ما الفرق بين المداراة والمداهنة؟.. عالم أزهري يجيب
أجاب الشيخ محمد أبو بكر، أحد علماء الأزهر الشريف على سؤال نصه: الفرق بين المداراة والمداهنة؟
وقال أبو بكر خلال تصريحات تليفزيونية: كثير من الناس يخلطوا بين الأمريين؛ فهناك فرق بين المداهنة والمداراة، المداراة أن تقول كلمة الحق أو الصريحة بإسلوب مغلف من الرحمة، أو بالرفق، أو باللين.
حسن انتقاء اللفظ في الإسلام
وأضاف أبو بكر: كأن يأتي الطبيب للمريض الذي يحتاج إلى البتر بنسبة كبيرة لا قدر الله، لكنه لا يُعطيها له صراحةً؛ إنما يبدأ بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى، ويأخذ بالأسباب ويقول للمريض أحنا محتاجين مجهود الأسبوع المقبل، ويبدأ بتأهيل المريض للرضاء بقضاء الله سبحانه وتعالى؛ وذلك بسبب ابتلاءنا في هذه الأيام بكارثة وهي كارثة الوقاحة، فأنت مثلًا بتشتم شخص وتقوله معلش أصل أنا صريح.
الصراحة الفاظة ما هي إلا وقاحة
ووصف أبو بكر هذا الأسلوب بالوقاحة، فهناك ملك كان لديه ولدان فجعل ولاية العهد من بعهده للصغير، فغضبت الأم فقالت لزوجها أتجعل للصغير ولاية على الكبير كيف هذا؟ فكان الملك عنده رؤية عاليةـ فأتى بالولد الكبير وسأله ما ضد محاسنك فأجابه مساوئك، فقال له نعم صحيح، فسأل نفس السؤال لأبنه الصغير ما ضد محاسنك؟ فقال مالا يكن من محاسنِ مولاي.
وأكمل: كان هناك ملك رأى في منامه أن أسنانه كلها سقطت، فأتى برجل مفتي للرؤية، فقال له إن أسرتك كلها سوف تموت ولن يتبقى سواك، فسجنه الملك، ثم آتى بمفتي آخر وقال له نفس الرؤيا فقال له بشرط تطلع صاحبنا من السجن سأقول لك رؤياك، قال أما يرضى سيدي الملك أن يكون أطول أولاده وأحفاده عمرًا، فقال الملك بلى، ثم قال له أما يرضى سيدي الملك أن يكون العرش له ولا وريث للعرش من بعده إلا هو، قال بلى، فقال المفتي له فهذا تأويلي لرؤياك، والأختلاف هنا ليس في المضمون؛ وإنما في حسن العبارة وكيفية توصيلها، فقال تعالى: "وكونوا للناس حسنًا".
وواصل: فإذا ذهبنا للآية السابقة فنجد أن الله عز وجل قدمها على أية "وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة" متخيلين خطورة الكلمة، فعندما دخل سيدنا عمر على اليتامى الذين كانوا يجلسون حول النار لقصة أم اليتامى عندما كان يتفقد أحوال الرعية هو وسيدنا عبد الرحمن ابن عوف في يوم كان فيه البرد القارس والمطر، فهو لا يعرف ما اسمهم أو اسم أمهم، فقال السلام عليكم يا أهل الضوء وكره أن يقول لهم يا أهل النار.
واختتم: فاختيار اللفظ مهم جدًا في الإسلام لذلك قال النبي عليه السلام: إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم. فالكلمة التي نستهتر بها هي التي تخرج الإنسان من الإسلام إلى الكفر.
