قانون الخلع بين الحل والتحريم
صدر قانون الخلع الذي تسبب في حالة كبيرة من إثارة الجدل منذ الإعلان عنه عام 2000، وقد رفضه مفتي الجمهورية آن ذاك، والكثير من الأئمة والعلماء أيضا، وذلك لما فيه من عوار لا يتماشى مع الشرع الذي يفترض أنه يستند إليه على حد قولهم.
الحقيقة أننا سمعنا عن الكثير من الأسباب التي قيل أنها كانت خلف إصدار هذا القانون ومنها زواج مسئول كبير آن ذاك من سكرتيرة كما ذكر عصام عجاج المحامي بالنقد خلال لقاء تلفزيوني، وذلك عندما كان يشن هجوما حادا على هذا القانون، وقال إنه من أسباب هدم الكثير من الأسر، وزيادة نسب الطلاق التي وصلت إلى 750 ألف حالة عام 2022 مقارنة بـ 65 ألف حالة عام 2005 ونسبة 80% منها حدثت عن طريق الخلع.
وأضاف عجاج خلال حديثه أن التعديلات الجديدة التي تتم مناقشتها أكثر سوء.
وبها العديد من العيوب، مثل ترتيب الحضانات غير المنصوص عليه في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وكذلك رفع سن الحضانة، وتمكين مسكن الزوجية.
الخلع من الناحية الشرعية
قد أعطى الشرع في الإسلام للزوجة الحق في طلب الطلاق والحصول عليه في حالات الضرر التي تستحيل معها العشرة، أو إذا خافت ألا تقيم حدود الله وذلك بأنها لم تعد تستطع القيام بواجبها الشرعي تجاه زوجها في الفراش.
قال تعالى《فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ》{البقرة:229}
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الاستخفاف بهذا الأمر وذكره في جميع دعاوى الخلع كدباجة معروفة ومكررة للحصول على حكم الطلاق يعد من المحرمات وتأثم من تستخدمه بغير وجه حق.
والشرط الأهم الذي هو مثار الجدل وبسببه قال كثيرون بتحريم قانون الخلع أن الطلاق لابد أن يتم بعلم الرجل والمرأة وبموافقتهما معا، وذلك مالا يحدث ورغم أن الشرع أعطى الحق للزوجة في تطليق نفسها في حالات معينة إلا أنه لم يتركها هكذا بلا ضوابط، وقد أمر بتدخل أهل الفضل من أهلها وأهله أولا للإصلاح وأن تكون نيتهم خالصة لله، وبهذه الطريقة يكون الرجل على علم بما ستقوم به زوجته من رفع دعوى في المحكمة إذا لم يتم الصلح أو الطلاق بالاتفاق بعيدا عن المحاكم.
وهنا نذكر قول الله تعالى《وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}
ولكن ما يحدث في الواقع غير ذلك.. والمحكمة ترسل لطلب الزوج عند رفع الزوجة للدعوى لعقد جلسة ودية كإجراء شكلي، وعندما لا يذهب فإن الدعوى تنتقل إلى القاضي مباشرة ويتم الحكم بالطلاق خلال ستة أشهر على الأكثر وأقل في أغلب الأحيان التي تتحايل فيها الزوجة وتعطي المحكمة عنوانا غير صحيح حتى لا يعلم الزوج أنها تقوم بخلعه ويفاجأ بالحكم، وذلك حدث كثيرا بل هناك ما هو أشد منه حيث بعض الزوجات حصلن على حكم الطلاق وهن في بيوت أزواجهن وللأسف لم نسمع أن أحدا قد حاسبهم على ذلك، رغم أنها جريمة كبرى وذلك من أهم أسباب العوار في ذلك القانون وطريقة تطبيقه.
وإذا كان الهدف الأساسي يجب أن يكون حماية الأسرة وضمان تماسكها وليس شيئا آخر، فلابد من الاعتراف بأن هذا القانون كان سببا أساسيا في هدم الكثير من الأسر وقد شجع الزوجات على التسرع في اتخاذ خطوة الانفصال التي غالبا يحدث الندم بعدها لمن يعي، لكن بلا جدوى لأنها تكون قد اتخذت خطوة تعد طعنة كبرى في كرامة الرجل فتستحيل بعدها العشرة.
وهنا أيضا أشير إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال 《المختلعات والمنتزعات هن المنافقات》 رواه الطبراني وصححه الألباني.
ويقصد هنا من اختلقت المشاكل وشحنت نفسها لأمور لا تستحق وطلبت الطلاق سواء بخلع أو غيره.. وفي زماننا هذا ومع تراجع الوازع الديني والأخلاقي بكل أسف أصبح ذلك من السهل جدا حدوثه، ولذلك فعلى المشرع النظر في كيفية حماية الأسر من الانهيار وإيذاء الأبناء وتشتيتهم ويجب تشديد الأمر في فكرة الطلاق لعل صعوبته تعطي فرصة للتراجع خاصة أن كثير من النساء يأخذن الأمور بتهور واندفاع غير محسوب ولعلنا سمعنا مؤخرا حديث أحد المحامين عن وفاة زوج داخل المحكمة أثناء نظر دعوى خلع، وكيف أن الزوجة ظلت تصرخ وتقول ارجعلي مسامحاك ولكن كان قد نفذ السهم.
وذلك يدل على أن العناد والكبر قد يكونان أسبابا رئيسية في حالات كثيرة تكون نتيجتها انهيار أسرة كان من الممكن حمايتها ببعض التنازلات من الطرفين وليس طرفا واحدا.. فرغم كل ذلك لا يمكن إعفاء الرجل من المشاركة في إيصال الحياة لذلك المصير السيء.