محطات اللطف
في أكتوبر 2021 كتبت بوستا على حسابي الشخصي على فيسبوك عبارة عن طلب هو: (احكوا في التعليقات عن حاجة حلوة اتعملتلكم من شخص غريب مقابلتوهوش تاني).
البوست كان دعوة للناس إنهم يشاركوني ويشاركوا غيرهم بمواقف لطيفة تجدد فيهم وفينا اليقين إن الدنيا لسه بخير وفيها ناس أسوياء ممكن تقابلهم ويكونوا هما المحطة اللطيفة اللي بنعدي عليها.
الحقيقة إن التفاعل على البوست كان مدهشا وتجاوزت تعليقاته الـ 2600 تعليق غير أكتر من 600 مشاركة!.. الحقيقة كمان إن وقع تعليقات البوست ده عليا وعلى ناس كتير يمكن لحد النهاردة كان ولا يزال شيئا مُبهجا.. عشان كده قررت اختار مجموعة من التعليقات النبيلة دي في مقال النهاردة عشان تنتشر الفكرة أكتر وتسيب أثر في ناس أكتر.
البداية كانت من عندي لما افتكرت إن بعد وفاة والدي الله يرحمه كنت في سفرية بره مصر وقاعد في كافيه وجاتلي مكالمة من مصر من واحد صاحبي بيحكيلي عن مشكلة كبيرة بينه وبين والده وبسببها صاحبي ساب البيت ومش ناوي يرجع رغم إن هو اللي غلطان!.. لما لقيته مصمم على موقفه بدون ما أحس اتعصبت عليه وقولتله انت مش عارف قيمة أبوك يا غبي ومش هتحسها غير لما يغيب، وقفلت السكة في وشه!
كنت حاسس بتأنيب ضمير بعدها وفي حيرة ما بين هل أنا كنت قاسي عليه، ولا هو فعلًا كان محتاج يسمع الكلمتين دول عشان يحس بقيمة أبوه قبل فوات الأوان!.. ماكنتش محتاج أكتر من إشارة إني كنت صح.. استنيت شوية لحد ما هديت، وطلبت الحساب فالجرسون شاور على حد قاعد على ترابيزة قريبة مني وقال لي إن فلان دفع لك!
بصيت على فلان ده لقيته راجل كبير في السن بيقوم عشان يمشي وبيلملم مفاتيحه وموبايله ولما شافني باصص له مستغرب قال لي بالعربي: "عشان مصري زيك".. سكت لحظة وكمل: "وعشان انت جدع ياض، وصاحبك ده غبي فعلًا".. ومشي!.. وماشوفتوش تاني بس عمري ما نسيت ولا هنسى ملامحه، ولا هنسى إن تصرفه كان هو الإشارة اللي أنا طلبتها وكنت منتظرها.
بتحكي "عزة": وأنا داخلة استئصل ورم وسيبت أهلي ودخلت انتظار العمليات وقعدت استنى التجهيزات تخلص وبأبص من الشباك وبادعي ربنا، جت ممرضة بصت لي ومسكت بإيدي وعيطت وقالت لي هتقومي بالسلامة والله ولما دمعت خدت مني النضارة ومسحت لي دموعي.. هأفضل فاكرة لها إني بسببها حسيت بالدفا وقت مكنش جوايا غير الخوف من اللي جاي.. ربنا يرحمها دنيا وآخرة.
بتحكي "يارا": عمري ما هنسي سنة 2019 في فبراير كان حلم واحدة صحبتي إنه تحضر حفلة لفرقة مسار إجباري وقبل الحفلة بيومين دخلت كتبت إني محتاجة 3 تذاكر للحفلة بأي سعر حتى لو أغلي من تمنهم عادي.. دخل كلمني حد حتى مش فاكرة اسمه قالي إنه معاه الـ 3 تذاكر وكانوا له هو وأخته وخطيبته وإنه هيقابلني قبل الحفلة بساعتين.. كنت قلقانة ليخطفني فاخترت مكانا جنب مكان كورس الكلية علشان لو حصل حاجة يلحقوني وكده.. جه الشاب وقابلني وقولتله بكام مرضاش ياخد جنيه.. طب حضرتك مينفعش ومكنتش عارفة أعمل إيه.. من شدة أدبه وأخلاقه ورقي الكلام ولدرجة حتى إنه مرفعش عينه فيا خلاني أقبل وعرضت عليه شيكولاتاية كنت جايباها لصاحبتي، ورد قالي أنا كنت جايبهم ليا أنا وأختي وخطيبتي ننبسط بس والدها دخل المستشفى فممكن تتبسطوا بدالنا لإني كنت جايبهم أسعدهم بيهم واستأذنك تبعتيلي من الحفلة صور وفيديو.. معرفتش أقوله إيه غير شكرًا وحاضر حصورلك وخدتهم ومشيت وحتى الآن والله ما فاكرة لا شكله ولا حتى اسمه كل اللي فاكراه إنه كان لابس قميص لونه بيبي بلو فاتح وروحنا أنا وصحبتي وأختي وكانت من أحلى وأحسن الحفلات اللي حضرتها في حياتي.
