على خط النار.. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا
عملهم إنساني في المقام الأول، قبلما يكون واجبا تُلزمهم به طبيعتهم، يسابقون دومًا الزمن في محاولات جادة لإنقاذ الأنفس البشرية، وممتلكات المواطنين والمخلوقات الأخرى، والنباتات والأشجار، يواجهون الصعاب، ويخترقون النيران، هدفهم الأول هو إنقاذ البشر والدواب والشجر.
رجال المهام الصعبة.. فعندما تشتعل ألسنة اللهب داخل المنازل أو المصانع يهرب الجميع خوفًا من جحيم النيران للنجاة، لكنهم يلقون بأنفسهم داخل حِمم النيران لإنقاذ المواطنين، غير عابئين بأنفسهم ولكن أنظارهم تتجه دومًا صوب المواطنين لإنقاذهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
عن أبطال الحماية المدنية أتحدث، ممن رأيناهم طيلة الأيام الماضية يروضون ألسنة اللهب بمهارة وكفاءة وسرعة الانتقال والتعامل باحترافية شديدة، وهم الأكثر تعاملًا مع الموت بشهامة وشجاعة لإنقاذ الأنفس البشرية.
شهدت مصر خلال الفترة الماضية عددا من الحرائق الكبيرة لكن براعة وشجاعة رجال قوات الحماية المدنية بدعم لا يتوقف وإمكانيات كبيرة وتوجيه من اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وتحت إشراف مساعده للحماية المدنية اللواء أسامة فاروق، تمكنوا من السيطرة على تلك الحرائق وإخماد النيران.
ففي القاهرة يقود اللواء انتصار منصور مدير الإدارة العامة للحماية المدنية ورجاله ملحمات في ساحة النيران، يروضونها غالبا وتغلبهم أحيانا لكنهم في النهاية يحققون المعادلة الأهم وينجون بالضحايا من اللهب، وكانت حرائق التوفيقية والدرب الأحمر والموسكي خير دليل وشاهد على هذه النجاحات التي لم تسجل خسائر بشرية.
وفي الجيزة، لا تهدأ النيران ولا ينام رجال الإطفاء فبعد 7 أيام ساخنة كافح خلالها الأبطال بقيادة اللواء هشام صادق حريق الدائري المروع لمنع امتداده إلى العقارات المجاورة، تزامن مع ذلك حريق المنطقة الصناعية بأكتوبر ثم تلاها حرائق أبورواش والدقي وأكتوبر.
نيران تندلع تُلاحقها أخرى فيكافحها رجال المطافئ بجهد ومشقة لكن القاسم المشترك بينها أن الوضع العشوائي لآلاف المخازن العشوائية والعقارات غير المؤمنة والمخالفة تُنذر بكوارث أشد ضراوة من كارثة عقار كرداسة على الدائري، إذ تفتقد غالبية تلك العقارات والأمكنة لعوامل السلامة والآمان.
الأهم في ذلك الأمر كله أن يتم ترجمة التحركات الأخيرة للجهات الرسمية عقب كارثة حريق الدائري إلى خطوات تنفيذية على أرض الواقع، ومحاولة تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي في هذا الأمر بسرعة القضاء على المناطق العشوائية ومحاسبة المقصرين وتوفير الحياة الكريمة الآمنة للمواطنين في المحروسة.
