هل يلجأ المطورون العقاريون لـ القضاء لتغيير بنود عقودهم مع العملاء؟
شهد السوق العقاري حالة من عدم الاستقرار خلال الفترة الأخيرة بسبب تأثره ببعض التحديات بداية من أزمة تحرير سعر الصرف ثم أزمة كورونا، ووصولا للحرب الروسية الأوكرانية، مما أثر بشكل كبير على حركة التشييد والبناء لدى الشركات العقارية بسبب ارتفاع أسعار مدخلات البناء بشكل كبير.
الأزمات المتلاحقة التي شهدها السوق أدت بشكل طبيعي إلى ارتفاع أسعار العقارات المُباعة على الماكيت، أي بأسعار ما قبل التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، مما يحمل المطور العقاري تكاليف التنفيذ المرتفعه والتي لا تتناسب مع القيمة الفعلية المباع بها سعر المتر أو الوحدة السكنية.
ومع ارتفاع الأسعار وعدم تمكن المطورون العقاريون من التنفيذ، لجأ البعض للمطالبة بتغيير بنود التعاقد ليتحمل العميل أو المشتري جزء من ارتفاع الأسعار، مما اضطر بعضهم إلى رفع دعاوى قضائية للحصول على حكم يمكنهم من قيام العميل بسداد فارق التكلفة.
وأجمع عدد من المطورين العقاريين على أنه سيتم تشكيل لجنة لمناقشة قرار تعديل بنود عقود الشركات العقارية بما يتماشى مع الأزمات التي لحقت بالقطاع خلال الفترة الأخيرة، للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف دون تحملها على طرف علي حساب الآخر.
لجوء الشركات العقارية للقضاء
قال هاني العسال، وكيل غرفة صناعة التطوير العقاري، إن لجوء الشركات العقارية للقضاء أمر طبيعي في الفترة الحالية بسبب الأزمات المتلاحقة التي أثرت بشكل كبير على السوق العقاري.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن السوق يعاني من أزمة حقيقية ولا بد من وضع حلول غير تقليدية، لحل أزمات المطورين، لافتًا إلى أن بنود القانون تسمح بتغيير السعر دون الرجوع لجهات محددة.
وأشار إلى أن المطور العقاري مطالب بتحقيق التوازن بين مصلحة الشركة والعملاء، لاستمرار دوران عجلة رأس المال، لافتًا إلى أن بعض المطورين لجأوا مباشرة للقضاء لعدم قدرتهم علي التنفيذ وهو الحل الأمثل لهم.
وأوضح أنه تمت مناقشة بنود عقود الشركات مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير مع المطورين العقاريين بحضور مسئول من وزارة العدل، وتمت الموافقة على وضع رؤية تصورية ودراسة لإمكانية التطبيق وبشروط يتم التوافق عليها من جميع الأطراف.
وعلق المهندس محمد المنشاوي وكيل غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، علي أن توجه الشركات العقارية إلى ساحات القضاء أمر يضر بالسوق العقاري بشكل عام، ويؤدي لحدوث ضجة في كبيرة، مؤكدًا أن هذا أمر غير مرغوب فيه من قبل غرفة صناعة التطوير العقاري الممثلة عن المطورين العقاريين بجميع فئاتهم.
وأشار إلى أنه سيتم تشكيل لجنة لمناقشة قرار تعديل بنود عقود الشركات العقارية بما يتماشى مع الأزمات التي لحقت بالقطاع خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا أنه سيتم عرض الأمر على الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان لمناقشة كافة الخطوات التي من شأنها الحفاظ على منظومة التطوير العقاري سواء كان عميلا أو مطورا عقاريا.
وأوضح أنه ليس من المعقول أن تلجأ كل الشركات العقارية للقضاء حال إخلالها ببنود العقود مع العملاء، كون هذا الأمر يمنح انطباع سيئا لدى المستثمرين أو ممن لديهم اهتمام بشراء العقار في مصر.
وأكد أن مجلس الوزراء ووزارة الإسكان قدما جميع التسهيلات والحوافز للمستثمرين خلال الفترات السابقة، وبالتالي إذا ما ترجمت تلك القرارات نلاحظ أن أغلبها تعويض مادي سواء عن طريق تأجيل سداد الأقساط أو مد فترات التنفيذ ووصولا إلى تثبيت أسعار الفائدة عند 10% لمدة عامين.
ونوه المنشاوي، بأن الشركات الكبيرة والتي تتمتع بسمعة طيبة في السوق العقاري لن تلجأ لمثل هذا الأمر، خوفا على اسمها وعملائها، ولكن من المتوقع أن يكون هذا توجهًا للشركات الصغيرة التي تفتقر للملاءة المالية والخبرة في تخطي الأزمات.
فيما قال المهندس علاء فكري، عضو لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن لجوء بعض الشركات العقارية لساحة القضاء لن يكون مقياسا علي الجميع، لاسيما وأن الأحكام التي تصدر من المحاكم حسب ظروف كل شركة والتزام عملائها معها.
وأشار إلى أن ظهور بعض الحالات هي فردية ولا تعني إطلاقا تعميمها على الشركات العاملة بالقطاع العقاري، مشيرًا إلى أن رؤية المحكمة تختلف حسب العقود المبرمة بين الطرفين أو حسب ما يراه في صالح الطرفين.
جدير بالذكر، أقر المجلس الأعلى للاستثمار منح المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية (عقارية، زراعية، صناعية، سياحية، وغيرها) بالمدن الجديدة وجميع جهات الولاية، فائدة أقساط 10% لمدة عامين، بدلًا من الفائدة السارية المعلنة من البنك المركزي، فضلًا عن مد المدة الزمنية لتنفيذ المشروعات العقارية بواقع 20% من إجمالي المدة الزمنية الأصلية لتنفيذ هذه المشروعات، تخفيفًا للأعباء الملقاة على المستثمرين العقاريين، هذا إلى جانب تخفيض النسبة المئوية لاعتبار المشروع قد اكتمل تنفيذه، لتصبح 85 % بدلا من 90 %.
كما اتخذت الدولة من خلال المجلس الأعلى للاستثمار قرارًا مهمًّا بشأن السماح للأجانب بتملك أكثر من عقارين بشرط السداد بالعملة الصعبة، يأتي هذا القرار في إطار جهود التوسع في تصدير العقار المصري، وزيادة حصيلة البلاد من العملة الصعبة.