيتمد فى وشها وكان هيطير عينها برضه وسمعت صوت هى عارفاه بيقول: (مرحبًا مرة أخرى، كيف كان يومك الأول؟).. يادي النيلة!.. البنت الطقة إياها اللى إسمها “ديانا”.. قبل ما “أبريل” تنطق بحرف “ديانا” كملت كلامها وقالت: (أنا “ديانا” زميلتك في نفس المدرسة لكن في الصف الخامس وأعشق…..).. قبل ما تكمل جملتها “أبريل” قالت بنفاذ صبر: (وتعشقين عصير الليمون، نعم أتذكرك جيدًا لم يمض وقت طويل على أى حال!).. “ديانا” ضحكت بصوت أجش وعالي وبشكل طفولي وهى بتمد كف إيدها التاني بـ كوباية العصير: (لديكِ ذاكرة قوية، وسوف أكافئك هذه المرة برشفة من عصير الليمون المنعش هذا فهو مفيد لـ ……).. “أبريل” قاطعتها وزاحت إيدها وقالت: (أنا متعبة ويجب أن أغادر).. خرجت وهى مصممة إنها ماترجعش المدرسة تانى يوم بعد الكبسة اللى حصلت.. وقفت فى الشارع تنتظر أمها.. ماجتش.. نص ساعة بقت ساعة بقت ساعة وربع!.. طب هى لسه مش عارفة الطريق هتروح إزاى!.. هى لما بتقفل بتقفل من كله.. شوية وسمعت جرس عجلة وبعد كده فرملة وصوت كحت شوز فى الأرض وصوت بناتى هى عارفاه كويس بيقول: (يبدو أنهم تأخروا عليكِ، اركبي معى الدراجة تلك توصيلة مجانية).. “ديانا” قالت الجملة وضحكت.. “أبريل” ضحكت على صوت ضحكها العالى وكانت مترددة بس “ديانا” قالت لها: (هيا سريعًا قبل أن أغير رأيى).. “أبريل” نطت بسرعة وراها وكلبشت فيها بقوة عشان خايفة إنها تقع، و “ديانا” سايقة بمنتهى المهارة.. وصلت “أبريل” البيت وحكت لـ أمها اللى حصل قالت لها إنها مش عايزة تروح المدرسة تاني وإنها فاشلة فى إختيار الناس وتصنيفهم صح.. أمها سمعتها وسألتها هل أنتي متأكدة أن زيارة واحدة للمدرسة قادرة على تكوين رأى نهائى بشأن أصدقائك؟.. البنت قالت أيوه وكفاية تريقة الفصل بتاعها كله عليها وإن مش هيبقى لها وش تبص فيهم تاني.. أمها قالت لها: (لحظة، وماذا عن تلك المدعوة “ديانا”).. “أبريل” نطت من على الكنبة وهى بتصرخ: (من!، تلك الفتاة السمجة السمينة ذات الشعر الأجعد والصوت الخشن والـ…….).. أمها قاطعتها وقالت: (لو راجعتي تفاصيل يومك مرة أخرى ستجدين أنها الوحيدة التى بادرت بمساعدتك).. “أبريل” هزت دماغها بعنف كأنها عايزة تطرد الفكرة من راسها.. أمها سألتها: (ما هو الإحتمال الوحيد الذي لم تفكرين به؟).. “أبريل” سألت: (ما هو؟).. الأم ردت: (أن تكون “ديانا” صديقة صالحة بالفعل، إضاءة “جونى” المبهرة أعمت عينيكى عن حقيقة زيفه، دائمًا يا عزيزتي ما نتجاهل الحكم المزدوج على كل الأمور، نحكم بقلبنا فقط أو بعقلنا فقط لكن الأصح دومًا هو اختيار القلب الذى يؤيده العقل).. “أبريل” خدت الكلمتين وسكتت وماقدرتش تنام في اليوم ده وهى بتفكر في كلام أمها.. تاني يوم صحيت ولبست هدومها وقررت تروح المدرسة.. ركبت مع أمها العربية ولسه هيتحركوا من قدام البيت سمعوا صوت جرس عجلة وبعد كده فرملة وصوت كحت شوز في الأرض وصوت بناتي هى عارفاه كويس بيقول: (صباح