بتحكي "مونيكا": كنت في مطعم في المنصورة وأنا مشكلتي مش بقدر أكمل الوجبه كلها.. المهم أكلت وقلت اللي هيتبقي هعطيه لأول حد محتاج يقابلني.. فعلا طلبت بقية الأكل يتلف دليفري وأول ما خرجت لقيت واحد عجوز قاعد جنب المطعم ومعاه مناديل بيبيعها عطيته الأكل وأنا ماشيه لقيته بيقولي "السعد خدامك يابنتي".. الدعوة دي محدش في الكون كان بيقولهالي غير جدتي والدة بابا الله يرحمها!.. أنا سمعت الدعوة دي واتخشبت مكاني لحظات ومشيت بس يومها دماغي موقفش من التفكير والسرحان إني سمعتها من حد غير جدتي وبعد سنين وسنين من وفاتها!.. بس كنت مبسوطة إني سمعتها تاني.
بتحكي "نجلاء": كنت متدايقة وبعيط وأنا ماشية في الشارع.. جت قصادي واحدة كانت مستعجلة جدًا، وبتجرى.. لما شافتنى وقفت وطبطبت عليا وقالتلى قولى يارب.. وماشوفتهاش تاني.
بيحكي "حسن": في وقت الحج وتحديدًا في السعي بين الصفا والمروة كان الناس كتير جدًا، الزحمة فوق الوصف.. لقيت واحده حاجه بتدور علي شباب بيسعوا بالناس الكبار بالكرسي المتحرك وليهم أجرتهم.. قالتلي تعالا يابني شوفلي الكراسي دي بتتأجر منين.. قولتلها حاضر يا حاجه.. روحت جريت جبت كرسي ببلاش وأنا اللي سعيت بيها وكان ليا جزء من دعواتها الحلوة.. بعد ما خلصت حضنتني وقالتلي روح يابني ربنا يتقبل منك ويفتحلك كل باب مقفول.. هي مشيت بس فضلت دعواتها في وداني ولسه لحد النهاردة كل ما بفتكر بحس إني عملت عمل عظيم.
بتحكي "هند": كنت ماشية مع واحدة صاحبتى عندها مشكلة مع والدها ومتضايقة جدًا.. جت ست كبيرة بعكاز من ضهرنا قالتلنا خودونى أتمشى معاكم يا بنات لو سمحتم.. قعدت تكلم صاحبتي عن إزاى تتعامل معاه وإن ربنا موصينا على برهم.. الفكرة بقى إن أنا كان بابايا أتوفى من شهرين ومخي مش بيفكر غير فيه فعيطت لقيتها بتبصلى وكإنها عرفت تقرا اللي جوايا وفهمت لوحدها وقالتلي اللي ملوش أب له رب عمره ما يسيبه أو ينساه إحنا بس اللي بننسى نعمة والابتلاء بيبعدنا عنه رغم إن المفروض يقربنا، قربي من ربنا يا بنتي هتهدي.
بتحكي "لبنى": راجل كبير معرفش جنسيته باكستاني أو حاجة كده لقيته بيناديلي في وسط الزحمة في الحرم وعملي طريق وخلاني ألمس الكعبة وأقف جنبها أنا وأخواتي في حجر سيدنا إسماعيل وفضل موسعلنا الناس لحد مخرجنا وسابنا ومشي وماقدرش أميزه من وسط الناس أو ألمحه تاني!
بيحكي "محمد": كنت بذاكر آخر ماده في ليسانس حقوق أنا و3 أصحابي وكنا مرهقين جدًا من طول فترة الامتحانات وكنا في رمضان وصيام.. من كتُر الإرهاق كل ما أفتح كتاب قبل السحور مش شايف حاجه ومش قادر أركز وكنا في شقه زميلنا في الدور الأرضي وعاملين معسكر مغلق.. تعبنا جدًا والإرهاق غلبنا واليأس سيطر عليا لدرجه إني قولت هنام بقى وخلاص وكده كده شيلنا المادة.. نمت وأنا زعلان لإني متعودتش على الفشل وأول ما رحت في النوم بعد الفجر بشويه سمعت صوت راجل بيكنس الشارع جنب شباكنا وبيقول بصوت زجل يعدلها ربنا، يفرجها ربنا.. كان بيكررها بصوت ملائكي حلو أوي ومكنتش متخيل إنها رسالة لينا.. روحنا الامتحان وكان أسهل امتحان حرفيًا وإحنا خارجين من اللجنه بصيت لأحمد صاحبي وقولتله يعدلها ربنا يا صاحبي.
