عين مصر الحارسة ويدها الطولى
«كانت عندنا ثقة كبيرة في الله سبحانه وتعالى بأن القيادة السياسية لن تتركنا وأننا سنعود بفضل الله إلى أرض الوطن، فمنذ أسبوع بدأت المحنة في كابل لكن السفارة المصرية كانت لها نظرة استبقت بها الأحداث، فأرسلوا لنا سياراتهم لتأخذنا إلى السفارة، وقالوا لنا لا بد أن تكونوا تحت أعيننا حتى نطمئن عليكم، وبالفعل سيرت القيادة سبل العودة إلى مصر، فجزاهم الله عنا كل خير».
استوقفتني هذه الكلمات التي قالها بفرحة ممزوجة بالفخر، ووجه أحد المصريين العائدين من أفغانستان ترتسم عليه ملامح الراحة والأمان بعد العودة إلى أرض الوطن، وكيف كانت لديه ثقة ويقين في خضم الأوضاع المفزعة التي عاشها هناك بأن عين مصر الحارسة ترعاه ويدها الطولى تحتضنه في أحلك الظروف وأشد المحن.
مشاعر فخر وعزة لم نختبرها - نحن مصريين - منذ عشرات السنوات التي كان الإنسان المصري فيها آخر أولويات الدولة وأقلها قيمة حتى حبى الله مصر بمن يؤمن أن كرامة المواطن المصري أينما وجد من كرامة وطنه وأن أمن المصريين بالخارج لا يقل أهمية عن أمنهم داخل القطر المصري.
العالم أجمع يعلم فداحة الأوضاع في أفغانستان وتحديدًا منذ سقوط كابل في قبضة طالبان ونحن على وجه التحديد ندرك عواقب ذلك جيدًا؛ لأننا من أكثر الشعوب التي اكتوت بنار التطرف والإرهاب وذاقت لياليهم المظلمة الكئيبة، وبالتأكيد وسط هذا العبث الحادث هناك لم تكن عودة الجالية المصرية بالأمر الهين، فمنذ أن وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة عودة المصريين الموجودين في أفغانستان شرع الجيش المصري وجهاز المخابرات العامة وجميع المسؤولين المعنيين في بذل مجهودات مضنية لضمان عودة أبناء مصر إليها سالمين آمنين.
وعلى الرغم من التعقيدات البالغة وصعوبة هذا النوع من التحديات لكنها ليست السابقة الأولى للدولة المصرية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور، فخلال جائحة كورونا لم تتردد مصر في تلبية نداءات أبنائها العالقين بالخارج، وسيّرت رحلات جوية طارئة إلى مختلف الدول من ووهان الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى ماليزيا وتايلاند وبريطانيا مرورًا بروسيا وأوكرانيا وعدد من الدول العربية والإفريقية لضمان عودتهم معافين إلى وطنهم.
كما أحرزت الدولة المصرية نصرًا كبيرًا في استعادة المصريين المحتجزين وسط جحيم الصراعات المسلحة في ليبيا واليمن كل هذه المواقف وغيرها تبرهن على أننا نعيش في عصر جمهورية جديدة بكل ما تحوي هذه الكلمة من معانٍ وقيم نبيلة، حيث أصبح لضمان صون كرامة وأمن وسلامة الإنسان المصري أولوية قصوى مهما بلغت الصعاب في سبيل تحقيق ذلك.
شكرًا الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وعد فأوفى وشكرًا لرجال الجيش المصري البواسل وجهاز المخابرات العامة برئاسة اللواء عباس كامل رجل الظل في المواقف الصعبة والشكر موصول لجميع القائمين على إتمام عملية إجلاء المصريين من أفغانستان.
فمنذ لحظة وصلهم إلى أرض الوطن امتلأ الهواء من حولي بمشاعر عزة وفخر كغيري من المصريين الذين تابعوا المشهد، فالمشاعر كانت قادرة على منحي نَفَسًا عميقًا اشتقت إليه منذ داهم رئتي فيروس كورونا اللعين وظللت أردد ما غردت به الست فيروز عندما قالت: «مصر عادت شمسك الذهب»، فلا أطفأ الله يا مصر لك شمسًا ولا حرم أبناءك دفء حضنها.