وكيل الأزهر يحذر الشباب: مغرضون يحاولون تشويه القدوات والإساءة إلى الرموز
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن النسخة الثالثة من ملتقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعنوان «اسمع وتكلم» تمثل حلقة جديدة في سلسلة متصلة بدأت نسختها الأولى في شهر مايو عام 2018م، وتتأكد أهمية هذا الملتقى في ظل عالم مشحون باشتباكات فكرية، واستقطاب حاد، ومحاولات مستميتة لتدمير دول وشعوب باستخدام أساليب متنوعة، تستهدف المادة الصلبة للوطن، وهم الشباب، وتسعى إلى قطع الشباب عن عقيدتهم، وتاريخهم، وهويتهم.
وأضاف وكيل الأزهر، اليوم الأربعاء، خلال كلمته بالملتقى الذي عقد بمركز الأزهر للمؤتمرات، أنه وإذا كان لكل أمة ثروة تعتز بها، ورصيد تدخره لمستقبلها وقوة تبني عليها مجدها ونهضتها، فإن في مقدمة هذه الثروة الشباب الذي يعد الدعامة الأساسية في المجتمع، والثروة الحية الحقيقية فيه، والأمل المرتجى على الدوام. وإن من مظاهر التحضر والرقي لدى الأمم أن تعنى بالشباب، وأن تهيئ لهم ما يجعلهم رجالا أكفاء أقوياء تقوم الأوطان على سواعدهم.
وقال فضيلته إن عنوان الملتقى ينبه الجميع إلى مهارة حياتية أوشكت أن تفقد من حياة الناس على اختلاف درجاتهم ومستوياتهم، وهي مهارة الكلام والاستماع؛ وعلومنا الأزهرية تخبرنا أن الكلام هو اللفظ المفيد على حد تعبير جمال الدين ابن مالك في قوله: كلامنا لفظ مفيد كاستقم * واسم وفعل ثم حرف الكلم.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن الكلام ليس مجرد حركة اللسان في فم الإنسان، فما أكثر المتكلمين إذا، وإنما الكلام الذي نعنيه هو على حد قول الحسن البصري رحمه الله تعالى: «لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك، وقلب الجاهل من وراء لسانه، فإن هم بالكلام تكلم له وعليه»، وهو المعنى هو الذي اختصره الأخطل في قوله: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
مغرضون يحاولون تشويه القدوات والإساءة إلى الرموز وتهوين الشر
وبين وكيل الأزهر أن الإسلام عقيدة صافية تنير قلب المؤمن، وشريعة تنبض بما يصلح حال الإنسان في حياته ومعاده، ومنظومة أخلاقية سامية تعطر حياة المجتمع؛ فيفوح منها أريج السلام والطمأنينة، ولقد ظلت الأمة الإسلامية وشعوبها المؤمنة في كل بلد وعصر وجيل متمسكة بإسلامها محافظة على دينها ومقدساتها، معتزة بقيمها وأصالتها عاملة على اجتماع شملها وكلمتها واعية برسالتها مقدرة لمكانتها الحضارية بين الأمم، فلم تنطفئ أنوار الإيمان فيها، بل كانت الأمة الإسلامية تتمتع دائما بعقول مستنيرة تدرك النص وتستوعب الواقع فتربط برباط وثيق بين الأصالة والمعاصرة، فتزداد الأمة إيمانا ويقينا بربها وتمسكا بمبادئ دينها وأخلاقه.
وحذر وكيل الأزهر الشباب من خطر المغرضين الذين يحاولون تقبيح الحسن، وتحسين القبيح، ويحاولون تشويه القدوات والإساءة إلى الرموز، ويحاولون تهوين الشر في نفوسكم حتى لا يكون لكم هوية ثابتة تعصمكم وتحفظكم، وكلنا وكل مسؤول أمين يدرك أن المسئولية الملقاة على عاتق مؤسسات الدين وعلمائها كبيرة في ضرورة قراءة واقع الناس وما فيه من تحديات في كل مجالات الحياة: سياسة واقتصادا واجتماعا وتربية وغير ذلك، وضرورة تقديم خطاب مواز يقابل الخطاب المنحرف، فيصون عقيدة الناس وإيمانهم بربهم، ويحفظ عليهم مقدرات مجتمعاتهم، ويبقيهم آمنين مطمئنين.
وفي ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر الجميع إلى التكاتف أفرادا ومؤسسات، شعوبا وحكومات، أمما ومجتمعات، كي نواجه هذا التيار الجارف الذي يريد أن يفقد أبناؤنا فيه هويتهم وأن يتحللوا من قيم دينهم، وأن يتنكروا لمبادئه وقيمه وأخلاقه، وإن ما يتعرض له الشباب من استهداف خطر يوجب أن تسخر كل الإمكانات لمواجهته والقضاء عليه، لما فيه من نتائج سلبية، وإن واجب الوقت يحتم علينا جميعا أن نستمع للشباب قبل أن نتكلم معهم، فلديهم السؤال وعلينا الإجابة والتوجيه والنصح.