بتحكي "آلاء": كنت راجعه من سوهاج للقاهرة.. كنت تعبانه ومرهقة جدًا وبكح كحة غريبة أول مرة تحصل في حياتي لدرجة إني كلمت ماما وبقولها أنا حاسه إني بموت من كتر التعب!.. فيه شخص لطيف ركب بعديا بمحطتين وقعد في الكرسي اللي قصادي.. لاحظ الكحة بتاعتي.. بدون ولا كلمة جابلي ينسون وجاكت وشحن ليا الموبايل.. طول الطريق بيسألني سؤال واحد بس إنتي كويسة؟.. حقيقي من ألطف الناس اللي قابلتها، وربنا يكرمه في أولاده يارب.
بيحكي "عبدالرحمن": من سنة ونص كنت لسه طالب وشغال agent support في شركة.. كنت زي أي مبتدئ بطيء في الشغل وللأسف الشغلانه دي بتتطلب سرعة وmultitasking وكده، ربنا كرمني بزميل اسمه محمود سعيد ساعدني كتير وعلمني لدرجة إنه ساعات كان بيعمل حاجات مفروض أنا اللي أعملها ويباصيهالي عشان أقدمها أنا!.. لغاية ما اتعلمت طبعًا.. كملت كام شهر ومشيت عشان الدراسة، ويمكن العلاقة انتهت بنهاية الشغل ولكن لغاية دلوقتي لما أفتكره بدعيله ولما يقابلني شخص محتاج مساعده في الشغل بفتكر محمود وبحاول أرد الجميل.
بتحكي "أشجان": كان عندي إمتحان وكانت مادة صعبه وخايفه منها جدًا واليوم كان قافل معايا بشكل وحش والمواصلات كانت زحمه وركبت عربيه قديمه وفي مكان مش مريح.. ركب جمبي بنت صغيره مع مامتها.. لقيت البنت بتبصلي وبتقولي ممكن تحضنيني؟.. هو إنتي بتذاكري؟.. متخافيش هتنجحي وهتجيبي Good.. مامتها بتقولها سيبيها عشان تركز والبنت رافضة ومصممة تتصور معايا وتحضني!.. عايزة أقولك إن الأمتحان كان صعب لكن ربنا لطف بيا وجه اللي مذكراه بالظبط والشابتر اللي سيبته مجاش منه حاجه وجبت تقدير جيد فعلًا في الماده دي.
بيحكي "مصطفى": كنت رايح أقدم علي دبلومة ترجمة في جامعة القاهرة وكان ورقي كله كامل ماعدا شهادة معافاة الجيش وبعدين مديرة القسم ما وافقتش بأي شكل من الأشكال.. المهم البنت اللي كانت بتستلم الورق قالتلي أنا هستلم منك الورق وهخلصلك الإجراءات علي مسؤوليتي الشخصية بس توعدني إنك تديني ميعاد تجيب فيه الشهادة وتلتزم بيه قلتلها حاضر والله.. وعملت كده فعلًا واستلمت شهادة الجيش بعدها بفترة وسلمتها ليها وعمري ما نسيت موقفها الجدع ده رغم إني ماشوفتهاش تاني.
بتحكي "شذى": كنت طالعه بعيط من امتحان وقعدت على البحر أعيط ففيه ناس كتير معرفهاش سألتني بعيط ليه واللي جابلي كوباية ينسون ومرضاش ياخد حقها، واللي جابلي مناديل، واللي جابلي آيس كريم!.. كلهم ناس معرفهاش!.. ربنا يجبر بخاطرهم الحقيقه الوضع كان لطيف ومش هنسي اليوم ده من لُطف الناس دي.
مفيش شيء ثابت والناس في حياة بعض محطات.. هتقابل المحطة اللي بتتمنى تخرج منها بسرعة بسبب تُقل وجود اللي بتقابلهم فيها، وهتقابل المحطة اللي بتتمنى تفضل عايش فيها العمر كله بسبب لُطف أصحابها.. في الحالتين محدش بيكمل في محطة واحدة للأبد بس في نفس الوقت وبسبب جمال وجدعنة الناس الأنقياء الأسوياء محدش بينسى أصحاب المحطات اللطيفة اللي مرينا عليها.. قالوا زمان إن معرفة الناس كنوز عشان مفيش إنسان هتعرفه حتى ولو للحظة ومش هتستفاد من وراه.. بعد أي تعامل مع أى إنسان: يا بتكسب شخص مدى الحياة، يا بتكسب درس مدى الحياة.