قطع العلاقات التجارية بين أنقرة وتل أبيب.. اقتصادي وسياسي تركي للقاهرة 24: بداية سلسلة من الإجراءات لمعاقبة إسرائيل
أعلنت أنقرة رسميًا، أمس الخميس، قطع جميع الصادرات والواردات من وإلى إسرائيل ضمن قرار قطع العلاقات التجارية مع تل أبيب، مشيرة إلى تفاقم المأساة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، بعد قرابة 7 أشهر من الحرب الوحشية بحق المدنيين.
وقال وزير التجارة التركي عمر بولات، في تصريحات له اليوم الجمعة، إن وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل سيستمر حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة وكذلك تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى القطاع.
وأحدث هذا القرار الذي قد يكون تأخر بعض الشيء، حالة من الغضب في حكومة بنيامين نتنياهو، حتى قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إن بلاده ستفعل كل ما بوسعها لتدمير الاقتصاد التركي، على خلفية قطع العلاقات التجارية في الوقت التي أصبحت فيه إسرائيل في أشد الحاجة لهذا النشاط التجاري.
حاز هذا القرار على اهتمام كبير من وسائل الإعلام الدولية وكذلك رواد التواصل الاجتماعي، كما أثار عدة تساؤلات نجيب عنها في التقرير التالي.
ويقول يوسف كاتب أوغلو السياسي والاقتصادي التركي، في حديثه للقاهرة 24: قرار تركيا بوقف جميع عمليات التصدير والاستيراد مع إسرائيل، تم البدء به، أمس الخميس، ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقوم بها تركيا ضد الممارسات الوحشية وارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين.
وأضاف يوسف أوغلو، أن مثل هذه القرارات تعد بمثابة تسلسل تدريجي لما تنوي تركيا اتخاذه من عقوبات على الكيان الإسرائيلي، والتي بدأتها منذ الشهر الماضي بتقييد التجارة مع إسرائيل شملت 54 بند من بنود التجارة منها الحديد والصلب ومواد البناء ومواد أخرى تم تقييدها وفرض عقوبات عليها.
وأكد أوغلو أن إعلان وزير الخارجية التركي، الأربعاء الماضي بقرار وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل هو ما يؤكد أن تركيا تؤيد وتدعم الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية، لما يرتكبه في غزة، فلابد من محاكمة مرتكبي هذه الجرائم التي ترتقي أن تكون جرائم إبادة بل هي حرب ضد الإنسانية.
واستكمل أوغلو: الآن دخلت العلاقات بين تركيا وإسرائيل إلي نقطة اللاعودة في المجال الاقتصادي والتجاري إذ قررت تركيا أن تقطع علاقاتها ومنع أي تصدير إلى الكيان الإسرائيلي وكذلك منع دخول السفن الإسرائيلية إلى تركيا في خطوة للضغط على إسرائيل من أجل وقف الحرب على غزة، وكذلك لإرجاع الجيش الإسرائيلي عن قراره في اجتياح رفح، واستمرار ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين في غزة.
وأشار أوغلو إلى أن الخطوة التركية، ربما جاءت متأخرة لكنها جاءت لتعبر عن ما يجب القيام به من فرض عقوبات رادعة على إسرائيل، وكذلك نزولًا على رغبة الشعب التركي.
ولفت أوغلو إلى أن تركيا وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس عقوبات تجارية واقتصادية على إسرائيل والآن تدعم المسألة القانونية، مطالبة بمحاسبة ومعاقبة الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها، الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء ما يزيد عن 110 آلاف في رقم من الصعب تقبله ونحن في هذا العصر الحديث وسط دعم من بعض الدول لإسرائيل في السلاح واعطائها التفويض الكامل للحرب على غزة.
ردود الفعل الإسرائيلي على قرار تركيا قطع العلاقات مع تل أبيب
ويقول يوسف أوغلو، أن ردود الفعل الإسرائيلية، ومنها تصريحات وزير الخارجية بأن هناك دكتاتور يتحكم في مصالح تركيا ويسيء لمصالح تركيا وكذلك خرق الاتفاقيات بين البلدين، ما هو إلا هراء لا قيمة له عند الشعب التركي، الذي يعلم جيدًا من هو الديكتاتور ومن يرتكب جرائم الحرب، فالأولى به أن ينظر إلى رئيس وزراءه وحكومته وما يرتكبونه من جرائم بحق الفلسطينيين من تطهير عرقي وإراقة دماء في حرب تخطي فيها كل الخطوط الحمراء.
واستكمل: الاتفاقية التي ذكرها وزير الخارجية الإسرائيلي، فمن باب أولى أن يرى أن الاتفاقات الدولية تجرم ما يرتكبه جيش الاحتلال من إبادة وحصار وتجويع بحق الفلسطينيين.
وتابع أوغلو: الجانب الإسرائيلي أصبح منبوذا من كل دول العالم، لاستمراره في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين في غزة، وجدير بالوزير الإسرائيلي أن يعلم أن الاتفاقيات الدولية تلزمهم بوقف شلال الدماء في غزة والمستمرة منذ نحو 7 أشهر، فلا قيمة لأي اتفاقية في ظل انتهاكهم لكل الإتفاقيات.
وواصل: الانعكاسات الاقتصادية على هذا القرار ستكون نتائجها مؤلمة على الكيان الإسرائيلي، أما تركيا فهي بلد اقتصادي، أن الصادرات التركية يمكنها أن تنتقل إلى وجهات أخرى غير تل أبيب.
وتابع: نعلم أن الكيان الإسرائيلي هو دولة مستوردة بقو، وعلى وجه الخصوص، منذ بداية الحرب على غزة، وبالرغم من التقييد التجاري من قبل الحكومة التركية على الصادرات لنحو 54 منتجا تجاريًا، إلا أن الصادرات التركية إلى إسرائيل ارتفعت لتصل إلى نحو 430 مليون دولار خلال الشهر الماضي، وهذا يدل علي أن إسرائيل بحاجة ماسة إلى تدارك النقص الشديد في منتجاته في جميع الأصعدة.
كيف استعدت تركيا لتبعات قرار قطع العلاقات مع إسرائيل
واختتم أوغلو حديثه حول استعدادات تركيا لتبعات القرار قائلا: أتوقع أنها ستتعرض لضغوطات أخري، وعلى سبيل المثال النظام المالي، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والداعمين للكيان الإسرائيلي، ولكن بالمقابل تركيا لديها الكثير من البدائل للتغلب على هذه الخطوة، إذ أنها لم تتخذ هذا القرار إلا بعد دراسة قوية وتقوية العلاقات الاستراتيجية مع حلفاء أقوياء نذكر من بينهم روسيا وخصوصًا اتفاقيات الغاز وتحويل تركيا لمحطة لتصدير الغاز الروسي إلى كل أنحاء أوروبا.