ليست فرنسا وحدها.. لماذا تجوب مظاهرات المزارعين دول الاتحاد الأوروبي على مدار شهر كامل؟
أغلق المزارعون الفرنسيون الطرق السريعة الرئيسية المؤدية إلى العاصمة باريس، أمس الاثنين، احتجاجا على مجموعة من المظالم، على الرغم من الإجراءات العديدة التي أعلنتها الحكومة.
وفيما يلي بعض القضايا التي دفعت الحركة الاحتجاجية وما يمكن للحكومة فعله بعد ذلك، حسب تقرير وكالة رويترز.
لماذا يحتج المزارعون في فرنسا؟
تعد فرنسا أكبر منتج زراعي، من بين دول الاتحاد الأوروبي، ورغم ذلك يقول مزارعو فرنسا إنهم لا يحصلون على أجور كافية، كما أعلنوا تضررهم من القواعد التنظيمية المفرطة، التي فرضتها عليهم الحكومة بشأن حماية البيئة.
وضمن مخاوف المزارعين الفرنسيين، المنافسة بين الواردات الأقل سعرا والقواعد البيئية، والتي يتقاسمها المنتجون في بقية دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن قضايا أخرى مثل مفاوضات أسعار المواد الغذائية هي أكثر تحديدًا لفرنسا.
وأدت الخلافات بشأن مشاريع الري والانتقادات بشأن رعاية الحيوان والمبيدات الحشرية إلى تفاقم الأزمة بين المزارعين الفرنسيين المسنين الذين يتجاهلهم المجتمع.
ويقول المزارعون إن الجهود التي تبذلها الحكومة وكذلك تجار التجزئة لخفض تضخم أسعار الغذاء جعلت العديد من المنتجين غير قادرين على تغطية التكاليف المرتفعة للطاقة والأسمدة والنقل.
وكانت خطة الحكومة الفرنسية الإلغاء التدريجي للإعفاء الضريبي للمزارعين على وقود الديزل، كجزء من سياسة أوسع نطاقا لانتقال الطاقة، من النقاط الساخنة أيضا.
ومن بين الأمور التي أبدي المزارعون، اعتراضهم عليها، قواعد الدعم في الاتحاد الأوروبي، مثل المطلب الوارد بترك 4% من الأراضي الزراعية بورًا، وما يعتبرونه تنفيذ فرنسا المفرط في التعقيد لسياسة الاتحاد الأوروبي.
وينظر إلى السياسات الخضراء على أنها تتعارض مع الأهداف الرامية إلى تحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء والسلع الأساسية الأخرى في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ما الذي فعلته الحكومة الفرنسية لحل الأزمة؟
وحسب رويترز، تتعرض الحكومة الفرنسية لضغوط كبيرة، في محاولة لنزع فتيل الأزمة قبل الانتخابات الأوروبية في يونيو والمعرض الزراعي السنوي في باريس في أواخر فبراير.
وقبل أيام أعلن رئيس الوزراء غابرييل أتال، إلغاء الزيادات في ضريبة الديزل على المزارعين، كما حدد خطوات للحد من الروتين وعرض مساعدات إضافية بما في ذلك للمزارعين المتضررين من مرض الماشية في الجنوب، ووعدت الحكومة باتخاذ المزيد من الإجراءات خلال أيام.
ماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك؟
أثارت الإعلانات الأولية ردود فعل متباينة ودعت نقابات المزارعين إلى مواصلة الاحتجاجات، في حين تحافظ الحكومة على موقف متسامح تجاه المتظاهرين، على الرغم من بعض حوادث العنف، لكنها أمرت الشرطة بحماية مطارات باريس وأسواق الجملة بعد دعوات لاستهدافها.
في أي مكان آخر في أوروبا يتظاهر المزارعون؟
ولم تكن فرنسا وحدها التي تشهد احتجاجات المزارعين، ففي وقت سابق من يناير الجاري، أغلق مزارعون ألمان شوارع برلين بالجرارات الزراعية، واليوم تعطلت حركة المرور في أنحاء العاصمة البلجيكية بسبب تظاهرات المزارعين المحتجين، فيما نجحت نحو عشرة جرارات في الوصول إلى منطقة الاتحاد الأوروبي في بروكسل حيث أطلقوا أبواقها بصوت عال.
احتجاجات المزارعين في بروكسل
وذكرت وسائل إعلام بلجيكية أن المزارعين أوقفوا نحو خمس شاحنات محملة بالخضروات الإسبانية وألقوا المنتجات بالقرب من مركز التوزيع لشركة التجزئة البلجيكية كولرويت بالقرب من بروكسل.
احتجاجات المزارعين في برلين
وكذلك الحال بالنسبة لدولة ألمانيا الفيدرالية، حيث شهدت اندلاع احتجاجات بعد قرار الحكومة بالإلغاء التدريجي للإعفاء الضريبي على الديزل الزراعي أثناء محاولتها موازنة ميزانيتها لعام 2024، وفي وقت سابق من هذا الشهر، وصلت برلين إلى طريق مسدود تقريبًا حيث امتلأ أحد شوارعها المركزية بالشاحنات والجرارات.
احتجاجات مزارعو رومانيا
واتخذ المزارعون وسائقو الشاحنات في رومانيا إجراءات هذا الشهر باحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف الأعمال التي تمنع الوصول إلى معبر حدودي مع أوكرانيا، وفقًا لتقرير رويترز.
ومع تحديد معظم السياسات الزراعية والإعانات على مستوى الاتحاد الأوروبي، تسعى باريس إلى الحصول على تنازلات من شركائها، مثل محاولة حشد الدعم للإعفاء من متطلبات الأراضي البور، وهي قضية يمكن للرئيس إيمانويل ماكرون أن يدفع بها في قمة الزعماء يوم الخميس.
فرنسا تخطط لوقف الإيرادات الأوكرانية
وفيما يتعلق بالتجارة، وهو مجال آخر يتم إدارته على مستوى الاتحاد الأوروبي، دعا وزير الزراعة الفرنسي مارك فيسنو إلى اتخاذ تدابير لمنع الواردات من أوكرانيا من زعزعة استقرار أسواق الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في السكر والدواجن والبيض، ويمثل ذلك تحولا من جانب باريس، التي عارضت في السابق تحركات دول شرق الاتحاد الأوروبي للحد من تدفقات المنتجات.
وأثارت الواردات الكبيرة من أوكرانيا، التي تنازل الاتحاد الأوروبي عن حصصها ورسومها الجمركية منذ الغزو الروسي، وتجدد المفاوضات لإبرام اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وكتلة ميركوسور في أمريكا الجنوبية، الاستياء بشأن المنافسة غير العادلة في السكر والحبوب واللحوم.
وتواجه الواردات الأوكرانية رفض كبير من حكومات الاتحاد الأوروبي، كونها تضغط على الأسعار الأوروبية بينما لا تفي بالمعايير البيئية المفروضة على مزارعي الاتحاد الأوروبي.