ما بين السباحة والغرق.. كيف يتعامل نيمار مع بحر الأرقام؟
تشتهر كرة القدم دائما بأن لغتها الأساسية هي لغة الأرقام، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت لغة الأرقام نفسها تنقسم إلى أرقام قياسية وإنجازات أو أرقام رواتب وأموال، ليصبح الأمر أمام أي لاعب أشبه ببحر عميق ولكنه ممتلئ بالأرقام ليختار بنفسه سيسبح في أيهما.
والأمر دائما يكون متروكًا إلى اللاعبين بالطبع في تحديد مصيرهم، فهناك من يختار تحطيم الأرقام القياسية أولا ثم الذهاب للسباحة قليلا في بحر الأموال في نهاية مسيرته، وهناك من يختار الغرق في الأموال تاركا الأرقام خلف ظهره باحثا عن مستقبل أفضل له، وهناك من يسبح قليلا هنا وهنا.
نيمار ما بين السباحة والغرق
ويعتبر البرازيلي نيمار دا سيلفا، واحدا من اللاعبين المحيرين في حسم قرارهم في بحر الأرقام هذا، أو من ضمن الذين لم يحسنوا الاختيار في التعامل مع هذا البحر في وقت مبكر من حياته الكروية.
قصة الموهبة البرازيلية الشابة الذي جاء إلى برشلونة في صيف 2013 قادما من سانتوس البرازيلي هو في عمر الـ21 عاما، وتنبأ الجميع بأنه سيكون أحد أبرز المواهب في العالم، وهو ما حدث بالفعل ولمع اسم نيمار في كرة القدم بشكل عام، وقدم مستويات مذهلة طوال السنوات الأربع التي قضاها في البارسا، ليصبح حديث العالم أجمع.
وحصد نيمار مع برشلونة 9 بطولات أبرزها لقب دوري أبطال أوروبا ولقب سوبر أوروبي ومثله كأس العالم للأندية، وجميع الألقاب الثلاثة لم يحصدها مرة أخرى طوال مسيرته، وظل أحد الأعمدة الأساسية داخل العملاق الكتالوني وشكل خط هجوم مرعبًا لكل فرق أوروبا رفقة ليونيل ميسي ولويس سواريز.
وخاض نيمار مع برشلونة طوال 4 سنوات، 186 مباراة سجل خلالها 105 أهداف وصنع 76 آخرين، وكان أفضل المواهب الشابة في العالم، وكان مرشحا ليكون خليفة رونالدو وميسي عقب تقدمهما في السن وترجيح اعتزالهما ويسيطر على الجوائز الفردية مثل الكرة الذهبية والأفضل في أوروبا وخلافه، ولكن تحولت الأمور بشكل مفاجئ وحدث عكس كل التوقعات.
تقدم باريس سان جيرمان بعرض ضخم جدا لضم نيمار يتضمن راتبا ضخما ومزايا وإضافات عديدة جميعها تتعلق بالمال، ولكن كان يظن كثيرين أن النجم البرازيلي سيرفض العرض ويكمل بناء المجد في البارسا، ولكن تفاجأ الجميع أن دا سيلفا اختار أن يغطس في بحر الأموال الذي أمامه في فرنسا، ورحل عن الفريق الإسباني بالفعل في صدمة غير متوقعة.
بحر أعمق من باريس إلى السعودية
وبدأ نيمار رحلة السباحة في بحر الأموال داخل باريس بعدما انضم للنادي في صيف 2017، ولكن لم يلتفت النجم البرازيلي إلى أن سباحته هذه في بحر الأرقام العالية في راتبه، تسببت في غرقه في بحره الآخر للأرقام القياسية، فقد بدأ اسم اللاعب تدريجيا في الاختفاء ولم يصبح التركيز معه مثلما كان من قبل لعدة عوامل مختلفة.
فقد كان سبب رحيل نيمار عن برشلونة على حد قوله أنه لا يرغب في أن يكون في ظل ميسي، ليتفاجأ بتعاقد باريس سان جيرمان مع العديد من النجوم الآخرين ليحظوا بتركيز كبير يطغى على ضوء النجم البرازيلي بل وتعاقدوا مع ليونيل نفسه أيضا في مفاجأة غير متوقعة، بخلاف كثرة إصابات نيمار وعدم منافسة الفريق الباريسي على الألقاب الكبرى وسوء حظه فيها.
وخاض نيمار مع باريس طوال 6 سنوات داخل النادي 173 مباراة أي أقل من التي خاضها في برشلونة طوال 4 سنوات بـ 13 لقاء، وسجل خلالها 118 هدفا وصنع 77 هدفا، وبالرغم من كونه نجما للفريق ولكنه لم يجد نفسه مثلما كان يخطط ومثلما كانت جماهير كرة القدم تنتظر منه، حتى مع حصده 14 لقبا ولكنها جميعا ألقاب محلية خالية من أي لقب أوروبي، ومواسمه كانت خالية من المنافسة على أي جائزة فردية كبرى أيضا.
وظلت تخبطات نيمار في باريس تنسج أخبارًا حوله في كل موسم أنه سيعود إلى برشلونة ولكنه يتضح في النهاية أنها غير صحيحة وأحيانا تنتهي بتجديد اللاعب لناديه الفرنسي، إلى أن جاء له عرض أضخم بكثير من الهلال السعودي في الأيام الماضية، وهو عرض به بحر أرقام أكبر بكثير ومميزات لا يمكن إحصاؤها وراتب خيالي، أي بحر ممتلئ بالأموال أكثر من ذاك الذي كان يسبح فيه بفرنسا، فماذا سيفعل اللاعب البرازيلي؟ بالطبع اختار القفز والسباحة في مال الخليج بالسعودية.
وقفز نيمار مرة أخرى إلى بحر آخر يموج بالأموال لينضم إلى الهلال في الميركاتو الصيفي الحالي 2023، ولكن لم يفكر النجم البرازيلي صاحب الـ 31 عاما أنه لحظة قفزه هذه المرة قد تكون سببا لجذبه إلى القاع وغرقه واختفاء اسمه نهائيا من أوروبا، لينهي مسيرته بكل موهبته هذه دون أن يحصد كرة ذهبية واحدة مثل أقرانه ومن يملكون نفس الموهبة، فهل تعامل نيمار مع بحر الأرقام بشكل صحيح طوال مسيرته.