عالم بالأوقاف: سيدنا ذو النون المصري كان من أخميم في سوهاج وأصله نوبي
قال الشيخ شهاب الأزهري، إن سيدنا ذو النون المصري الأخميمي وُلِد في أخميم بسوهاج، واسمه المعروف هو ثوبان ابن إبراهيم، بينما يقول البعض إنه الفيض ابن إبراهيم.
عالم بالأوقاف: سيدنا ذو النون المصري من أخميم فى سوهاج
وذكر الشيخ شهاب الأزهري، خلال حلقة برنامج حياة الصالحين، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن والده كان من النوبة، وتوفي في سنة 245 من الهجرة، أي في منتصف القرن الثالث الهجري.
وأشار إلى مكانة ذو النون، قائلًا: لقد كان له شأن عالٍ جدًا بين الصالحين، حتى قيل إنه ليس له نظير في علوم السلوك والزهد، موضحا أن سيدنا ذو النون كان من كبار الأولياء علمًا وورعًا وحالًا وأدبًا.
وأضاف: هؤلاء الصالحون الربانيون الذين حفظوا الله، اطمأنوا إلى حفظه لهم، وعرفوا الله في الرخاء، فاطمأنوا إلى معرفته في الشدة، كانوا لا يرون معه سبحانه أحدًا في تدبير الأمور، وهذا ما جعلهم مميزين في حياتهم.
وتحدث عن محنة سيدنا ذو النون، فقال: اعتبرت محنته منحة، وكانت عبارة عن اختبار من الله ليظهر مدى صبره وثباته في الأوقات الصعبة، فقد كان لا يشعر في طيلة محنته إلا بمعية الله عز وجل، وكان يأنس في محنته بمعية الله، ثم وصف الشيخ سيدنا ذو النون، فقال: كان رجلًا نحيفًا، ويعلوه حمرة تدل على أصله النوبي، ولم تكن لحيته فيها شيب.
وأكد الشيخ: نحن نحب سيدنا ذو النون، ومن حقه علينا أن نتعرف عليه ونعرف الناس به، لأنه عالم وصوفي ورجل أخلاق وعبقري من العبقريات، وكمان مصري.
وعن بداية شأنه، قال إن ذو النون، قال عن نفسه: كنت شابًا صاحب لهو ولعب، كما هو حال كل الشباب لكنني بعد ذلك حجيت إلى بيت الله الحرام، وكان معي بضاعة صغيرة في المركب من مصر، موضحا: لا يعني أنه كان سيئ الأخلاق، حاشا لله، بل كان يعيش الحياة العادية للشبان الذين قد لا يهتمون بما يفيدهم.
شهاب الأزهري: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا
فيما، روى الشيخ شهاب الأزهري، من علماء وزارة الأوقاف، قصة مؤثرة عن سيدنا ذو النون المصري، الذي مر بتجربة تعكس كيف يمكن للإنسان أن يعيد تقييم أولوياته في الحياة، حيث تبرز هذه القصة كيف أن الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا، وكيف أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق الكافي لعباده.
وقال الشيخ شهاب الأزهري: سيدنا ذو النون المصري له قصة مع قضية الانشغال بالرزق، نحن جميعًا نعرف أن الرزق مضمون وبيد الله سبحانه وتعالى، فقد قال ربنا في القرآن: وفي السماء رزقكم وما تعدون، ثم أقسم بعد ذلك بقوله: فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنتم تنطقون، وأيضًا في آية أخرى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.
وأوضح أن سيدنا ذو النون أراد الخروج من مصر، بمعنى أنه كان يريد أن يترك بلده، لكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يربيه ويؤدبه، فتابَ وحصلت له الفتوح بعد ذلك.
وأضاف: ما هي القصة التي حدثت؟ هو بنفسه رواها، فقد قال يوسف بن الحسين: 'حضرت مجلس ذو النون في يوم من الأيام، فجاء رجل اسمه سالم المغربي، فقال له: يا أبا الفيض، ما سبب توبتك؟ ما الذي جعلك تتوب؟' فقال ذو النون: 'عجب لا تطيقه.' فقال سالم: بالله عليك، أخبرني.. فقال سيدنا ذو النون: 'كنت أريد الخروج من مصر إلى بعض القرى، وفي الطريق نمت.. ثم استيقظت في الصحراء، فإذا بي أجد شيئًا يُسمى قنبرة عامية، وهو طائر صغير كان أعمى، وقع من وكره على الأرض.. وفجأة خرج من الأرض سُكرّجتان، يعني طبق صغير من فضة وآخر من ذهب، واحد فيه سمسم والآخر فيه ماء.'. وأشار إلى أنه كان ينظر إلى الموقف أمامه، حيث كان الطائر الأعمى قد أخرج له ذلك، ويشرب من الماء ويأكل من ذلك، بينما هو عبد من عباد الله يريد أن يترك بلده.. فقال: حسبي قد تبت ولزمت الباب حتى قبلني الله عز وجل.
وخلص الشيخ شهاب إلى القول: هذه قصة عادية جدًا تحدث كل يوم، والناس تمر بها بشكل عادي، لكن مع سيدنا ذو النون، أثارت في نفسه أشياء كثيرة جدًا.. الحياة مليئة بالعبر، وربنا هيأ نفس سيدنا ذو النون في تلك الساعة، فاستفاد من العبرة في هذه القصة.. وأصبح ذو النون بعد ذلك مضرب المثل في الطاعة والعبادة والحب والزهد وفي كل شيء.