مستغلة ضغوط المرشح بايدن وعائلات الأسرى.. حماس تلقي كرة النار في ملعب نتنياهو
الكرة لم تعد الآن في ملعب حماس، وبات على إسرائيل أن تحسم موقفها سريعا بشأن الحرب في غزة، تحت ضغوط غير مسبوقة من الشارع الإسرائيلي وعائلات الأسرى، ومن الإدارة الأمريكية التي تضع عينها على الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تتهاوى فيها فرص بايدن سريعا، بسبب معارضة الشباب لسياسته تجاه الحرب.
حماس تلقي كرة النار في ملعب نتنياهو
وعلى مدار الأسابيع الماضية التي شهدت مفاوضات متكررة غير ناجحة، ردد الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وعدد من نظرائه الغربيين، مقولة أن الكرة في ملعب حركة حماس، لإلقاء اللوم والضغوط على الحركة في التوصل إلى اتفاق يضمن الإفراج عن الأسرى في غزة.
وفي خطوة مفاجئة مساء اليوم، بادرت حركة حماس إلى إعلان موافقتها على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار الذي قدمته مصر في وساطتها لإنهاء الحرب على غزة، وجاءت مبادرة الحركة الفلسطينية، في وقت ترقب فيه الجميع مدى قدرة المفاوضات على تصعيد الاحتلال عملياته العسكرية في رفح منذ صباح اليوم.
وكان من المقرر أن يصل وفد حماس إلى القاهرة غدا، بعد مغادرته إلى الدوحة للتشاور بشأن مقترح الاتفاق أمس، لكن تقارير عدة أشارت إلى أن الهجوم الإسرائيلي على رفح، والذي بدأ مع صباح اليوم، يضع الاتفاق في مهب الريح.
حماس توافق على وقف إطلاق النار
وفي خطوة مفاجئة، بادرت حماس بإعلان موافقتها على مقترح وقف إطلاق النار، خلال اتصال هاتفي لرئيس الحركة إسماعيل هنية، مع رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية القطري، ليلقي الكرة في ملعب إسرائيل.
كرة النار في يدي نتنياهو
فور إعلان حركة حماس، موافقتها على مقترح الاتفاق، سارع أهالي المحتجزين الإسرائيليين إلى الاحتجاج ومطالبة نتنياهو وحكومته بالموافقة على الصفقة وإعادة ذويهم من قطاع غزة.
وحسب تقارير إسرائيلية، أغلقت عدة عائلات من ذوي المحتجزين في غزة، طريق رئيسي في تل أبيب، مطالبين الحكومة بالموافقة على صفقة إطلاق سراح ذويهم، وقال بعضهم في تصريحات تلفزيونية موجهين حديثهم لنتنياهو: كن شجاعا، كن قائدا، يجب على الحكومة ومجلس الوزراء الحربي قبول الصفقة، نحن بحاجة إلى عودة الرهائن.
وعبر أهالي الأسر عن غضبهم من نتنياهو، واتهموه بإفشال الصفقات واحدة تلو الأخرى، وقال أحدهم بحسب تقرير عبري تلفزيوني: إذا فوتت حكومتنا ورئيس وزرائنا هذه الفرصة، وربما هي فرصتنا الأخيرة لرؤية أحبائنا -الأسرى في غزة- فسيخرج جميع الإسرائيليين وستحترق الشوارع وتحترق البلاد، لا يمكنك اللعب بحياة الناس بهذه الطريقة.
وأمس الأحد، أشارت تقارير عبرية، بأن وزير الدفاع الإسرائيلي يواف جالانت، طالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالموافقة على المقترح المصري لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، خلال اجتماع المجلس الحربي الإسرائيلي، ونقلت التقارير العبرية، عن جالانت أنه لا يمكنه قول ذلك علنا حتى لا تزيد تكلفة الصفقة على إسرائيل.
ونقلت قناة كان التابعة لهيئة البث الإسرائيلية، عن جالانت قوله في اجتماع مجلس الحرب، إن الصفقة جيدة ويجب الموافقة عليها، وأنها فرصة لإعادة الأسرى المحتجزين بغزة.
وفي سيناريو متكرر، أبدى نتنياهو تحفظات على الصفقة، في حين حظي مطلب جالانت بتأييد أعضاء مجلس الوزراء الحربي، وفق القناة.
وبعد الاجتماع ظهر جالانت، علنا ليتوعد حركة حماس بالحرب واجتياح رفح، ومواصلة ملاحقة الحركة، فيما يبدو أنه موقف مخالف لما أبداه في الغرف المغلقة، "حتى لا تزيد تكلفة الصفقة، بحسب رأيه.
بايدن وضغوط الانتخابات الأمريكية
من جهة أخرى، لم تعد أمريكا ترغب في رؤية مشاهد القتل والدمار في غزة، مع اقتراب الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر المقبل، والتي تتهاوى فيها سريعا فرص الرئيس الأمريكي، بسبب موقفه من الحرب على غزة، وهي خسائر لا يمكن لبايدن أن يتحملها في ظل سباق محموم أمام دونالد ترامب.
وترغب واشنطن في وقف فوري لإطلاق النار وهدوء في القطاع، مع إعادة الأسرى المحتجزين في غزة إلى ذويهم، حتى يتمكن بايدن من ترميم شعبيته في الشارع، فأنصار المرشح الديمقراطي، ولا سيما فئة الشباب التي تمثل عاملا حاسما في سباق الانتخابات، أبدوا غضبهم من موقفه تجاه الحرب ودعمه اللا محدود لإسرائيل.
وظهرت الاحتجاجات على سياسة بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، والتي سجلت فيها الأصوات الاحتجاجية في الصناديق، أعدادا غير مسبوقة، كما اجتاحت الجامعات الأمريكية موجة عارمة من الاحتجاجات المنددة بحرب إسرائيل على الفلسطينيين في غزة، وموقف واشنطن منها.
وفي ظل سباق محموم مع ترامب، لا يمكن لبايدن أن يخسر أي صوت، لا سيما فئة الشباب التي تمثل عاملا حاسما، ويعني عزوفهم عن التصويت لبايدن، حتى وإن لم يصوتوا لترامب، فإنهم يفتحون الطريق أمام المرشح الجمهوري للتقدم، فبعض الولايات حسمها بايدن في الانتخابات الماضية 2020 بفارق عشرات الآلاف من الأصوات، ويعني خسارة مثل هذا العدد، فوز ترامب.
وبحسب استطلاعات للرأي فإن بايدن قد كثيرا من التأييد منذ بداية الحرب على غزة، وتضع هذه الحسابات الإدارة الأمريكية تحت ضغوط لإيقاف الحرب ولو مؤقتا، وستمارس بدورها ضغوطا كبيرة على إسرائيل.
وتمثلت إحدى أهم مظاهر هذه الضغوط، إيقاف أمريكا قبل أيام، شحنة أسلحة كانت متجهة لإسرائيل، في خطوة غير مسبوقة هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب.