موظف الأوبرا مُنتحر أم مقتول.. مَن الظالم ومَن المظلوم؟
ما الدافع الذي يدفع رجلا لديه 3 بنات أن يُقدم على الانتحار؟ رجل بشوش كان مقبلًا على الحياة، لديه خطط وأحلام يسعى لتحقيقها، ويُشهد له بـ الخُلق والإخلاص في العمل، ما الذي يدفعه للانتحار؟ هل لحظات الضعف مع ظروف الحياة غير الآدمية؟ أم الانفعال الشديد وقت الأزمة هو ما يذهب العقل؟ أم أصبح مرهفو الحس أصحاب المشاعر الرقيقة يُعاقبون بسبب قسوة البشر؟ جميعها تساؤلات تتبادر إلى الأذهان، والجواب في قضية هاني عبد القادر، الجريمة التي هزت دار الأوبرا بسبب الكواليس المنتشرة.
مساء يوم الجمعة 31 يناير الماضي، تحولت حسابات موظفي الأوبرا على مواقع التواصل إلى دفاتر عزاء، جميعهم ينعون زميلهم هاني عبد القادر، هذا الرجل الذي قِيل إنه ألقى بنفسه في النيل منذ أسبوع، وذلك بعد خلاف وتبادل اتهامات بينه وبين اثنين من زملائه في العمل، اتهماه بأنه لص سرق سلكا نُحاسيا، وهو الأمر الذي جعله يشتاط غيظًا، ويرفض هذه التهمة التي تلوث تاريخه طوال عمله في الأوبرا.
تفاصيل انتحار موظف دار الأوبرا
وبعد لحظات من الوفاة، نُسبت رسالة لـ هاني عبد القادر، احتوت على عبارات تدل على ظلم شديد تعرض له، وَفق ما جاء بها، وجاء نصها: ستراني في عقوق أبنائك، ستراني في غدر من حولك، ستراني في هجر أصحابك، ستراني في دعائك الذي لا يُستجاب، ستراني في أحلامك المحطمة والتي لا تحقق، ستراني في مرضك وضعفك وفشلك، والله العظيم أسألك بأنك ستراني.. المرحوم هاني عبد القادر.
القاهرة 24 حقق في الأمر، وبطبيعة الحال كان لا بُد من ظهور الأسرة، لمعرفة الحقيقة والسبب وراء الانتحار، وفي أول ظهور لهم حرصوا على نفي الأخبار المتداولة بشأن انتحار هاني عبد القادر، فـ انفعل شقيقه خلال اللقاء، وأكد أن الرسالة المنسوبة للراحل ليست من كتابة يده، قائلًا: ده مش خط أخويا، أنا عارف خطه، مين اللي كتب الرسالة دي؟ أخويا مكنش عنده مشاكل نفسية نهائيًا؟! كان ملتزما دينيًا، هو اللي كان شايل الأسرة وبيدير شؤونها.
كما أكد زوج شقيقة الراحل، أن هاني تعرض لـ ظُلم بيّن، بعد أن شهد مع زميلته ضد موظف مسؤول داخل دار الأوبرا، إذ ادعى أن هناك مكيدة تم تدبيرها ضدّ الراحل، اتهموه فيها بالسرقة والاختلاس للنيل من سمعته، وهو الأمر الذي قهره، وربما دفعه للانتحار، موضحًا: هاني شهد مع واحدة زميلته في قضية على شخص مسؤول في الأوبرا، فكان الرد إنهم اتهموه بالسرقة والاختلاس في مشادة عنيفة بينهم، وهو الأمر الذي قهره، بعدها فوجئنا بشخص أتى للمنزل وترك محفظة هاني وهاتفه لابنته، دون البطاقة، ثم علمنا بأنه تم العثور على جثمانه في النيل، وبعد الانتهاء من الإجراءات؛ أمرت النيابة بتشريح الجثمان بعد إيجاد إصابة في رأسه، وشايفين إن في شبهة جنائية في الوفاة.
وبعد تعليق الأسرة، كان لا بُد من البحث عن زميلة هاني عبد القادر، التي أصرَّت أن ترد الجميل لـ الراحل، وتؤكد تصريحات الأسرة، قائلة في حديثها مع القاهرة 24: هاني كان انضف واحد فيهم، قابلته قبل وفاته بساعتين، كان متفائل وبيضحك ومُقبل على الحياة، إزاي شخص زيه يتخلص من حياته؟! وقف معايا في قضية السب والقذف لما اتهموني اتهامات باطلة، وشهدوا شهادة زور ضدي.. الله يرحمه هاني أنضف واحد قابلته.
وبالنسبة لـ الجهات المنوطة بالأمر، فـ قرر الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، فتح تحقيق عاجل في واقعة انتحار موظف دار الأوبرا، وقال الوزير في تصريح خاص: الوزارة تحركت بعد نشر القاهرة 24، وبالفعل شكلنا لجنة للوقوف على ملابسات واقعة إنهاء موظف الأوبرا لـ حياته، للتحقيق حول ما إذا كان تعرض لمظلومية أم لا؟
وبعد رحلة البحث ومرور أكثر من 48 ساعة على نشر الوفاة، خرجت رئيس دار الأوبرا عن صمتها، وتحدثت في بيانٍ رسمي عن الواقعة، بدأت بـ نعي هاني عبد القادر، كما أعلنت أنه جارٍ اتخاذ الإجراءات اللازمة لصرف المستحقات المالية لأسرته، ودراسة دعمهم ورعايتهم بما يليق بجهوده الذي قدمه طَوال مدة خدمته.
وبجانب النعي وإعلان الأوبرا صرف مستحقاته المالية ومساندة أسرته، حرصت رئيس الأوبرا على إبراز جهود الأوبرا في الفترة السابقة، قائلة إن الأوبرا حققت مكانتها المميزة على الساحة الإبداعية، بسبب إخلاص وتفاني جميع أبنائها من العاملين بمختلف إداراتها، مشيرة إلى أن الموضوعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي والخاصة بملابسات رحيله، قيد التحقيق من الجهات المختصة.
وفي النهاية، ما زال الأمر قيد التحقيق، ويجري رجال المباحث تحرياتهم لكشف تفاصيل الواقعة، سواء كان قتلا أم انتحارا، لكن تظل الأيام كفيلة بكشف الحقيقة حتى لو مات المظلوم، وظنَّ الظالم أنه أفلت من العقاب، فـ حتمًا هناك يوم سُترد فيه المظالم.
ويحذر موقع القاهرة 24 من الانتحار، مطالبًا من تراودهم مثل هذه الأفكار التوجه إلى طبيب نفسي في محاولة لحل مشكلاتهم، وما قد يتعرضون له والتفكير بإيجابية حول استمرارية الحياة التي منحها الله للإنسان، حيث يأمل القاهرة 24 الذهاب إلى الطبيب المختص، وعرض أنفسهم على المعنيين لحل المشكلة.
وتعمل الدولة على تقديم الدعم للمرضى النفسيين؛ من خلال أكثر من جهة خط ساخن، لمساعدة من لديهم مشاكل نفسية، أو رغبة في الانتحار، أبرزها الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية، بوزارة الصحة والسكان، لتلقي الاستفسارات النفسية والدعم النفسي، ومساندة الراغبين في الانتحار، من خلال رقم 08008880700، 0220816831، طول اليوم.
