الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وضاع العُمر يا ولدي

الجمعة 10/مارس/2023 - 06:49 م

• في سنة 2009 ظروف الحياة الصعبة أجبرت شاب صيني بسيط إنه يمد إيده ويسرق!.. النقطة دي هي نص الحكاية بس ليها أول لازم يتعرف، وأكيد طبعا ليها آخر.. بس خلينا نبتدي بأولها.. الشاب "ليو" اللي عنده 36 سنة كان عايش في مدينة "إنشي" في مقاطعة "هوبي" الصينية كان زي أي شاب بيحاول يكسب قوت يومه بالشغل في أكتر من شغلانة.. قرش من هنا على قرش من هناك وأهو المركب تمشي وأي حاجة تسد.. الفكرة إن حتى مع كده برضه فضلت متطلبات واحتياجات "ليو" أكبر بكتير من الدخل بتاعه خصوصًا إنه كان متجوز ومخلف بنت عندها 10 سنين كانت هي كل حياته!.. "ليو" عنده اتنين أصدقاء منهم واحد قريبه.. الاتنين اللي ظروفهم برضه زيه على الأبيض فضلوا يلعبوا في دماغه ما تيجي نعمل ضربة كده تعيشنا ملوك!.. ضربة إزاي يعني؟.. نسرق محطة البنزين اللي في أول المدينة.. محطة على طول هادية بالليل.. الحركة فيها خفيفة.. مليانة فلوس أكيد عشان مفيش محطة غيرها.. يبقى ليه لأ!.. نسرقها؟.. أيوا وفيها إيه.. لأ أنا مستحيل أسرق، أنا عندي بيت وبنت أخاف عليهم.. ده كان رد "ليو" على الاتنين اللي قابلوه بمنتهى الصبر واشتغلوا على فكرة إنهم هيتبعوا المثل اللي بيقول "الزن على الودان أمرّ من السحر".. ثبات "ليو" وتصميمه على الرفض بدأوا يتهزوا مع الأيام وشوية بشوية بسبب ضغط الظروف الحياتية عليه.. تمام أنا موافق يالا نسرق!.. حطوا الخطة ونفذوها بحذافيرها بالظبط.. اختاروا اليوم والتوقيت ورسموا خريطة للحركة بتاعتهم.. ولما جه يوم التنفيذ كان في انتظارهم مفاجأة!.. هجموا على العامل اللي معاه الفلوس وثبتوه وطلبوا منه يطلع اللي في عهدته وسمع كلامهم وسلمهم كل الفلوس.. وهي دي كانت المفاجأة!.. المحطة كلها مافيهاش غير 156 يوان أو (22 دولار ونص).. نعم!.. يعني الهيصة دي كلها على المبلغ الأهبل ده!.. ما هو للأسف يا مغفلين ياللي خططتوا للسرقة اختياركم للوقت كان في منتهى الغباء.. الكباتن اختاروا ساعة متأخرة بدون ما ياخدوا بالهم إن تسليم العهدة اليومية بيبقى الساعة 12 بالليل، والمبلغ اللي هما أخدوه ده هو يادوب فلوس الكام عربية اللي جُم اشتروا بنزين في الساعتين اللي فاتوا!.. صباح الفل.. طب هنعمل إيه يا رجالة؟.. هنعمل إيه في إيه ما كده خلاص اتحسبت علينا سرقة وبقينا حرامية بشكل رسمي فهناخد الفلوس ونهيص بيها!.. عملوا إيه؟.. اشتروا أكل وألعاب نارية وبُمب وعاشوا يومين زي الفل.. يومين بالعدد.. وبعد كده بخ خلاص.. الفكرة إن على الناحية التانية كانت الشرطة بتشتغل عشان توصل للحرامية دول اللي كانت الكاميرات جايبة خط سيرهم، وفعلًا قدروا يوصلوا للاتنين شركاء "ليو".. "ليو" عرف إن زمايله اتمسكوا فهرب على الجبل عشان خاف يتمسك.. المشكلة الكبيرة اللي كانت عنده قبل قراره ده إنه مرتبط جدًا بوالده وبـ بنته إنسانيًا ونفسيًا ومش عارف هيعمل إيه من بعده.. بس كان لازم تحرك سريع.. هرب "ليو" وطبعًا أصحابه بلغوا عنه والشرطة فتشت بيت أبوه وبهدلوه لكنه كان صادق في إنه مايعرفش فين ابنه.. والنتيجة؟.. استخبى في كهف صغير في الجبل بيبعد مسافة كبيرة عن المدينة.. وعاش إزاي؟.. كان بيهرب كل ليلة للسوق عشان يسرق شوية بطاطس أو خضار ويرجع تاني للكهف.. السطور اللي جاية دي مش نكتة!.. "ليو" فضل مستخبي في الكهف ده لمدة 14 سنة متواصلين.. يوم بيجر يوم وسنة بتسحب وراها التانية وهو مش حاسس ولا واخد باله من العُمر اللي بيكبر.. والسبب؟.. خايف أحسن أتمسك!.. خوفه إنه يتمسك هو اللي كلبشه وخلاّه يختار طريق صعب عليه وعلى والده وعلى بنته.. بالمناسبة.. والد "ليو" اتوفى بسبب حزنه على ابنه وهو معرفش المعلومة دي غير في واحدة من المرات اللي كان بينزل فيها للسوق وهو متخفي.. بالمناسبة كمان بنت "ليو" كبرت واتجوزت وخلفت!.. مع العلم إن عدد سنين العقوبة اللي كان "ليو" هيتعاقب بيهم لو كان اتمسك هما 3 سنين أول عن آخر!.. يعني ضيع 14 سنة من عمره عشان خايف يتحبس 3 سنين، وبرضه فوق البيعة خسر إنه يشوف والده قبل وفاته، وماحضرش فرح بنته ولا فرح بيها!.. من أيام بسيطة قرر "ليو" يسلم نفسه بعد ما وصل عمره لـ 50 سنة!.. قال بينه وبين نفسه إن كده كفاية أوي وأطلع أعيش اللي باقي من حياتي مع بنتي وحفيدي.. خاف فحبس نفسه سنين طويلة وهو شاب وخرج منها وهو جد!.

• الاعتراف بالخطأ شجاعة، ومهما كانت نتايجه عمرها ما هتبقى في حجم خسايرك من المكابرة والعناد.. شكلك اللي خايف عليه يطلع وحش لو قولت أنا كنت غلطان مش هتقدر تبص فيه تاني لو اكتشفت متأخر إن الاعتذار والاعتراف ماكانوش هيقللوا منك.. مفيش حد مابيغلطش بس بعد كل غلطة فيه نوعين من البشر.. الأول اللي عرف إنه إنسان عادي مش ملاك ووارد إنه يغلط ولازم يتحمل نتيجة غلطه، والأهم مايكررش غلطه ده، والنوع التاني اللي خاف وافتكر إن المقاوحة هتداري عليه وهتقلب الآية فبقى الغلط غلطين.. الكاتب "ألكسندر بوب" قال: (ليس على المرء حرج من الاعتراف بخطأه، فهذا يعني قوله بكلمات أخرى أنه اليوم أكثر حكمة مما كان بالأمس).

تابع مواقعنا