شمس 30 يونيو
"إذا الشّعبُ يَوْمًَا أرَادَ الْحَيَـاةَ...فــلا بــدّ أن يستجيب القــدرْ"، في مثل هذا اليوم منذ 8 سنوات، شهدت ميادين وشوارع الجمهورية انتفاضة شعبية لا مثيل لها في التاريخ، المشهد رهيب، ملايين المواطنين في الشارع، الجميع يردد نفس الهتاف، الجميع لديه نفس الرغبة، الجميع يحمل لافتة واحدة، الصفوف كالبنيان المرصوص، الهتاف يرج الأركان، النوافذ تهتف مع المارة، لا صوت يعلو فوق صوت الشعب المصري مرددين هتاف واحد" يسقط.. يسقط حكم المرشد".
لم يقتصر المشهد الرهيب على العاصمة فقط، بل امتدت الثورة لكافة أنحاء البلاد، جميع الميادين والشوارع في مختلف المحافظات، حتى أقصى القرى والنجوع والمراكز كان لها صوت مسموع حينذاك، في وجه هذه الجماعة الإرهابية التي قفزت على السلطة في غفلة من الزمن، متوهمين أنهم لن يتركوها مرة أخرى، متجاهلين مطالب الشعب المصري صاحب السيادة الحقيقية، أرادوا طمس هوية الدولة المصرية، بل المنطقة، وانتزاع العروبة لصالح مخططات شيطانية ومؤامرات خارجية، باعوا الوطن من أجل حفنة من الدولارات، ولكن هؤلاء وأمثالهم لا يؤمنوا بمعنى كلمة "وطن" لأنهم ببساطة عبيد للدولار حتى وإن كان الأمر يتعلق بهم شخصيا، والتاريخ ملئ بحوادث تؤكد انقلابهم على بعضهم البعض من أجل "التمويل" وهو كلمة السر في هذه الجماعة منذ إنشائها.
أشرقت شمس "30 يونيو" على البلاد، لتتنفس القاهرة الحرية من جديد، بعدما حاول هؤلاء طمس الهوية العربية، وهدم مؤسساتها، وإسقاط الوطن لصالح قوى أخرى، أشرقت شمس الحرية من جديد على سماء القاهرة، بفضل شعب واعى مستنير فاهم أيقن حقيقة هذه الجماعة مبكرًا، في ظل وجود قيادة سياسية حكيمة، آمنت بما يقوم به الشعب المصري، وإنجازات لأكبر انتفاضة في تاريخ مصر الحديث، وهنا كان مشهد النهاية لهذه الجماعة الإرهابية وخفافيش الظلام التي عادت لجحورها كعادتها.
لم تكن "30 يونيو" ثورة على الفاشية الدينية فحسب، ولكنها كانت بداية تصحيح مسار على الأرض، الجهاز الإداري للدولة مترهل، المؤسسات غير مستقرة، ملف الرعاية والحماية الاجتماعية تعانى، المواطن يئن في الشارع المصري، لا يوجد أمن، العلاقات المصرية مع الدولة تتهاوى، تعم البلاد حالة من الارتباط وحالة عدم الاستقرار، شبح الإفلاس يهدد الاقتصاد المصري، بمعنى أدق أصبحنا في مرحلة "اللا دولة"، وهذا أكبر تحدى أمام أي قيادة ستتسلم البلاد على هذا الوضع.
شعبية جارفة يتمتع بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا أيضا يمثل مسئولية كبيرة، الشعب يعلق أماله وطموحاته فى القيادة السياسية، والرئيس قريب من المشهد يرى الصورة على أرض الواقع، ولكن الإيمان بحب الوطن والعزيمة والإصرار وهنا انقلب المشهد 180 درجة، ما بين قيادة سياسية تريد إعلاء راية الوطن في سماء الحرية، وجماعة إرهابية مثل الجمرة الخبيثة التي كانت تنهش جسد الوطن.
شمر الرئيس عن ساعده، وبدأ عهد جديد وجمهورية جديدة، وكان في جميع خطاباته وكلماته يضع الشعب المصري في الصورة، وهذه الشفافية والمصداقية لم نكن نعهدها من رئيس من قبل، الشعب يعلن خطوة بخطوة ما يسير على الأرض، الرئيس يخرج ويجيب عن كافة الأسئلة التي تدور في ذهن المواطن البسيط، ويراهن على وعى الشعب، ووعد بأن تكون "مصر قد الدنيا".
إرث كبير من الإهمال والفساد على مدار العصور السابقة، الرئيس تعامل مع الأزمات بمنطق الجراح، وتحقيق التوازن بين القضاء على هذا الإرث من الفساد وفى نفس الوقت حريص على البسطاء وغير القادرين، وجدنا طفرة كبيرة فى ملف الرعاية والحماية الاجتماعية، كل هذا والدولة المصرية تحارب الإرهاب نيابة عن المنطقة، بل وإن صدق اللفظ عن العالم، تحديات داخلية وخارجية، ولكن هناك دائما يد تبنى وأرى تحمل السلاح.
وخلال 7 سنوات شهدنا كم من الإنجازات على الأرض سيقف التاريخ عاجزا امامه، أمس القريب الدولة المصرية على شفا الانهيار وإعلان الإفلاس، واليوم الدولة المصرية في مكان مختلف نائي عن الأمس، مشروعات تنموية في كل شبر من بقاع الجمهورية، موازنات هي الأكبر في تاريخ مصر، رعاية وحماية اجتماعية غير مسبوقة، استعادت الدور الريادي الإقليمي في المنطقة، طفرة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول، دور محوري في القضايا الإقليمية، وغيرها الكثير من الإنجازات التي تتطلب مجلدات كثيرة لذكرها ولن نوفيها حقها، ولهذا ستظل 30 يونيو علامة فارقة في عمر الوطن.