هل الدولة السلجوقية مسلمة؟
الدولة السلجوقية، هي إحدى أكبر الدول وأكثرها تأثيرا في التاريخ الإسلامي، ولعبت دورا بارزا في الأحداث السياسية بالعالم الإسلامي وفي الحروب ضد الصليبيين، كما كان لها دور في التصدي للعديد من الفرق الإسلامية خاصة الشيعية، بدأت هذه الدولة في الظهور في عهد الخلافة العباسية، وكان موقع انطلاقها فيما يعرف حاليا بإيران ووسط آسيا، وكان يغلب عليها الطابع السني، مع وجود أقلية شيعية.
والسلاجقة هم سلالة ينتسبون إلى سلجوق بن دقاق، وهو جد السلاجقة الأكبر، كانوا يعيشون في بلاد ما وراء النهر (وسط آسيا) ودخلت هذه القبيلة في الإسلام في عهد زعيمها سلجوق بن دقاق، عام 960 ميلادية (حوالي 349 هجرية).
حكمت الدولة السلجوقية، في أقصى اتساعها وازدهارها خراسان وفارس والعراق والشام والأناضول، أي ما يعرف حاليا بدول: إيران وأفغانستان وتركمانستان وأوزباكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وجزء من كازاخستان (وسط آسيا) وُصولا إلى كاشغر في الشرق (حاليا في شمال الصين)، بالإضافة إلى العراق والشام والأناضول غربا وُصولا إلى مشارف القسطنطينية.
بداية ظهور الدولة السلجوقية
بدأت الدولة السلجوقية في الظهور لأول مرة عندما قاد حفيد سلجوق، ويدعى طغرل بك، حربا مع الدولة الغزنوية في إقليم خراسان الكبرى، في عام 1037ميلادية (429 هجرية)، وتمكن من انتزاع مدينتي مرو، (جزء من دولة تركمانستان حاليا)، وكذلك مدينة نيسابور (جزء من إيران حاليا)، ومن هناك أسس دولة السلاجقة، التي أخذت في التمدد والتوسع حتى وصلت أوج اتساعها عام 1092، وكانت تحكم مناطق من شمال الصين شرقا مرورا بوسط آسيا، إلى حدود القسطنطينية غربا.
الدولة السلجوقية المسلمة تنقذ الخلافة العباسية
بعد تأسيسه الدولة السلجوقية والقضاء على الدولة الغزنوية، في خراسان، أخذ طغرل بك في التقدم غربا وخاص حربا مع الدولة البويهية في إيران والعراق، واستغل فرصة استنجاد الخليفة العباسي القائم بأمر الله، به ليسير نحو بغداد وينتزعها، وبذلك قضى على الدولة البويهية التي كانت واحدة من القوى الكبرى في فارس لقرن ونصف.
ساندت الدولة السلجوقية، الخلافة العباسية السنية، وأنقذتها من الانهيار أمام نفوذ الدولة البويهية الشيعية في العراق وإيران، من جهة، والدولة الفاطمية الشيعية في مصر والشام من جهة أخرى، ونصر السلاجقة أهل السنة وقضوا تماما على النفوذ البويهي والخلافة العبيدية أو ما يعرف بالدولة الفاطمية، بعدما كان النفوذ الشيعي مسيطرا على الخليفة العباسي.
معركة ملاذكر ودخول الأناضول
خاصت الدولة السلجوقية المسلمة، معركة كبرى مع الإمبراطورية البيزنطية المسيحية، في ملاذكر (الآن جزء شرق تركيا)، وقادها ألب أرسلان الذي خلف عمه طغرل بك بعد وفاته، ووكانت هذه المعركة حاسمة في دخول السلاجقة للأناضول وبسط نفوذهم وسيطرتهم على ما يعرف الآن بجورجيا وأرمينيا وشرق تركيا،
بعد وفاة ألب أرسلان، خلفه ابنه ملك شاه، والذي واصل توسيع الدولة السلجوقية، حتى وصلت إلى بلاد الشام بما في ذلك مدينة القدس، ولكن بعد وفاة هذا السلطان بدأت دولة السلاجقة في الاضمحلال والخفوت والضعف تدريجيا، بعد انتهاء عصر نفوذها العسكري.
ظهور الحشاشين وخفوت الدولة السلجوقية
وفي نهاية عهد ملك شاه، ظهرت جماعة الحشاشين (وهي جماعية باطنية شيعية)، وسببت اضطرابات كبيرة فيما يعرف اليوم بشمال إيران، وفي هذه الفترة خسر السلاجقة حروبا كثيرة أمام الصليبيين، وخسروا أجزاء واسعة من دولتهم بما فيها الكثير من مدن الأناضول وبلاد الشام، وانتهت دولة السلاجة العظام في سنة 1153 ميلادية (548 هجرية)، ويطلق على الدولة السلجوقية هذا الاسم (السلاجقة العظام) لتمييزهم عن دولة السلاجقة التي ظهرت لاحقا، حيث تمكنت فروع مختلفة من سلالة السلاجقة، من حكم مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، لكن بشكل مستقل.