شعراء الكدية 7.. ابن الحجاج من مُحتسِب إلى شاعر يتسول أكابر الدولة
شهد العصر العباسي ظاهرة أدبية، هي شعر الكدية أي التسول والتكسب بالشعر، ومثّل هذ النوع من الشعر مجموعة من الشعراء الهامشيين في المجتمع، وكان شعرهم انعكاسًا لحياتهم الاجتماعية من الفقر وبؤس الحال.
من بين شعراء الكدية ابن الحجاج، وهو الحسين بن أحمد ابن الحجاج وكنيته أبو عبدالله، عاش في القرن الرابع الهجري، وتوفي في نهايته، عمل محتسبا في بغداد، ثم عزل عن عمله، اتصل بكبراء الرجال في عصره وسألهم العطايا وعاش في ظلهم كالوزير المهلبي، وعضد الدولة، وبهاء الدولة وابن العميد والصاحب وغيرهم من الأمراء.
عاش ابن الحجاج حياته في فُحش ومجون، حتى إذا أدركه الموت طلب أن يدفن تحت قدمي موسى الكاظم بن جعفر الصادق، وأن يكتب على قبره: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد.
ساد المجون شعره حتى أننا لا نكاد نجد قصيدة له خلت من الإغراق الفاحش الذي تتقزز منه النفوس، وكان طول يقصد الوزراء من أجل التكدي حتى يعيش في أكنافهم عيشة راضية ويستثمر بنعمة صافية.
شعر ابن الحجاج
ومن هنا يتبين أن ابن الحجاج من الشعراء البائسين المكدين، ولكن الرجل كان يکدي ليعيش في هزل ومجون، إلا أن هذا اللون من شعر الكدية أراد أن يستدرج به الكبراء الذين رفضوا أن يدفعوا له، وهو عاقل ودفعوا له وهو أحمق سخيف، وقد تحدث ابن الحجاج عن سخفه في كثير من شعره إضافة إلى شكواه للدهر ومن ذلك قوله:
ويقول أيضا في حديثه عن سخفه في الشعر:
وشعري سخفة لا بد منه*** فقد طبقا وزال الاحتشام
وهل دار تكون بلا كنيف *** فيقمن عاقلا فيها المقام
ونجد ابن الحجاج يشكو فقره وقله تصيبه من الخبز واللحم فيقول:
هذا وخبزي جاف بلا مرق*** فكيف لو ذقت بردة الدسم
مالي وللحم إن شهوته*** فقد تركتني لحما على وضم
وما الحلقي والخبز يجرحه *** بالملح يشكو حزولة اللقم