الخير، أعتقدت أنكِ ربما بحاجة إلى توصيلة مجانية أخرى اليوم).. “أبريل” بصت لـ أمها اللي سألتها: (هل هذه هي؟).. “أبريل” هزت راسها إن آه.. أمها إبتسمت وسألتها: (ما قرارك؟).. “أبريل” نزلت من العربية وهى بتقول: (سأذهب معها).. نطت ورا “ديانا” وكلبشت فيها، و” ديانا” ساقت بمنتهى المهارة برضه.. مع الوقت وبالتدريج بدأت “أبريل” تاخد على “ديانا” وتشوف الجانب الحلو اللي فيها.. شوية بـ شوية برضه بدأت تتعرف على أصحاب “ديانا” اللي اكتشفت إنهم كلهم شبهها ولقت نفسها وسطهم.. تمر الأيام وفي مرة وهما قاعدين مع بعض على سور المدرسة القصير وفي إيد كل واحدة منهم كوباية بلاستيك بيضا فيها عصير الليمون “أبريل” سألت “ديانا” عن سر موضوع حبها لليمون.. “ديانا” قالت لها إنها عارفة إنها ممكن ماتكونش صديقة جميلة وإنها ممكن ماتكونش أشيك واحدة ولا البنت اللي ممكن صاحبتها تتباهى بيها قدام الناس إنها ماشية معاها وبتاع بس هى شايفة إنها زى عصير الليمون.. “أبريل” سألتها زى الليمون إزاى يعنى!.. “ديانا” قالت لها إن علاقات أغلب الناس عاملة زى عصير الليمون عادي يكون فيه بعض المرار مش مهم بالعكس ده اللى بيفهم كويس عارف إن كميته كل ما زادت وبقى الطعم دِلع ومِزز ومركز وغالب على السكر؛ كل ما بقى ألذ.. المهم إنه يكون ليمون مش بايظ.. مراره اللى ممكن يكون موجود ده هو سر حلاوته.. قالت لها بالنص: (كلنا نشبه عصير الليمون كلما زاد تشبعه ببعض المرارة كلما تحسن مذاقه لهذا أحبه؛ لأنه أنا).. بتمر الأيام أكتر وأكتر وبتستمر صداقة العمر بين الاتنين لحد دلوقتي.. حتى لما “ديانا” اتخرجت من المدرسة قبل “أبريل” بـ سنتين كانت “أبريل” بتستقبل أكتر طالب جديد بتحسه مش على بعضه وتايه وتدخل عليه وهى ماسكة في إيدها كوباية بلاستيك فيها عصير ليمون وبتمد كف إيدها التانية عشان تسلم على اللى جاى جديد: (مرحبًا، هل أنتِ طالبة جديدة؟ تبدين تائهة، أنا “أبريل” طالبة هنا وأحب عصير الليمون).
- بتختارهم إزاي؟.. بتتشد للمظهر، ولا الروح هى اللى بتلعب على أوتار قلبك وبتقول كلمتها؟.. وقت كتير ضاع فى إنجذابنا لـ ناس طلعت حقيقتهم بالتجربة فالصو وضاع وقت أكتر فى رفضنا لـ ناس زى الدهب اكتشفنا إننا كسبنا بمعرفتهم.. حتى لما تيجى تراجع بينك وبين نفسك كام واحد اتقفلت منه لما شوفته بس بعد كده بقيتوا أعز أصحاب هتتفاجىء إنك عندك على الأقل واحد.. الأفعال والخوف عليك ومساعدتك بدون غرض أو مصلحة والإحساس بيك بدون كلام هى أركان أى علاقة ناجحة.. إختيار العقل اللى بيأيده القلب هو دايمًا الصح، وإركن أى إختلافات بعد كده على جنب.. مش عيب يكون فيه شوية ديفوهات فى شركاء صداقتنا أو حياتنا وهو مين أصلًا كامل؛ بس هى الكارثة إن الديفوه يكون فى القلب وده اللى مفيهوش تصليح لو وقفت على راسك.. و زى ما قالت “ديانا”: (كلنا نشبه عصير الليمون كلما زاد تشبعه ببعض المرارة كلما تحسن مذاقه لهذا أحبه؛ لأنه أنا).